مشاهدات عبدالله بشارة بين الخارجية والأمم المتحدة الحلقة (4)

الانسحاب البريطاني دفع حكام «الساحل» لصياغة «كيان خليجي جماعي»

نشر في 14-07-2021
آخر تحديث 14-07-2021 | 00:04
يقدم الدبلوماسي المخضرم السفير عبدالله يعقوب بشارة في مؤلفه الجديد، عصارة تجارب امتدت ‏إلى سبعة عشر عاماً (1964 – 1981)، حددها في قضايا وأحداث كانت خلاصة ما وفرته له الظروف على مدى ‏ثلاثة عقود. ‏

مشاهدات أقرب إلى الذكريات، كانت حصيلة «قناعة حق التاريخ في تسجيل أحداثه» التي يعرفها ‏ووقف عندها، ولمس ثمارها. ‏

مشاهد سجلها بشارة من الذاكرة، أيام عاشها في وزارة الخارجية والأمم المتحدة، حيث حرص ‏على تدوين ما يهم القراء، وما له علاقة بالكويت وحياتها ومصيرها. ‏

اقرأ أيضا

بأسلوبه الجامع، الذي يميزه، وهذا ما تقع عيناك عليه، سواء في مقالته الأسبوعية أو في الكتب ‏التي أصدرها وباتت علامة فارقة وغنية بتاريخ الدبلوماسية الكويتية، يسرد «مسارات إنسان في مشاهد ‏الزمان» ويطل من خلال ثلاث محطات، عاش فيها وعايشها وتعلم منها وأخذته إلى مواقع لم يكن يتوقع ‏المرور فيها، أولها عمله مديراً لمكتب وزير الخارجية، والتي بدأت في يناير 1964 وانتهت في سبتمبر ‏‏1971، ثم دخل إلى مرحلة العولمة، حيث تم تعيينه مندوباً دائماً للكويت في الأمم المتحدة من عام 1971 إلى 1981، وخلال هذه الفترة شاهد الكثير، وتكلم أكثر، وتفتحت أمامه مسارات أوصلته إلى موكب ‏الكبار وأصحاب القرار المؤثر في مصير البشرية، ولا سيما في الفترة من 1978 إلى 1979، ليدون تلك ‏التجربة في كتاب صدر له في الثمانينيات تحت عنوان «عامان في مجلس الأمن». ‏

كانت تلك فترة خصبة شارك فيها بمداولات مجلس الأمن حول قرارات لها علاقة بالأمن العالمي ‏والسلم السياسي والاستقرار الاجتماعي، وترسيخ مبدأ حسن الجوار، لكي لا تشتعل النار بين الجيران مثل ‏تركيا واليونان وإسرائيل وسورية وغيرها.‏

ثم جاءت المرحلة الثالثة في مجلس التعاون الخليجي (مايو 1981) وبترشيح من الكويت، وتم اختياره ‏أول أمين عام للمجلس (1981 – 1993) حيث عاصر فيها اضطرابات عربية في حوض الشام وانقسامات ‏عربية مع تحرك الرئيس أنور السادات خلال الفترة من 1978 إلى 1979 لاسترجاع الأراضي المصرية ‏المحتلة. ‏

بعدها وقعت حرب العراق مع إيران (سبتمبر 1980) واستمرت ثماني سنوات، وتلاها الغزو ‏العراقي لدولة الكويت وواجب التحرير والافتراق العربي التاريخي مع تصويت 12 دولة مع تحرير البلاد بكل وسيلة ممكنة، وتهاون تسع دول رفضت دعمها، ومنها انهار النظام العربي ‏السياسي القديم وتعاظمت المشاعر الوطنية وتلاشت الجاذبية القومية، وتآكلت نبرة التضامن العربي ‏وسعى مجلس التعاون إلى نظام عربي جديد، وتلك الأحداث سجلها في كتاب أسماه «بين الملوك والشيوخ ‏والسلاطين». ‏

عبر الحلقات التالية، نستكمل بعض فصول كتابه الصادر حديثاً عن دار ذات السلاسل ‏للنشر والتوزيع، تحت عنوان «مشاهدات عبدالله بشارة».

موضوع استأثر باهتمام الكويت

انسحاب بريطانيا من شرق السويس، كان مفاجأة أمنية غير متوقعة، حيث جاء المستر روبرت ‏Roberts‏ إلى الخليج، حاملاً التأكيدات بالبقاء في صيف 1968، وعاد في الخريف من العام نفسه، ليبلّغ عن ‏الانسحاب، الأمر الذي دفع حكام المنطقة في الساحل إلى التواصل الجدي لصياغة كيان يسمح بالحفاظ، بشكل ‏جماعي، على أمن المنطقة. ‏

كان لا بدّ من اتخاذ قرارات مهمة نحو عمل جماعي خليجي يعوّض غياب الوجود البريطاني، لا سيما بعد تولّي الشيخ زايد ‏بن سلطان آل نهيان كامل السلطة في إمارة أبوظبي، بدلا من الشيخ شخبوط. ‏

وتابعت الكويت الوضع بالإمارات في حواراتها مع بريطانيا، وفي اتصالاتها مع الحكام، كانت الروابط بين الكويت ‏والخليج لها جذور قديمة، لاسيما بالتواصل المباشر بين أبناء الكويت، خاصة رجال البحر والتجارة مع علاقات خاصة ‏بين الأسر الحاكمة وأسرة الحكم في الكويت. ‏

تملك الكويت تاريخاً طويلاً وتواصلاً قديماً مع الإمارات بعلاقات متنوعة، فأول مدرسة شيّدتها الكويت كانت في إمارة ‏الشارقة عام 1953 بمبادرة من الشيخ صقر بن سلطان القاسمي، الذي أرسل رسالة إلى الشيخ عبدالله السالم يدعو فيها ‏إلى بناء مدرسة، ومع الوقت تكاثرت الطلبات على الكويت، ولذلك استعانت الكويت بجهود التاجر مرشد العصيمي، الكويتي ‏المقيم في دبي، للإشراف على بناء المدارس، كما أمّنت الكويت رواتب المدرسين والكتب والدراسات. ‏

كما تم تعيين المرحوم بدر خالد البدر القناعي مشرفاً على مكتب المساعدات في دبي، ولهذا سافر إليها عام 1962 ‏مفتتحاً المكتب الذي أطلق عليه «مكتب دولة الكويت» للإشراف على المساعدات، التي كانت تأتي من إدارة المعارف ‏ومن وزارة الصحة، وأصبحت هذه المساعدات تحت الإشراف العام للمكتب الذي افتتح رسمياً في يناير 1963، ومع ‏اتساع أعماله، بدأت المساعدات في التنوع ببناء مستشفى ومستوصفات ومدارس ومساجد.‏

في أبريل 1963، تلقى حاكم الكويت الشيخ عبدالله السالم برقية من رئيس اليمن العقيد عبدالله السلال الذي قام بانقلاب ‏عسكري ضد الإمام في ديسمبر 1962، وأحيل الطلب إلى مجلس الوزراء، الذي حوّله إلى مكتب مساعدات الخليج، ‏وفي اجتماع للجنة المساعدات إلى الخليج التي يرأسها معالي الشيخ صباح الأحمد، قررت الهيئة أن توسّع مسؤوليات ‏لجنة الخليج، لتشمل اليمن لبناء مدارس ومستشفيات، وفي ضوء هذا القرار ذهب المشرف العام السفير بدر الخالد مع ‏وفد من المسؤولين من عدة وزارات إلى اليمن لافتتاح المكتب في صنعاء، وتم تعيين اليمني أحمد قائد بركات مديراً ‏للمكتب. ‏

تم رصد أربعة ملايين دولار لتنفيذ برامج المساعدات في اليمن، واستمرت المساعدات التي توسعت ببناء جامعة ‏صنعاء وإسهامات في البنية التحتية، توقفت مع الغزو، وعادت عام 1994، تقديراً من الكويت لاحتياجات الشعب ‏اليمني.‏

وفي ضوء نجاح برنامج الكويت في الخليج، ونظراً للحماس الذي استقبل به أبناء الخليج المساعدات الكويتية، وبسبب ‏التهديدات الإيرانية ومخاطرها على أمن المنطقة، ناقش وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم بالقاهرة يوم 11 ‏مارس 1964، الوضع في الخليج في ضوء تلك التهديدات الإيرانية وضبابية الموقف البريطاني، واتخذت الجامعة ‏العربية قراراً بإرسال بعثة برئاسة الأمين العام للجامعة، عبدالخالق حسونة، وعضوية ممثلين شخصيين من الكويت ‏والعراق والسعودية إلى منطقة الخليج. ‏

مساعي الجامعة العربية

وتنفيذاً لهذا القرار، أرسل الأمين العام للجامعة رسالة إلى الشيخ صباح الأحمد يطلب فيه المساعدة في ‏تنفيذ القرار، وقد عيّن السيد بدر خالد البدر ممثلاً شخصياً لسمو الأمير عبدالله السالم، وعيّن مدير الإدارة العربية في «الخارجية» العراقية، د. محمود علي الداوود، ‏ممثلاً للرئيس عبدالسلام عارف، كما رشحت السعودية سفيرها في الكويت، ‏محمد المنصور الرميح، ممثلاً لجلالة الملك سعود بن عبدالعزيز، وأبلغت الجامعة بذلك. ‏

في 13 يونيو 1964، التقى الممثلون الشخصيون الثلاثة لمناقشة الوضع في الخليج، وتقرر أن يذهب الممثلون ‏كوفد ثلاثي من الجامعة العربية إلى الخليج، على أن يرسل الأمين العام للجامعة رسائله إلى حكام الإمارات التسع ‏‏(الإمارات السبع، إضافة إلى قطر والبحرين) يبلغهم بقرار الجامعة بالزيارة لتوثيق العلاقات مع الدول العربية، وتم ‏إسناد حمل الرسائل إلى الإمارات التسع، إلى ممثل الكويت، بدر خالد البدر، كما حمل البدر ‏ردود شيوخ الإمارات بالترحيب بالزيارة. ‏

في أكتوبر 1964 وصل إلى الكويت الأمين العام للجامعة ومعه وفد الجامعة في ‏الطريق إلى الخليج.

تطوّر مفاجئ

لم يكن وجود مصر في اللجنة سهلاً على بريطانيا، التي تعاني الإعلام المصري، ومن تشجيع القوات المصرية في ‏اليمن لتحريك اليمن الجنوبي وحكّامه ضد بريطانيا، وليس من السهل قبول بريطانيا وجودا مصريا رسميا في منطقة ‏الخليج، لذلك كان الشرط البريطاني أن تأتي المساعدات العربية عن طريق مكتب التطوير الذي يشرف عليه حكام ‏الإمارات بدعم بريطاني، ولم تكن أعماله تفي باحتياجات المنطقة.

كما حدث تطور مفاجئ، حيث اعترضت السعودية على توسيع عضوية لجنة الجامعة العربية الخاصة ‏بالخليج دون اتفاق سابق بين بقية الأعضاء، وأعلنت تحفّظها عن قرارات رؤساء الوزارات العربية، في اجتماعهم عام ‏‏1965، الذي قرر فيه انضمام مصر إلى اللجنة، كما دعا المعتمد البريطاني في الخليج حكام الإمارات السبع للاجتماع ‏لبحث وجود مصر في عضوية اللجنة العربية، لأنّ بريطانيا لا ترحّب بتوسيع عضوية اللجنة وتتحفظ عن مشاركة ‏مصر. وتطوّر الموضوع لوضع صيغة كويتية - سعودية تتعامل مع الوضع وفق الواقع السياسي الذي يستدعي تعاون ‏بريطانيا لإنجاح المهمة. ‏

وقد سبب هذا الموقف إعادة النظر بأسلوب الكويت في معالجة الوضع، بالتحرك فردياً أو ثنائياً مع السعودية، من أجل تجاوز السلبيات التي قد تبرز من تجميد مساعي الجامعة.‏

ضرورات الدبلوماسية المؤثرة

في أغسطس 1967 قام معالي الشيخ صباح الأحمد بزيارة إلى طهران وقابل الشاه، كما قابل وزير خارجيتها أردشير ‏زاهدي، وكانت أبرز القضايا التي أثارها الشيخ صباح هي الخليج والبحرين، وشعر بأن هناك مجالاً للتفاهم.‏

وصار معالي الشيخ صباح بعد زيارته إلى طهران يعمل على خطين، يحاول أن يؤمن لهما مساراً واحداً يؤدي إلى حل ‏المعلقات، تشكيل اتحاد الخليج، وحل موضوع البحرين مع إيران.‏

ومع قرار بريطانيا بالانسحاب من الخليج الذي أعلن مع مطلع عام 1968، تحرك معالي الشيخ صباح في فبراير ‏‏1968، في زيارة إلى جميع إمارات الخليج، كان الوفد مكوناً من معالي الشيخ صباح الأحمد، والشيخ سالم صباح ‏السالم، والسيد عيسى أحمد الحمد، والسيد بدر خالد البدر، وكاتب هذه السطور (أي بشارة)، وبمعيتنا د. وحيد رأفت، الخبير ‏المصري المميز، الذي كان رفيقاً للدكتور السنهوري في مجلس الدولة المصري، وكان عضواً بارزاً في حزب الوفد، ‏وله مكانة علمية وأدبية، يقدس النزاهة وحسن الخلق. ‏

أقلتنا طائرة عسكرية من الجيش الكويتي، واسعة لكنها غير مريحة، بدأ معالي الشيخ صبح الجولة بزيارة البحرين، ثم ‏قطر ومنها إلى أبوظبي ثم إلى دبي، والتقى مع معظم حكام الإمارات في دبي. ‏

كانت الرسالة التي حملها معالي الشيخ دعم الكويت للإمارات ومساندتها واعتبارها صديقاً وحليفاً في السراء والضراء، ‏وكانت المشاعر ودية ومتجاوبة مع هذا الطرح.‏

عدنا إلى الكويت بعد زيارة ناجحة، أراحت الأشقاء، وحسمت الترابط الكويتي-الخليجي.‏

كان سمو الشيخ صباح السالم، أمير الكويت، يستقبل حكام الإمارات تباعاً، في زيارات إلى الكويت، لتأكيد هذا الترابط ‏التاريخي-المصيري.‏

جاءت هذه الزيارات رداً على زيارة سمو الشيخ صباح السالم للإمارات التي قضى فيها وقتاً يبرز حرص الكويت على ‏سلامة المنطقة، وضرورات تأمين الاستقرار فيها، وكان يتحدث بإخلاص صادق لضم الشمل لمواجهة المجهول.‏

تشكيل الاتحاد

واتسعت الأفكار نحو تشكيل اتحاد من تسعة إمارات يتشكل من الإمارات السبع بالإضافة إلى قطر والبحرين. برزت ‏هذه الأفكار في فبراير 1968، واستكمالاً لتنفيذ هذا المشروع التساعي، التقى حكام الإمارات التسع في دبي بين 25-‏‏27 من فبراير 1968.‏

وحضر الاجتماع جميع حكام الإمارات، وجرت المداولات حول صلاحية المجلس الأعلى المكون من حكام الإمارات ‏التسع، والذي سيشرف على شؤون الاتحاد.‏

وحول هذا الموضوع يسجل المرحوم بدر خالد البدر، ممثل سمو الأمير لشؤون الخليج آنذاك في كتابه «رحلة في قافلة ‏الحياة» بأن الكويت رأت إيفاده إلى دبي بعد اللقاء التساعي، وأنه قابل الشيخ راشد بن سعيد حاكم دبي، ثم قابل الشيخ ‏أحمد بن علي آل ثاني، حاكم قطر، الذي انتقد اتفاق الحدود بين أبوظبي ودبي، وأن المملكة العربية السعودية وقطر ‏تتخوفان من امتداد نفوذ الشيخ زايد بسبب قدرته المالية، كما ذكر السفير بدر الخالد، بأنه قابل الشيخ زايد يوم الخامس ‏من مارس 1968، وكان الشيخ زايد متفائلاً بانضمام الإمارات الباقية للاتفاق الثنائي بين دبي وأبوظبي. ‏

في ذلك الوقت بدأت المواقف تتضح في الميل نحو اتحاد سباعي بين الإمارات المتصالحة، وفق التعبير البريطاني، دون ‏قطر والبحرين.‏

في تلك الفترة وصل الملك فيصل بن عبدالعزيز إلى الكويت في زيارة رسمية بدأت يوم 8 وانتهت يوم 11 أبريل في ‏عام 1968، وجاءت الزيارة في الوقت المناسب، إذ كان الحوار حول الشأن الخليجي، وانتظار ما يمكن أن تخرج منه ‏اجتماعات المجلس الأعلى المقترح للإمارات التسع الذي سيتم في المستقبل القريب. ‏

وكانت الكويت تتابع الوضع مع توقعات إيجابية من الاجتماع التساعي الذي كان مقرراً في مايو 1968، غير أن هذا ‏اللقاء بين حكام الإمارات التسع والذي كان مقرراً في مايو 1968 لم يتم وتأجل إلى يوليو. ‏

وهنا تحرك معالي الشيخ صباح بمبادرة لزيارة المنطقة في 23 من يونيو 1968، قبل اللقاء المقترح للمجلس الأعلى. ‏

ورافقه في الزيارة السفير بدر خالد البدر، ود.وحيد رأفت، وكاتب هذه المذكرات، ومن البحرين ذهب الوفد إلى قطر، ‏ومنها إلى أبوظبي، ومنها إلى دبي، حيث تم عقد اجتماع لجميع الإمارات، لمناقشة الإجراءات التي يجب اتخاذها مثل ‏اختيار رئيس للاتحاد، ومجلس تنفيذي، وعاصمة للاتحاد، وإقامة الهيئات الضرورية للعمل. ‏

كان التباعد واضحاً في غياب الحماس بين الإمارات السبع لتشكيل اتحاد تُساعي، يضم البحرين وقطر، لمسببات كثيرة ‏أبرزها الانفصال الجغرافي والتباين في المواقف في مستوى الحياة. ‏

عاد الشيخ صباح والوفد إلى الكويت في 27 من يونيو، مروراً بالدوحة والبحرين، لإبلاغهما بالحصيلة في دبي ‏وأبوظبي. ‏

عقد المجلس الأعلى للإمارات التسع اجتماعاً في مدينة أبوظبي يومي 6-7 من يوليو1968، وناقش تشكيل اتحاد مؤقت ‏‏(حكومة الاتحاد) واتفق على الأسماء المقترحة، حيث أصبح الشيخ خليفة بن حمد ولي عهد قطر، رئيساً لمجلس الاتحاد ‏يعني (رئيساً للوزراء). ‏

ومن هذا التطور، أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية البيان التالي: «اتخذ حكام الخليج قراراً بإقامة اتحاد فيما بينهم، ‏ومن ضمنه جزر البحرين، وأن هذا يعتبر أمراً لا يمكن قبوله من جانب الحكومة الإيرانية، إذ تعتقد حكومة الشاه أن ‏تشكيل ما يسمى بالاتحاد وفي الظرف الراهن، وبوحي وتخطيط من الاستعمار، يشكل امتداداً لسياسته المفضوحة ‏البالية، وقد أبرز الاستعجال والتسرع في إقامته، طبيعته الاستعمارية وطابعه كأداة مفروضة»‏.

جاءت هذه الخطوة من إيران لتزيد من قناعة الراغبين في اتحاد يتكون من سبع إمارات لتحاشي المشاكل الإقليمية في ‏بداية عمر الاتحاد. ‏

وفي ضوء هذا الموقف الإيراني المعترض، توجه معالي الشيخ صباح إلى بيروت في الأول من أغسطس 1968، ‏ومنها إلى طهران والتقى مع الشاه وحمل انطباعاً إيجابياً حول البحرين رغم بيان وزارة الخارجية الإيرانية المعارض ‏للاتحاد التساعي. ‏

وبعد عودته من طهران، كلف السفير بدر خالد البدر بمقابلة الشيخ عيسى بن سلمان لنقل فحوى مباحثات الشيخ صباح ‏مع الشاه.‏

ورغم هذه التعقيدات، عقد مجلس الاتحاد التساعي (رئاسة الوزراء) أول اجتماعاته في الدوحة، برئاسة الشيخ خليفة بن ‏حمد، بين يومي 8-9 من سبتمبر 1968، واختار الشيخ مكتوم بن راشد ولي عهد دبي نائباً لرئيس المجلس، والسيد ‏يوسف الشبراوي ممثل البحرين مقرراً. ‏

وفي 20-22 من أكتوبر 1968، واستكمالاً للاتصالات، عقد المجلس الأعلى للإمارات التسع اجتماعه في دورته الثانية ‏في الدوحة، عاصمة قطر، كان يضم جميع الحكام، وتم الاتفاق على تشكيل جيش موحد مع حق كل إمارة في الحفاظ ‏على قواتها للمحافظة على الأمن الداخلي. ‏

‏ويستمر التواصل بين الكويت والمسؤولين في الإمارات التسع لتأمين استكمال الترتيبات الخاصة بالاتحاد.‏

ثم عقد الاجتماع الثالث للحكام التسع، في مدينة أبوظبي في 10-14 من مايو 1969، وبحث إنشاء مجلس شورى ‏للاتحاد، وهنا برز الخلاف على توزيع النسب لكل إمارة، فطلب وفد البحرين بأعلى نسبة باعتبار أن البحرين لديها أكبر ‏عدد من المواطنين، ولم ينجح اللقاء، وتم تأجيل الموضوع. ‏

في 21 أكتوبر 1969، سافر الشيخ صباح إلى أبوظبي - للمرة الثالثة - للاجتماع بأعضاء المجلس الأعلى ‏التساعي، خلال اجتماعهم الرابع في مدينة أبوظبي، وضم الوفد السفير بدر خالد الخالد، ود. وحيد رأفت، وكاتب هذه ‏السطور، وقد حمل معالي الشيخ دعم الكويت للاتحاد والتأييد المطلق لكل ما يرونه، مع استعداد د. وحيد رأفت للإسهام ‏بما يريدونه في الجوانب القانونية. ‏

حمزة عليان

ارتبطت الكويت مع الإمارات بتاريخ طويل من التواصل

إنشاء مكتب للكويت في دبي يشرف على توزيع المساعدات الكويتية

بعثة الجامعة العربية إلى الخليج ترأسها بدر خالد البدر

رسالة الكويت كانت واضحة بشأن دعم الإمارات واعتبارها صديقاً وحليفاً في السراء والضراء

الموقف الإيراني من قيام «الاتحاد» عزز القناعة الخليجية بإنشائه
back to top