جارية تدفع الملك لقتل ولده والوزراء يكشفون مكيدتها (10- 30)

المحظية الحسناء تنتقم من ابن الملك وتنسج حوله الأكاذيب

نشر في 05-05-2020
آخر تحديث 05-05-2020 | 00:00
جارية تدفع الملك لقتل ولده والوزراء يكشفون مكيدتها
جارية تدفع الملك لقتل ولده والوزراء يكشفون مكيدتها
توقفت شهرزاد في الحلقة السابقة عند حكاية الفرس الطائر المصنوع من الأبنوس وابن الملك الذي وقع في غرام ابنة ملك صنعاء وتزوجها، لتنتقل في هذه الحلقة إلى حكاية أخرى من حكايات الليالي العربية، تدور حول مكائد النساء ودسائسهن، ومنها المكيدة التي صنعتها إحدى الجواري لابن الملك حتى يتم قتله، لكن وزراء الملك السبعة كانوا لها بالمرصاد.
ولما كانت الليلة التاسعة والثلاثون بعد الخمسمئة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أنه كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان ملك من ملوك الزمان، كان كثير الجند والأعوان، وصاحب جاه وأموال ولكنه بلغ من العمر مدة، ولم يرزق ولداً ذكراً، فتوسل الخالق أن يرزقه بولد ذكر حتى يرث الملك من بعده ويكون قرة عينه، عقب مرور فترة من الزمن زفت له زوجته خبر حملها ومكثت مدة حتى آن أوان وضعها، فولدت ولداً ذكراً وجهه مثل دورة القمر ليلة أربعة عشر، فتربى ذلك الغلام إلى أن بلغ من العمر خمس سنين، وكان عند ذلك الملك رجل حكيم من الحكماء الماهرين فسلم إليه ذلك الغلام فلما بلغ من العمر عشر سنين علمه الحكمة والأدب، إلى أن صار ذلك الولد لا يناظره أحد في هذا الزمان في العلم والأدب والفهم.

الأيام السبعة

اقرأ أيضا

فلما بلغ والده ذلك أحضر له جماعة من فرسان العرب يعلمونه الفروسية فمهر فيها وصال وجال في حومة الميدان، إلى أن فاق أهل زمانه وسائر أقرانه. وفي بعض الأيام نظر ذلك الحكيم في النجوم فرآها طالع الغلام وأنه متى عاش سبعة أيام وتكلم بكلمة صار فيها هلاكه، فذهب الحكيم إلى الملك والده وأعلمه بالخبر، فقال له والده فما يكون الرأي والتدبير يا حكيم، فقال له الحكيم أيها الملك، الرأي والتدبير عندي أن تجعله في مكان نزهة وسماع آلات مطربة يكون فيها إلى أن تمضي الأيام السبعة.

فأرسل الملك إلى جارية من خواصه، وكانت أحسن الجواري فسلم إليها الولد، وقال لها خذي سيدك في القصر واجعليه عندك ولا ينزل من القصر إلا بعد سبعة أيام تمضي. فأخذته الجارية وأجلسته في ذلك القصر وكان في القصر أربعون حجرة وفي كل حجرة عشر جوار، وكل جارية معها آلة من آلات الطرب إذا ضربت واحدة منهن يرقص من نغمتها ذلك القصر، وحواليه نهر جار مزروع شاطئه بجميع الفواكه والمشمومات، وكان ذلك الولد فيه من الحسن والجمال ما لا يوصف، فبات ليلة واحدة فرأته الجارية محظية والده، فطرق العشق قلبها فلم تتمالك نفسها فرمتها عليه. فقال لها الولد إن شاء الله تعالى حين أخرج عند والدي أخبره بذلك فيقتلك. فتوجهت الجارية إلى الملك، ورمت نفسها بالبكاء والنحيب، فقال لها ما خبرك يا جارية، كيف سيدك أما هو طيب، فقالت يا مولاي إن سيدي راودني عن نفسي وأراد قتلي على ذلك فمنعته وهربت منه ولم أعد أرغب في الرجوع إليه ولا إلى القصر أبداً.

الندم واليأس

فلما سمع والده ذلك الكلام حصل له غيظ عظيم، فأحضر عنده الوزراء وأمرهم بقتله، فقالوا لبعضهم إن الملك صمم على قتل ولده وإن قتله يندم عليه بعد قتله لا محالة، فإنه عزيز عنده وما جاء هذا الولد إلا بعد اليأس، ثم بعد ذلك يرجع عليكم باللوم فيقول لكم تدبروا لي تدبيراً يمنعني من قتله، فاتفق رأيهم على أن يدبروا له تدبيراً يمنعه عن قتل ولده.

خاتم الملك

فتقدم الوزير الأول، وقال أنا أكفيكم شر الملك في هذا اليوم، فقام ومضى إلى أن دخل على الملك ومثل بين يديه ثم استأذنه في الكلام، فأذن له، فقال له: أيها الملك لو قدر أنه كان لك ألف ولد لم تسمح نفسك في أن تقتل ولداً منهم بقول جارية فإنها إما أن تكون صادقة أو كاذبة، ولعل هذه مكيدة منها لولدك، فقال: وهل بلغك شيء من كيدهن أيها الوزير؟ قال: نعم بلغني أيها الملك أنه كان ملك من ملوك الزمان مغرماً بحب النساء، فبينما هو قاعد في قصره يوماً من الأيام إذ وقعت عينه على جارية وهي على سطح بيتها وكانت ذات حسن وجمال، فلما رآها لم يتمالك نفسه من المحبة فسأل عن ذلك البيت، فقالوا له: هذا البيت لوزيرك فلان، فقام من ساعته، وأرسل إلى الوزير، فلما حضر بين يديه، أمره أن يسافر في بعض جهات المملكة ليطلع عليها ثم يعود، فسافر الوزير كما أمره الملك.

فلما رأته الجارية عرفته فوثبت على قدميها وقبلت يديه ورجليه فرحبت به ووقفت بعيداً عنه مشتغلة بخدمته، ثم قالت: يا مولانا ما سبب القدوم المبارك ومثلي لا يكون له ذلك، فقال: سببه أن عشقك والشوق إليك قد رماني على ذلك، فقبلت الأرض بين يديه ثانياً وثالثاً، وقالت له: يا مولاي أنا لا أصلح أن أكون جارية لبعض خدام الملك فمن أين يكون لي عندك هذا الحظ حتى صرت عندك بهذه المنزلة؟ فمد الملك يده إليها، فقالت: هذا الأمر لا يفوتنا، ولكن صبراً أيها الملك، وأقم عندي هذا اليوم كله حتى أصنع لك شيئاً تأكله، قال: فجلس الملك على مرتبة وزيره ثم نهضت قائمة وأتته بكتاب فيه من المواعظ والأدب ليقرأ فيه حتى تجهز له الطعام، فأخذه الملك وجعل يقرأ فيه فوجد فيه من المواعظ والحكم ما زجره عن الزنا وكسر همته عن ارتكاب المعاصي.

فلما جهزت له الطعام قدمته بين يديه وكانت عنده الصحون تسعين صحناً، فجعل الملك يأكل من كل صحن ملعقة، وللطعام أنواع مختلفة وطعمها واحد، فتعجب الملك من ذلك غاية العجب، ثم قال: أيتها الجارية أرى هذه الأنواع كثيرة وطعمها واحد، فقالت له الجارية: أسعد الله الملك، هذا مثل ضربته لك لتعتبر به، فقال لها: وما سببه؟ فقالت: أصلح الله حال مولانا الملك، إن في قصرك تسعين محظية مختلفات الألوان وطعمهن واحد.

فلما سمع الملك هذا الكلام خجل منها، وقام من وقته وخرج من المنزل ولم يتعرض لها بسوء، ومن خجله نسي خاتمه عندها تحت الوسادة، ثم توجه إلى قصره، فلما جلس الملك في قصره حضر الوزير في ذلك الوقت وتقدم إلى الملك وقبل الأرض بين يديه وأعلمه بحال ما أرسله إليه، ثم سار الوزير إلى أن دخل بيته وقعد على مرتبته ومد يده تحت الوسادة فلقي خاتم الملك تحتها فرفعه الوزير وحمله على قلبه وانعزل عن الجارية مدة سنة كاملة ولم يكلمها، وهي لا تعلم ما سبب غيظه... وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

عشق الملوك

وفي الليلة الأربعين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الوزير انعزل عن الجارية مدة سنة كاملة ولم يكلمها وهي لا تعلم ما سبب غيظه، فلما طال بها المطال، ولم تعلم ما سبب ذلك أرسلت إلى أبيها وأعلمته بما جرى لها معه من انعزاله عنها مدة سنة كاملة، فقال لها أبوها: إني أشكوه حين تكون بحضرة الملك، فدخل يوماً من الأيام فوجده بحضرة الملك وبين يديه قاضي العسكر، فادعى عليه، فقال: أصلح الله تعالى حال الملك، إنه كان لي روضة حسنة غرزتها بيدي، وأنفقت عليها مالي حتى أثمرت وطاب جناها فأهديتها لوزيرك هذا فأكل منها ما طاب له ثم رفضها ولم يسقها فيبس زهرها، وذهب رونقها وتغيرت حالتها، فقال الوزير: أيها الملك صدق هذا في مقالته، إني كنت أحفظها وآكل منها، فذهبت يوماً إليها فرايت أثر الأسد هناك فخفت على نفسي فعزلت نفسي عنها، ففهم الملك أن الأثر الذي وجده الوزير هو خاتم الملك الذي نسيه في البيت.

فقال الملك عند ذلك لوزيره: ارجع أيها الوزير لروضتك وأنت آمن مطمئن، فإن الأسد لم يقربها، وقد بلغني أنه وصل إليها ولكن لم يتعرض لها بسوء وحرمة آبائي وأجدادي، فقال الوزير عند ذلك: سمعاً وطاعة، ثم رجع الوزير إلى بيته وأرسل إلى زوجته وصالحها ووثق بصيانتها.

الغلام والدرة

وبلغني أيها الملك أيضاً أن تاجراً كان كثير الأسفار، وكانت له زوجة جميلة يحبها ويغار عليها من كثرة المحبة، فاشترى لها درة، فكانت الدرة تعلم سيدها بما يجري في غيبته. فلما كان في بعض أسفاره تعلقت امرأة التاجر بغلام كان يدخل عليها فتكرمه وتواصله مدة غياب زوجها، فلما قدم زوجها من سفره أعلمته الدرة بما جرى وقالت له: يا سيدي غلام تركي كان يدخل على زوجتك في غيابك فتكرمه غاية الإكرام، فهمّ الرجل بقتل زوجته. فلما سمعت ذلك قالت له: يا رجل اتق الله وارجع إلى عقلك، وإن أردت أن أبين لك ذلك لتعرف كذبها من صدقها فامض هذه الليلة ونم عند بعض أصدقائك، فإذا أصبحت فتعال واسألها حتى تعلم هل تصدق هي فيما تقول أم تكذب، فقام الرجل وذهب إلى بعض أصدقائه فبات عنده.

فلما كان الليل عمدت زوجة الرجل إلى قطعة نطع غطت به قفص الدرة وجعلت ترش على ذلك النطع شيئاً من الماء وتروح عليه بمروحة وتقرب إليها السراج على صورة لمعان البرق وصارت تدير الرحى إلى أن أصبح الصباح. فلما جاء زوجها قالت له: يا مولاي اسأل الدرة، فجاء زوجها إلى الدرة يحدثها ويسألها عن ليلتها الماضية، فقالت له الدرة: يا سيدي ومن كان ينظر أو يسمع في تلك الليلة الماضية فقال لها: لأي شيء، فقالت: يا سيدي من كثرة المطر والريح والرعد والبرق، فقال لها: كذبت إن الليلة التي مضت ما كان فيها شيء من ذلك، فقالت الدرة: ما أخبرتك إلا بما عاينت وشاهدت وسمعت، فكذّبها في جميع ما قالته عن زوجته، وأراد أن يصالح زوجته، فقالت: والله ما أصالح حتى تذبح هذه الدرة التي كذبت علي، فقام الرجل إلى الدرة وذبحها، ثم أقام بعد ذلك مع زوجته مدة أيام قلائل ثم رأى في بعض الأيام ذلك الغلام التركي وهو خارج من بيته فعلم صدق قول الدرة وكذب زوجته، فندم على ذبح الدرة، ودخل من وقته وساعته على زوجته وذبحها وأقسم على نفسه ألا يتزوج بعدها امرأة مدة حياته... وما أعلمتك أيها الملك إلا لتعلم أن كيدهن عظيم والعجلة تورث الندامة، فرجع الملك عن قتل ولده.

رد الجارية

فلما كان في اليوم الثاني، دخلت عليه الجارية وقبلت الأرض بين يديه، وقالت له: أيها الملك كيف أهملت حقي وقد سمع الملوك عنك أنك أمرت بأمر ثم نقضه وزيرك وطاعة الملك من نفاذ أمره وكل واحد يعلم عدلك وإنصافك فانصفني من ولدك. فقد بلغني أن رجلاً قصاراً يخرج كل يوم إلى شاطئ الدجلة يقصر القماش ويخرج معه ولده فينزل النهر ليعوم فيه مدة إقامته ولم ينهه والده عن ذلك فبينما هو يعوم يوماً من الأيام تعبت سواعده فغرق، فلما نظر إليه أبوه وثب عليه وترامى إليه، فلما أمسكه أبوه تعلق به ذلك الولد فغرق الأب والابن معا، فكذلك أنت أيها الملك إذا لم تنه ولدك وتأخذ حقي منه أخاف عليك أن تغرقا... وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

إناء البيض

وفي الليلة الواحدة والأربعين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما حكت للملك حكاية القصار وولده وقالت أخاف أن تغرق أنت وولدك أيضاً، قالت وكذلك بلغني من كيد الرجال أن رجلاً عشق امرأة كانت ذات حسن وجمال، وكان لها زوج وكانت تلك المرأة صالحة عفيفة، ولم يجد الرجل العاشق إليها سبيلاً، فطال عليه الحال ففكر في الحيلة، وكان لزوج المرأة غلام رباه في بيته وذلك الغلام أمين عنده، فجاء إليه ذلك العاشق وما زال يلاطفه بالهدية والإحسان إلى أن صار الغلام طوعاً له فيما يطلبه منه، فقال له يوماً من الأيام: يا فلان أما تدخل بي منزلكم إذا خرجت سيدتك منه، فقال له: نعم. فلما خرجت سيدته إلى الحمام وخرج سيده إلى الدكان جاء الغلام إلى صاحبه وأخذ بيده إلى أن أدخله المنزل، ثم عرض عليه جميع ما في المنزل، وكان العاشق مصمماً على مكيدة يكيد بها المرأة، فأخذ بياض بيضة معه في إناء ودنا من فراش الرجل وسكبه على الفراش من غير أن ينظر إليه الغلام، ثم خرج من المنزل ومضى إلى حال سبيله، ثم بعد ساعة دخل الرجل فأتى الفراش ليستريح عليه، فوجد فيه بللاً فأخذه بيده، فلما رآه ظن في عقله أنه مني رجل، فنظر إلى الغلام بعين الغضب، ثم قال له: أين سيدتك؟ فقال له: ذهبت إلى الحمام وتعود في هذه الساعة، فتحقق ظنه وغلب على عقله أنه مني رجل، فقال للغلام: اخرج في هذه الساعة وأحضر سيدتك. فلما حضرت بين يديه وثب قائماً إليها وضربها ضرباً عنيفاً ثم قيدها، وأراد أن يذبحها، فصاحت على الجيران فأدركوها، فقالت لهم: إن هذا الرجل يريد أن يذبحني ولا أعرف لي ذنباً، فقام عليه الجيران وقالوا له: ليس لك عليها سبيل، إما أن تطلقها وإما أن تمسكها بمعروف، فإنا نعرف عفافها وهي جارتنا مدة طويلة ولم نعلم عنها سوءاً أبداً، فقال: إني رأيت في فراشي ما لم يسرني، وما أدري سبب ذلك، فقام رجل من الحاضرين وقال له أرني ذلك.

فلما رآه الرجل، قال: أحضر لي ناراً ووعاء، فلما أحضر له ذلك أخذ البياض قلاه على النار وأكل منه الرجل وأطعم الحاضرين، فتحقق الحاضرون أنه بياض بيض، فعلم الرجل أنه ظلم زوجته وأنها بريئة من ذلك، ثم دخل عليه الجيران وصالحوه هو وإياها، وبطلت حيلة ذلك الرجل فيما دبره من المكيدة لتلك المرأة وهي غافلة. فاعلم أيها الملك أن هذا من كيد الرجال، فأمر الملك بقتل ولده.

التاجر والرغيف

فتقدم الوزير الثاني وقبل الأرض بين يديه وقال له: أيها الملك لا تعجل على قتل ولدك، فإن أمه ما رزقته إلا بعد يأس، ونرجو أن يكون ذخيرة في ملكك وحافظاً على مالك، فتصبر أيها الملك لعل له حجة يتكلم بها، فإن عجلت على قتله ندمت كما ندم الرجل التاجر، فقال له الملك: وكيف كان ذلك وما حكايته يا وزير؟ فقال: بلغني أيها الملك أنه كان تاجر لطيف في مأكله ومشربه، فسافر يوماً من الأيام إلى بعض البلاد، فبينما هو يمشي في أسواقها وإذا بعجوز معها رغيفان، فقال لها هل تبيعيهما؟ فقالت له: نعم، فساومها بأرخص ثمن واشتراهما منها وذهب بهما إلى منزله فأكلهما ذلك اليوم. فلما أصبح الصباح عاد إلى ذلك المكان فوجد العجوز ومعها الرغيفان فاشتراهما أيضاً منها ولم يزل كذلك مدة عشرين يوماً، ثم غابت العجوز عنه فسأل عنها فلم يجد لها خبراً، فبينما هو ذات يوم من الأيام في بعض شوارع المدينة إذ وجدها، فوقف وسلم عليها وسألها عن سبب غيابها وانقطاع الرغيفين عنه فلما سمعت العجوز كلامه تكاسلت عن رد الجواب، فأقسم عليها أن تخبره عن أمرها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

قصة الرغيفين والجارية اليهودية

في الليلة الثانية والأربعين بعد الخمسمئة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن التاجر لما أقسم على العجوز أن تخبره عن أمرها، فقالت له: يا سيدي اسمع مني الجواب، وما ذلك إلا أني كنت أخدم إنساناً وكانت به أكلة في صلبه وكان عنده طبيب يأخذ الدقيق ويلته بسمن ويجعله على الموضع الذي فيه الوجع طوال ليلته إلى أن يصبح الصباح، فآخذ ذلك الدقيق وأجعله رغيفين وأبيعهما لك أو لغيرك، وقد مات ذلك الرجل فانقطع عني الرغيفان. فلما سمع التاجر ذلك الكلام قال: إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولم يزل ذلك التاجر يتقيأ إلى أن مرض وندم ولم يفده الندم. وبلغني أيها الملك من كيد النساء أن رجلاً كان يقف بالسيف على رأس ملك من الملوك، وكان لذلك الرجل جارية يهواها، فبعث إليها يوماً من الأيام غلامة برسالة على العادة بينهما، فجلس الغلام عندها فمالت إليه، فبينما هما كذلك، إذا بسيد الغلام قد طرق الباب، فأخذت الغلام ورمته في طابق عندها ثم فتحت الباب فدخل وسيفه بيده فجلس على فراش المرأة فأقبلت عليه تمازحه وتلاعبه، وإذا بزوجها يدق على الباب فقال لها: من هذا؟ قالت: زوجي، فقال لها: كيف أفعل وكيف الحيلة في ذلك؟ فقالت له: قم فسل سيفك وقف في الدهليز ثم سبني واشتمني، فإذا دخل زوجي عليك فاذهب وامضِ إلى حال سبيلك ففعل ذلك. فلما دخل زوجها رأى خازندار الملك واقفاً وسيفه مسلول بيده وهو يشتم زوجته ويهددها.

فلما رآه الخازندار استحى وأغمد سيفه وخرج من البيت، فقال الرجل لزوجته: ما سبب ذلك؟ فقالت له: يا رجل ما ابرك هذه الساعة التي أتيت فيها قد أعتقت نفساً مؤمنة من القتل، وما ذاك إلا أنني كنت فوق السطح أغزل وإذا بغلام قد دخل علي مطروداً ذاهب العقل، وهو يلهث خوفاً من القتل وهذا الرجل مجرد سيفه وهو يسرع وراءه ويجد في طلبه، فوقع الغلام علي وقبل يدي ورجلي، وقال: يا سيدتي أعتقيني ممن يريد قتلي ظلماً، فخبأته في الطابق الذي عندنا. فلما رأيت هذا الرجل قد دخل وسيفه مسلول، أنكرته منه حين طلبه مني فصار يشتمني ويهددني كما رأيت، والحمد لله الذي لي فإني كنت حائرة وليس عندي أحد ينقذني، فقال لها زوجها: نِعم ما فعلت يا امرأة، أجرك على الله فيجازيك بفعلك خيراً... وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

خاتم الملك في مخدع الجارية ودرة تكشف ألاعيب زوجته ويهودية تحتال على زوجها

امرأة تصنع رغيفين من دقيق فاسد وتبيعهما للتاجر

الجارية ترهب الملك بحكاية القصار وولده

ابن الملك يتفوق على أقرانه وأهل زمانه

الوزراء يحذرون الملك من كيد النساء
back to top