الوزراء يفنّدون حجج الجارية لإنقاذ ابن الملك من الموت (11 - 30)

قطرة عسل تُشعل معركة بين الصياد والزيات وتقضي على قريتين

نشر في 06-05-2020
آخر تحديث 06-05-2020 | 00:03
قطرة عسل تُشعل معركة بين الصياد والزيات وتقضي على قريتين
قطرة عسل تُشعل معركة بين الصياد والزيات وتقضي على قريتين
تستكمل شهرزاد حكايتها عن مكائد النساء ودسائسهن، فبعد أن توقفت في الحلقة الماضية عند حكاية الوزير الثاني، الذي حاول إثناء الملك عن قتل ولده بقصة الزوجة التي خدعت زوجها عندما رأى الخازندار في بيتها، وعللت له أن مجيئه في هذه الساعة أعتق نفساً مؤمنة من القتل، واعتقد الزوج أنها بريئة. تواصل في هذه الحلقة رد الجارية بقصة أخرى للتحايل على الملك وتطالبه بالوفاء بوعده وقتل ولده.
فلما كان اليوم الثالث، دخلت الجارية على الملك وقبّلت الأرض بين يديه، وقالت له أيها الملك، خذ لي حقي من ولدك، ولا تركن إلى قول وزرائك، فإن وزراءك اليوم لا خير فيهم، ولا تكن كالملك الذي ركن إلى وزير السوء من وزرائه، فقال لها: وكيف كان ذلك؟

قالت: بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد، أن ملكاً من الملوك كان له ولد يحبه ويكرمه غاية الإكرام ويفضله على سائر أولاده، فقال له يوماً من الأيام يا أبت، إني أريد أن أذهب إلى الصيد والقنص، فأمر بتجهيزه، وأمر وزيراً من وزرائه أن يخرج معه في خدمته، ويقضي له جميع مهماته في سفره، فأخذ ذلك الوزير جميع ما يحتاج إليه الولد في السفر، وخرج معهما الخدم والنواب والغلمان، وتوجهوا إلى الصيد حتى وصلوا إلى أرض مخضرّة ذات عشب ومرعى، ومياه الصيد فيها كثيرة، فتقدم ابن الملك للوزير وعرفه بما أعجبه من التنزه، فأقاموا بتلك الأرض مدة أيام، وابن الملك في أطيب عيش وأرغده، ثم أمرهم ابن الملك بالانصراف، فاعترضته غزالة قد انفردت عن رفقتها، فاشتاقت نفسه إلى اقتناصها، وطمع فيها، فقال للوزير إني أريد أن أتبع هذه الغزالة، فقال له الوزير افعل ما بدا لك، فتبعها الولد منفرداً وحده، وطلبها طول النهار إلى المساء ودخل الليل، فصعدت الغزالة إلى محل وعر، وأظلم على الولد الليل، وأراد الرجوع فلم يعرف أين يذهب، فبقي محيراً في نفسه وما زال راكباً على ظهر فرسه إلى أن أصبح الصباح، ولم يلق فرجاً لنفسه، ثم سار ولم يزل سائراً خائفاً جائعاً عطشاناً، وهو لا يدري أين يذهب حتى انتصف عليه النهار وحميت الرمضاء، وإذا هو قد أشرف على مدينة عالية البنيان مشيدة الأركان وهي قفرة خراب ليس فيها غير البوم والغراب.

فبينما هو واقف عند تلك المدينة يتعجب من رسومها، إذ لاحت منه نظرة فرأى جارية ذات حُسن وجمال، تحت جدار من جدرانها وهي تبكي، فدنا منها، وقال لها من تكونين؟ فقالت له أنا بنت التميمة ابنة الطباخ ملك الأرض الشهباء، خرجت ذات يوم من الأيام أقضي حاجة لي فاختطفني عفريت من الجن وطار بين السماء والأرض، فنزل عليه شهب من نار فاحترق فسقطت ههنا ولي ثلاثة أيام بالجوع والعطش، فلما نظرتك طمعت في الحياة.

اقرأ أيضا

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

بنت التميمة

وفي الليلة الثالثة والأربعين بعد الخمسمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن ابن الملك لما خاطبته بنت الطباخ، وقالت له نظرتك طمعت في الحياة أدركت ابن الملك عليها الرأفة، فأركبها وراءه على جواده، وقال لها طيبي نفساً وقرّي عيناً إن ردني الله سبحانه وتعالى إلى قومي وأهلي أرسلتك إلى أهلك.

ثم سار ابن الملك يلتمس الفرج، فقالت له الجارية التي وراءه، يا ابن الملك أنزلني حتى أقضي حاجة تحت هذا الحائط، فوقف وأنزلها، ثم انتظرها فتوارت في الحائط ثم خرجت بأشنع منظر، فلما رآها ابن الملك اقشعرّ بدنه وطار عقله، وخاف منها وتغيرت حالته.

الجيش والذخائر

ثم وثبت تلك الجارية لتركب وراء ظهره على الجواد، وهي في صورة أقبح ما يكون من الصور، ثم قالت له يا ابن الملك ما لي أراك قد تغيّر وجهك، فقال لها إني تذكرت أمراً أهمني فقالت له استعن عليه بجيوش أبيك وأبطاله، فقال لها إن الذي أهمّني لا تزعجه الجيوش ولا يهتم بالأبطال، فقالت: استعن عليه بمال أبيك وذخائره، فقال لها إن الذي أهمّني لا يقنع بالمال ولا بالذخائر، فقالت: إنكم تزعمون أن لكم في السماء إلهاً يرى أنه قادر على كل شيء، فقال لها نعم، ما لنا إلا هو، فقالت له ادعه لعلّه يخلصك مني.

فرفع ابن الملك طرفه إلى السماء، وأخلص بقلبه الدعاء وقال: اللهم إني استعنت بك على هذا الأمر الذي أهمّني، وأشار بيده إليها، فسقطت على الأرض محروقة مثل الفحمة، فحمد الله وشكره وما زال يجدّ في المسير والله سبحانه وتعالى يهوّن عليه العسير، ويدله في الطرق إلى أن أشرف على بلاده، ووصل إلى ملك أبيه، بعد أن كان قد يئس من الحياة، وكان ذلك كله برأي الوزير الذي سافر معه لأجل أن يهلكه في سفرته، فنصره الله تعالى، وإنما أخبرتك أيها الملك لتعلم أن وزراء السوء لا يصفون النية، ولا يحسنون الطويّة مع ملوكهم، فكن من ذلك الأمر على حذر.

فأقبل عليهما الملك وسمع كلامها، وأمر بقتل ولده.

قطرة العسل

فدخل الوزير الثالث، وقال أنا أكفيكم شر الملك في هذا النهار، ثم إن الوزير دخل على الملك وقبّل الأرض بين يديه، وقال له أيها الملك إني ناصحك ومشفق عليك وعلى دولتك، ومشير عليك برأي سديد، هو ألا تعجل على قتل ولدك وقرّة عينك وثمرة فؤادك، فربما كان ذنبه أمراً هيناً قد عظّمته عندك هذه الجارية، فقد بلغني أن أهل قريتين أفنوا بعضهم على قطرة عسل.

فقال له الملك وكيف ذلك؟ فقال له اعلم أيها الملك أنه بلغني أن رجلاً صياداً كان يصيد الوحوش في البرية، فدخل يوماً من الأيام كهفاً من كهوف الجبل، فوجد فيه حفرة ممتلئة عسل نحل، فجمع شيئاً من ذلك العسل في قربة كانت معه، ثم حمله على كتفه، وأتى به إلى المدينة ومعه كلب صيد، وكان ذلك الكلب عزيزاً عليه، فوقف الرجل الصياد على دكان زيات وعرض عليه العسل فاشتراه صاحب الدكان، ثم فتح القربة وأخرج منها العسل لينظره، فقطرت القربة قطرة عسل فسقط عليها طير، وكان الزيات له قطّ فوثب على الطير، فرآه كلب الصياد، فوثب على القط فقتله، فوثب الزيات على كلب الصياد فقتله، فوثب الصياد على الزيات فقتله، وكان للزيات قرية وللصياد قرية، فسمعوا بذلك فأخذوا أسلحتهم وعددهم وقاموا على بعضهما، والتقى الصفان فلم يزل السيف دائراً بينهم إلى أن مات منهم خلق كثير، لا يعلم عددهم إلا الله تعالى.

الأرز والسكر

وقد بلغني أيها الملك من جملة كيد النساء أن امرأة دفع لها زوجها درهماً لتشتري به أرزا، فأخذت منه الدرهم وذهبت به إلى بيّاع الأرز، فأعطاها الأرز وجعل يلاعبها ويغامزها ويقول لها: إن الأرز لا يطيب إلا بالسكر، فقال بيّاع الأرز لعبده زِن لها بدرهم سكر، وأعطاه سيده رمزاً، فأخذ العبد المنديل من المرأة وفرغ منه الأرز وجعل في موضعه تراباً وجعل بدل السكر حجراً، وعقد المنديل وتركه عندها.

فلما خرجت المرأة من عنده، أخذت مندليها وانصرفت إلى منزلها وهي تحسب أن الذي في منديلها أرزاً وسكراً.

فلما وصلت إلى منزلها ووضعت المنديل بين يدي زوجها، وجد فيه تراباً وحجراً، فلما أحضرت القدر قال لها زوجها: هل نحن قلنا لك إن عندنا عمارة حتى جئت لنا بتراب وحجر؟! فلما نظرت إلى ذلك علمت أن عبد البياع نصب عليها، وكانت قد أتت بالقدر في يدها، فقالت لزوجها يا رجل من شغل البال الذي أصابني لأجيء بالغربال فجئت بالقدر، فقال لها زوجها وأي شيء أشغل بالك؟ قالت له يا رجل إن الدرهم الذي كان معي سقط مني في السوق، فاستحيت من الناس أن أدور عليه، وما هان عليّ أن الدرهم يروح مني فجمعت التراب من ذلك الموضع الذي فيه الدرهم، وأردت أن أغربله وكنت رائحة أجيء بالغربال فجئت بالقدر. ثم ذهبت وأحضرت الغربال وأعطته لزوجها وقالت له غربله، فإن عينك أصحّ من عيني: فقعد الرجل يغربل في التراب إلى أن امتلأ وجهه ودقنه من المغبار وهو لا يدري مكرها وما وقع منها، فهذا أيها الملك من جملة كيد النساء، وانظر إلى قول الله تعالى «إن كيدهن عظيم»، وقوله سبحانه وتعالى «إن كيد الشيطان كان ضعيفاً”.

فلما سمع الملك من كلام الوزير ما أقنعه وأرضاه، وزجره عن هواه، وتأمل ما تلاه عليه من آيات الله، سطعت أنوار الصحية على سماء عقله وخلده، ورجع عن تصميمه على قتل ولده.

فلما دخل اليوم الرابع، دخلت الجارية على الملك وقبّلت الأرض بين يديه، وقالت له: أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد، قد أظهرت لك حقي عياناً فظلمتني وأهملت مقاصصة غريمي ولدك ومهجة قلبك، وسوف ينصرني الله سبحانه وتعالى، كما نصر الله ابن الملك على وزير أبيه، فقال وكيف كان ذلك؟

فقالت له الجارية: بلغني أيها الملك أنه كان ملك من الملوك الماضية له ولد، ولم يكن له من الأولاد غيره، فلما بلغ ذلك الولد زوّجه بابنة ملك آخر، وكانت جارية ذات حسن وجمال، وكان لها ابن عم قد خطبها من أبيها، ولم تكن راضية بزواجها منه. فلما علم ابن عمها أنها تزوجت بغيره أخذته الغيرة، فاتفق رأي ابن عم الجارية أن يرسل الهدايا إلى وزير الملك الذي تزوج بها ابنه، فأرسل إليه هدايا عظيمة، وأنفذ إليه أموالاً كثيرة، وسأله أن يحتال على قتل ابن الملك بمكيدة تكون سبباً لهلاكه، أو يتلطف به حتى يرجع عن زواج الجارية، وبعث يقول له أيها الوزير لقد حصل عندي من الغيرة على ابنة عمي ما حملني على هذا الأمر، فلما وصلت الهدايا إلى الوزير قبلها، وأرسل إليه يقول له طب نفساً وقر عيناً، فلك عندي كل ما تريده، ثم إن الملك أبا الجارية أرسل إلى ابن الملك بالحضور إلى مكانه لأجل الدخول على ابنته.

عين ماء

فلما وصل الكتاب إلى ابن الملك أذن له أبوه في المسير، وبعث معه الوزير الذي جاءت له الهدايا، وأرسل معهما ألف فارس وهدايا ومحامل وسرادقات وخياماً، فسار الوزير مع ابن الملك وفي ضميره أن يكيده بمكيدة، وأضمر له في قلبه السوء، فلما صاروا في الصحراء تذكّر الوزير أن في هذا الجبل عيناً جارية من تعرش بالزهراء وكل من شرب منها إذا كان رجلاً يصير امرأة، فلما تذكر الوزير أنزل العسكر بالقرب منها، وركب الوزير جواده، ثم قال لابن الملك: هل لك أن تروح معي نتفرج على عين ماء في هذا المكان؟ فركب ابن الملك وسار هو ووزير أبيه وليس معهما أحد، وابن الملك لا يدري ما سبق له في الغيب، ولم يزالا سائرين حتى وصلا إلى تلك العين، فنزل ابن الملك من فوق جواده وغسل يديه وشرب منها، وإذا به قد صار امرأة.

فلما عرف ذلك صرخ وبكى حتى غشي عليه، فأقبل عليه الوزير يتوجع لما أصابه، ويقول ما الذي أصابك؟ فأخبره الولد بما جرى له، فلما سمع الوزير كلامه توجع له وبكى لما أصاب ابن الملك، ثم قال له يعيذك الله تعالى من هذا الأمر، كيف حلت بك هذه المصيبة، وعظمت بك تلك الرزية، ونحن سائرون بفرحة لك، حيث تدخل على ابنة الملك؟ والآن لا أدري هل نتوجه إليها أم لا، والرأي لك فما تأمر به. فقال الولد: ارجع إلى أبي وأخبره بما أصابني، فإني لا أبرح من هنا حتى يذهب عني هذا الأمر أو أموت بحسرتي، فكتب الولد كتاباً إلى أبيه يعلمه بما جرى له، ثم أخذ الوزير الكتاب وانصرف راجعاً إلى مدينة الملك، وترك العسكر والولد وما معه من الجيوش عنده، وهو فرحان في الباطن بما فعل بابن الملك.

الحكماء وأصحاب الأسرار

فلما دخل الوزير على الملك أعلمه بقضية ولده، وأعطاه كتابه، فحزن الملك على ولده حزناً شديداً، ثم أرسل إلى الحكماء وأصحاب الأسرار أن يكشفوا له عن هذا الأمر الذي حصل لولده، فما أحد رد عليه جواباً، ثم إن الوزير أرسل إلى ابن عم الجارية يبشره بما حصل لابن الملك، فلما وصل إليه الكتاب فرح فرحاً شديداً، وطمع في زواج ابنة عمه، وأرسل إلى الوزير هدايا عظيمة وأموالاً كثيرة وشكره شكراً زائداً، وأما ابن الملك فإنه أقام على تلك العين مدة ثلاثة أيام بلياليها لا يأكل ولا يشرب، واعتمد فيما أصابه على الله سبحانه وتعالى الذي ما خاب من توكّل عليه، فلما كان في الليلة الرابعة، إذ بفارس على رأسه تاج وهو في صفة أولاد الملوك.

فقال له الفارس من أتى بك أيها الغلام إلى هنا؟ فأعلمه الولد بما أصابه، وأنه كان مسافراً إلى زوجته ليدخل عليها، وأعلمه أن الوزير قد أتى به إلى عين الماء ليشرب منها، فحصل له ما حصل، وكلما تحدث الغلام يغلبه البكاء فيبكي، فلما سمع الفارس كلامه رثى لحاله، وقال له إن وزير أبيك هو الذي رماك في هذه المصيبة، لأن هذه العين لا يعلم بها أحد من البشر إلا رجل واحد، ثم إن الفارس أمره أن يركب معه فركب الولد، وقال له الفارس: امض معي إلى منزلي فأنت ضيفي في هذه الليلة.

فقال له الولد: أعلمني من أنت حتى أسير معك، فقال له أنا ابن ملك الجن، وأنت ابن ملك الإنس فطب نفساً وقرّ عيناً بما يزيل همك وغمك، فهو عليّ هيّن، فسار معه الولد من أول النهار، وأهمل جيوشه وعساكره ومازال سائراً معه إلى نصف الليل، فقال له ابن ملك الجن قطعنا مسيرة سنة للمجد المسافر، فتعجب ابن الملك من ذلك، وقال له: كيف العمل والرجوع إلى أهلي؟ فقال له: ليس هذا من شأنك، إنما هو من شأني، وحين تبرأ من علّتك تعود إلى أهلك في أسرع من طرفة العين وذلك عليّ هين، فلما سمع الغلام من الجني هذا الكلام طار من شدة الفرح، وظن أنه أضغاث أحلام، وقال سبحان القدير على أن يردّ الشقي سعيدا وفرح بذلك فرحاً شديداً.

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

ابن ملك الجن ينقذ ابن ملك الإنس

لما كانت الليلة الرابعة والأربعون بعد الخمسمئة قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن ابن ملك الجن قال لابن ملك الإنس: فحين تبرأ من علتك تعود إلى أهلك في أسرع من طرفة عين، ففرح بذلك ولم يزالا سائرين حت انتهيا إلى عين ماء تسيل من جبال سود، فقال للشاب انزل، فنزل الشاب من فوق جواده، ثم قال له اشرب من هذه العين، فشرب منها فصار لوقته وساعته ذكراً كما كان أولاً بقدرة الله تعالى، ففرح الشاب فرحاً شديداً ما عليه من مزيد، ثم قال له يا أخي: ما يقال لهذه العين؟ فقال له: يقال لها عين النساء لا تشرب منه امرأة إلا صارت رجلاً، فاحمد الله واشكره على العافية، واركب جوادك، فسجد ابن الملك شكراً لله تعالى، ثم ركب وسارا يجدان السير بقية يومهما حتى رجعا إلى أرض ذلك الجني، فبات الشاب عنده في أرغد عيش، ولم يزالا في أكل وشرب إلى أن جاء الليل، ثم قال له ابن ملك الجن: أتريد أن ترجع إلى أهلك في هذه الليلة؟ فقال: نعم أريد ذلك، لأني محتاج إليه، فدعا ابن ملك الجن بعبد له من عبيد أبيه اسمه راجز، وقال له خذ هذا الفتى من عندي واحمله على عاتقك، ولا تخلّ الصباح يصبح عليه إلا وهو عند صهره وزوجته، فقال له العبد: سمعاً وطاعة وحباً وكرامة، ثم غاب العبد عنه ساعة وأقبل وهو في صورة عفريت.

فلما رآه الفتى طار عقله واندهش، فقال ابن ملك الجن: لا بأس عليك، اركب جوادك واعلُ به فوق عاتقه، فقال الشاب: بل أركب أنا وأترك الجواد عندك، ثم نزل الشاب عن الجواد وركب على عاتقه، فقال له ابن ملك الجن: أغمض عينيك.

وطار العبد بين السماء والأرض، ولم يزل طائراً به، ولم يدر الشاب بنفسه، فما جاء ثلث الليل الأخير إلا وهو على قصر صهره، فلما نزل على قصره، قال له العفريت: انزل، فنزل وقال: افتح عينيك، فهذا قصر صهرك وابنته، ثم تركه ومضى، فلما أضاء النهار وسكن الشاب من روعه نزل من فوق القصر، فلما نظره صهره قام إليه وتلقّاه وتعجب، حيث رآه فوق القصر، ثم قال له إنا رأينا الناس تأتي من الأبواب، وأنت تنزل من السماء، فقال له قد كان الذي أراده الله سبحانه وتعالى، فتعجب الملك من ذلك وفرح بسلامته.

فلما طلعت الشمس، أمر صهره وزيره أن يعمل الولائم العظيمة، فعمل الولائم واستقام العرس، ثم دخل على زوجته وأقام مدة شهرين، ثم ارتحل بها إلى مدينة أبيه، وأما ابن عم الجارية فإنه هلك من الغيرة والحسد لما دخل بها ابن الملك، ونصره الله سبحانه وتعالى عليه وعلى وزير أبيه. وذهب إلى أبيه بزوجته على أتم حال وأكمل سرور، فتلقاه أبوه بعسكره ووزرائه، وأنا أرجو الله تعالى أن ينصرك على وزرائك أيها الملك، وأنا أسألك أن تأخذ حقي من ولدك، فلما سمع الملك ذلك منها أمر بقتل ولده. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وإلى اللقاء في حلقة الغد

عين النساء تحوّل المرأة إلى رجل

العفريت راجز يعود بابن الملك إلى القصر ووالده يقيم الولائم

ابن عم الجارية ساءت حالته بسبب الغيرة والحسد

الوزير الثالث يقص على الملك حكاية صياد الوحوش

الوزير يضمر الشر لابن الملك ويدفعه نحو الهلاك
back to top