كان يحب أن يجمع الأصدقاء والصديقات والمعارف، بل يعشق الجمع على موائد عامرة في مساءات بيروت الصاخبة، وتبدو شقته على ذاك الشارع المتفرع من الحمرا أكثر حيوية وضجة من كل مقاهي مار مخايل والجميزة وبدارو مجتمعة. في تلك الليلة...
بعض ما يجري على هامش الإبادة هو أكثر إثارة ربما للنفور أو التقزز أو حتى للغضب. من يريد أن يستمر في الحياة كما كانت بروتينها، بل ببلاهتها، فهو حُر طبعا، بل يملك كامل الحرية في أن يغلق ما يستطيع من النوافذ المُشرعة عبر شاشات...
لا شيء يعادل مشهد الموت في الذاكرة... لا شيء. خصوصاً إذا كان الموت دون نهايات، بمعنى ألا يستطيع الفرد منا أن يدفن موتاه ويذرف دمعاً غزيراً، ثم يلملم الصور والذكريات ليخزنها، ربما ليستطيع لاحقاً، إذا ما سمحت له آلة القتل أن...
هناك كثير من «الفلاتر» للكلمات أو الأفكار، حيث يستخدمها بعضهم أما الآخرون فيقومون بتكديس التعابير التي يجرون نحوها لتنقذهم وقت تضيق الكلمات وتتبعثر الأحرف ويتلعثم اللسان، كلما سخن الحوار أو تحول إلى مجرد أفكار تتصارع...
بدأت الحكاية وكأنها مزحة وما لبثت أن تحولت إلى حوار في تفاصيل الرحيل وكيفية الدخول والوصول وتدحرجت اللحظة والكلام فكان أن قال لها «قرري الآن وإذا أردتِ الانضمام لهذه الرحلة مع جمعية السلام فعليك إرسال بياناتك سريعاً...
نتفهم أن هناك جيوشاً إلكترونية تملأ فضاءات كل وسائل التواصل، وتنشر كثيراً من سمومها، فهي كالجيوش المؤججة بالأسلحة «الذكية» وغيرها من أسلحة الإبادة، كلها جيوش للهدف نفسه، كثير من الموت على تنوعات الموت، فهو ليس بمذاق...
يسقط المساء كما كل نهايات الأيام أحياناً بتعب وأحياناً أخرى بالرحيل إلى مكان آخر لا يشبه النهار أو يخفف من حمله، وكثيراً ما تنتهي الأيام مؤخراً كما بدأت بمشاهدات أكثر عن مزيد من الإبادة والعالم أو بعضه يكتفي بالفرجة،...
عندما كتب أحد «الإنفلونسرز» في أميركا وآخرون في أوروبا من الفنانين والمشاهير والمهتمين بالشأن الإنساني ما معناه «كنا نتصور أننا نحرر غزة وجدنا أن غزة تحررنا»، لم يستوعب الكثيرون منا المعنى رغم أن الأحداث المتسارعة...
قال لي وهو الناصح والأكثر نضجاً ومعرفة ودراية بالحياة «يا عزيزتي الحياة لا تتوقف رغم الموت المجاور لها»، وصمت وهو يطيل النظر في الأفق البعيد رغم أننا جالسان في مقهى صغير وبعيد عن الأنظار حتى نستطيع أن نتحدث ببعض الحرية!!!...
يخوض الفلسطيني حربه وحربنا ضد الإبادة والتطهير العرقي الصهيوني وحده لا شريك له فيها سوى المقاومات العربية في لبنان والعراق واليمن، يموت الفلسطيني وحده ويضمد جراحه ويجوع وحده ويلملم أشلاء أهله ويكفنهم ويدفنهم وحده أيضا...