نعيش في زمنٍ يعرف فيه الإنسان كلَّ شيءٍ عن العالم... إلا نفسه. يتابع الأخبار في كل قارة، يحلل الأزمات، يحفظ تفاصيل حياة الغرباء على الشاشات، لكنه لا يجد عشر دقائق يسأل فيها: ماذا يحدث في داخلي أنا؟ اليوم لا يحتاج...
كان الناس قديماً يخافون من جهلهم... اليوم نخاف من ذكائنا. ليس لأن الآلات بدأت تفكّر، بل لأن الإنسان بدأ يتنازل عن ضميره كلما ازدادت أدواته ذكاءً. صارت التقنية تُنجز عنه، حتى كاد ينسى لماذا يفعل ما يفعل. أطفالنا اليوم...
لم نُخلق لنركض طوال الوقت، لكننا حوّلنا الركض إلى طقسٍ يومي، وعبدنا القمّة حتى نسينا الطريق. نطالب أبناءنا بأن يكونوا «الأوائل»، ثم ننسى أن نسأل: ولِمَ أصل أصلاً؟ صار النجاحُ لافتةً على الجدار أكثر منه حياةً تُعاش،...
لماذا نُسلِّم أبناءنا لمدارس لا نعرفها إلا من الإعلانات؟ لماذا نجعل القبول امتحاناً للطفل... ولا نجعل المدرسة تمتحن نفسها أمام أسئلتنا؟ يوم قرّرتُ اختيار مدرسةٍ لبناتي، كتبتُ ما في قلبي من هواجس وأسئلة، ثم عدتُ إلى...
في كل مقطع «ريل» يضحك جيلٌ كامل... ولا يرى أن ضحكته تذوب ببطء. ضحكٌ سريع، فرحٌ يبرق ثم يخبو، وقلوبٌ تتعلّم كيف تُخفي وجعها بفلتر، وكيف تقول «أنا بخير» بإيموجي. نسألهم: كيف حالكم؟ يبتسمون. لكن خلف الابتسامة شاشةٌ باردة،...
في كل صباح، يدخل الطلبة إلى صفوف متشابهة: نفس الترتيب، نفس المقاعد، نفس السبورة، نفس الطريقة. يُلقَّن المنهج، يُحل الواجب، يُعاد الامتحان... ثم يُقاس كل شيء بدرجة. وبعد كل هذا، نسأل: لماذا لا يُبدع أبناؤنا؟ كيف نطلب من...
كانت ترى الوجوه...تحفظ الأسماء... وتُبحر مع العقول. أما اليوم، فالسبورة نفسها أصبحت مجرد شاشة صمّاء، تُعرض عليها شرائح بلا معنى، وتختبئ خلفها نظرات غائبة... وعقول مشغولة بأجهزة أخرى. ما عادت السبورة تلمح ابتسامة...
في زمن الواجبات الذكية، لم يعد السؤال: «هل كتب الطالب؟»، بل: «من كتب؟». يقضي الطالب نصف ساعة في ترتيب سؤاله للآلة... وخمس دقائق في تسليم الواجب. الإجابات مثالية، اللغة أكاديمية، الاقتباسات مضبوطة... لكن لا أحد يعرف: هل...
تهميشٌ ناعم... لإقصاءٍ صامت. في زمن تُوزَّع المناهج بالتوصيل السريع، وتُطبخ السياسات التعليمية خلف الأبواب المُغلقة، يُستبعَد صاحب الرسالة، ليُصبح موظف تنفيذ، لا شريك بناء. يُستدعى عند التنفيذ... ويُقصى عند التخطيط. أيها...
ليس كل من يقف أمام السبورة معلّماً، بعضهم ناقل للمعلومة... وبعضهم صانع للإنسان. رحل د. جاسم ملك قبل أيام، فشعرتُ أن الكويت لم تفقد شخصاً، بل فقدت مؤسسة تربوية تمشي على قدمين. كان ملك مختلفاً، لم يكتفِ بإلقاء الدروس، بل...