محمود عبدالعزيز... ساحر السينما المصرية (05-10)

«البريء»... مباراة تمثيلية مع أحمد زكي خلف الأسوار

نشر في 05-05-2020
آخر تحديث 05-05-2020 | 00:01
كان الساحر على موعد مع ثلاثية سينمائية أخرى، عندما التقى المخرج عاطف الطيب في أفلام «البريء» عام 1985، و«أبناء وقتلة» 1987 و«الدنيا على جناح يمامة» 1988، ليضيف إلى مشواره الفني تجربة مغايرة لأعماله السابقة، ويرتدي قناع الدراما الواقعية، ويبهر النقاد والجمهور بأدائه لشخصيات متباينة الأبعاد النفسية والاجتماعية، كنجم لا يأبه بمساحة الدور في السيناريو، بقدر اهتمامه بعمق الشخصية التي يجسدها على الشاشة.
كشف الساحر عن نضجه الفني، عندما وافق على مشاركة صديقه النجم أحمد زكي بطولة فيلم «البريء» لقناعته بأهمية دوره في السيناريو الذي كتبه وحيد حامد، واستطاع الطيب أن يجمع النجمين بعد سنوات من لقائهما الأول في فيلم «شفيقة ومتولي» وأثبت عبدالعزيز أنه نجم كبير بقبوله دوري «ابن العمدة» و»ضابط السجن»، فالفيلمان بطولة النجم الأسمر، ولكن حضور الساحر في «البريء» حقق مباراة تمثيلية رائعة، ومعهم كوكبة من النجوم كضيوف شرف، منهم صلاح قابيل وإلهام شاهين، وجميل راتب، وممدوح عبدالعليم، وأحمد راتب.

زمن افتراضي

اقرأ أيضا

وتدور أحداث «البريء» في زمن افتراضي، حول الشاب الفقير أحمد سبع الليل (أحمد زكي) الذي لم يتمكن من تلقي تعليمه بسبب ظروف معيشته القاسية، ويتعاطف معه الشاب الجامعي المثقف حسين وهدان (ممدوح عبدالعليم) ويعلمه المبادئ الوطنية، وتتوالى الأحداث في أجواء تراجيدية وكتب أغاني الفيلم الشاعر عبدالرحمن الأبنودي، ووضع الموسيقى التصويرية والألحان الموسيقار عمار الشريعي.

اللحظات الأخيرة

وظل «البريء» فيلماً استثنائياً في مشوار النجمين والمخرج المتميز عاطف الطيب، وتعثرت محاولات مخرجين آخرين للجمع بين زكي وعبدالعزيز في عمل سينمائي مشترك، ولكن صداقتهما ظلت قائمة حتى اللحظات الأخيرة من حياة النجم الأسمر، وحرص الساحر على الوجود في العرض الخاص لفيلم «حليم» 2005، آخر أفلام أحمد زكي، وحينئذ كان الأخير يعاني المرض، وبدا التأثر واضحاً على ملامح عبدالعزيز، وهو يخفي دموعه خلف نظارة سوداء، ودخل في نوبة اكتئاب بعد رحيل صديقه وزميل مشواره الفني في نفس العام.

أبناء وقتلة

بعد نجاح فيلم «البريء» دخل الساحر إلى «البلاتوه» مع المخرج عاطف الطيب والسيناريست مصطفى محرم، وشارك في بطولة «أبناء وقتلة» مع النجمة نبيلة عبيد، ومجدي وهبة، وشريف منير، وخلود، وأحمد سلامة، ونادية عزت، والفيلم مأخوذ عن قصة للأديب إسماعيل ولي الدين، وتدور أحداثها حول شيخون «بارمان» الذي يتزوج من دلال الراقصة وينجب منها توأم، ويسرق نقودها ليشتري بها البار الذي يعمل به، وتنتهز دلال فرصة تستر زوجها على زوج شقيقته الهارب من السجن، فتبلغ عنه الشرطة انتقاماً منه، ويدخل شيخون السجن ويخرج بعد سنوات ويكوّن ثروة كبيرة ويسعى للانتقام من زوجته، وتتوالى الأحداث.

الطريف أن النجمة نبيلة عبيد، ظهرت في مشاهد قليلة في هذا الفيلم، ولكنها تعتز بتلك التجربة السينمائية، وقالت إنها لم تخش المشاركة في «أبناء وقتلة» الذي شاركت في بطولته الفنان الراحل محمود عبدالعزيز، رغم صغر حجم دورها مقارنة بالأعمال الأخرى التي كانت تقوم ببطولتها، وحين عرض عليها السيناريو، كشف لها القائمون على العمل أن شخصيتها في العمل ستنتهي في الثلث الثاني من الفيلم، ولكنها لم تتردد في قبول دور «دلال» لاسيما أن هذه الشخصية يستمر تأثيرها إلى نهاية الأحداث».

مواهب شابة

وأثار «أبناء وقتلة» الجدل بعد عرضه في دور السينما، ورغم نجاحه الجماهيري وتألق محمود عبدالعزيز في دور «شيخون» والظهور الجريء لنبيلة عبيد في دور صغير، واكتشاف مواهب شابة ـ آنذاك ـ مثل شريف منير وأحمد سلامة، فإن المخرج عاطف الطيب تخلى عن الدراما الواقعية، وقدم فيلما ميلودراميا بمواصفات تقليدية، وينتمي إلى سينما الخمسينيات، ويرصد المتغيرات السياسية والاجتماعية بعد ثورة يوليو 1952 المصرية حتى فترة الثمانينيات من القرن الماضي.

بابا زعيم عصابة

واكتملت ثلاثية «الساحر والطيب» بفيلم «الدنيا على جناح يمامة» 1988 سيناريو وحيد حامد، وشارك في بطولته النجمة ميرفت أمين، وأحمد راتب، وسناء يونس، وعبدالله فرغلي، وظهر النجم يوسف شعبان كضيف شرف، ودارت الأحداث في إطار كوميدي حول شخصية رضا سائق تاكسي، يقوم بتوصيل إيمان اﻷرملة الثرية العائدة من الخارج «ميرفت أمين» وتثق به ليكون مرافقا لها في كل تنقلاتها، ويحاول مساعدتها في تهريب حبيبها المهندس حسن (يوسف شعبان) المحتجز في أحد مستشفيات اﻷمراض العقلية.

وكان محمود عبدالعزيز، قد قام ببطولة «الدنيا على جناح يمامة» كمسلسل إذاعي قبل الفيلم بعام، وأخرجه يوسف حجازي، وقامت بدور «إيمان» النجمة نجلاء فتحي، بينما جسد شخصية «حسن» ضيف الحلقات النجم فاروق الفيشاوي، وحينها حقق المسلسل نجاحا كبيرا، عندما أذيعت حلقاته خلال شهر رمضان، مما دفع مؤلفه وحيد حامد إلى تحويله لفيلم سينمائي، وحمل نفس الفكرة والمضمون، ولاقى نجاحا مماثلا عند عرضه في دور السينما.

الدراما الإذاعية

وبعد مرور 29 عاما على إذاعة «الدنيا على جناح يمامة» أعادت الإذاعة المصرية بث المسلسل بعد رحيل الفنان محمود عبدالعزيز، كلمسة وفاء لنجم أثرى الدراما الإذاعية بالعديد من الأعمال المتفردة، ومنها «بابا زعيم عصابة» 2010، تأليف محمد سليمان عبدالمالك، وإخراج عبده دياب وشارك في البطولة ميرفت أمين ورجاء الجداوي وأحمد فؤاد سليم ومفيد عاشور، وتدور أحداث المسلسل في إطار كوميدي حول كاتب الروايات البوليسية «حسين عبدالمجيد»، ويساعد الشرطة في القبض على عصابة خطيرة، ويصبح كاتباً مشهوراً.

وقدم الساحر آخر أعماله في الإذاعة «العملية صهللة» عام 2016، تأليف أحمد محيي وإخراج إيهاب منير، وشارك في بطولة المسلسل نجم الكوميديا سمير غانم، ولطفي لبيب، وبدرية طلبة، وعبدالله مشرف، وأذيع في شهر رمضان من نفس العام، واحتفل عبدالعزيز مع فريق العمل بانتهاء تسجيل الحلقات، وترك بصمته الأخيرة في الدراما الإذاعية.

عبدالعزيز يفاجئ جمهوره في «تويتر المشاهير»

فاجأ الفنان محمود عبدالعزيز، جمهوره، بانضمامه إلى رواد موقع «تويتر» من المشاهير في أول يونيو 2016، أي قبل رحيله بأشهر قليلة، وبخفة ظله المعهودة، كتب أول تويتة على حسابه قائلاً: «أهو فتحت تويتر... حد ليه شوق في حاجة؟»، وهي العبارة الشهيرة التي رددها في فيلم «إبراهيم الأبيض» وطلب من جمهوره متابعته على حسابه الجديد.

وتوالت ردود الأفعال المرحبة بظهور «صانع البهجة» على «تويتر»، وحينئذ كتب الفنان آسر ياسين «نورت تويتر يا شيخ حسني»، وهو أحد أبرز أدوار محمود عبدالعزيز الذي قدمه في فيلم «الكيت كات»، وقام الفنان صلاح عبدالله بإعادة نشر تويتة محمود عبدالعزيز، التي أعلن فيها انضمامه إلى «تويتر».

ولم يمر سوى يوم على انضمام محمود عبدالعزيز إلى «تويتر»، حتى تخطى 10 آلاف متابع، وامتلأت التعليقات على حسابه بصور وعبارات لشخصيات جسدها في السينما، واختار الساحر متابعة 9 شخصيات عامة منهم الفنان نبيل الحلفاوي، وأحمد السقا، والفنانة هند صبري، والسيناريست هشام منصور، والمخرج عمرو سلامة.

«صانع البهجة» يحلم بالتمثيل أمام سيدة الشاشة فاتن حمامة

عندما سئل الفنان محمود عبدالعزيز عن أمانيه أجاب: «ربنا أعطاني أكثر مما كنت أتمنى»، ولكن ظلت هناك أمنية لم يحققها، وقال في حوار صحافي في منتصف التسعينيات: «أمنية حياتي أن أمثل أمام فاتن حمامة»، فظلت هذه الأمنية تخايله طوال عمره، وبعد غياب عادت سيدة الشاشة في فيلم «أرض الأحلام» للمخرج داود عبدالسيد، ولعب دور البطولة أمامها الفنان يحيى الفخراني.

وعندما التقى عبدالعزيز بالفنانة فاتن حمامة في إحدى المناسبات، تحدث معها في هذا الأمر ورحبت بالفعل في حال وجود السيناريو المناسب، وحاول جاهداً مع السيناريست وحيد حامد أن يقوم بكتابة عمل يجمعه مع سيدة الشاشة من دون جدوى، وأيضاً حاول مع الكاتب محسن زايد، ويبدو أن الجمع بينهما كان عسيراً، فالسيدة فاتن حمامة خاضت تجربة التلفزيون، وقررت الاعتزال، بعدما نصحها الأطباء بذلك.

ولكن يبدو أن حلم محمود عبدالعزيز كاد يتحقق بعدما أرادت فاتن حمامة العودة من جديد من خلال مسلسل «إمبراطورية م»، وهو فكرة عرضها عليها الكاتب الكبير وحيد حامد، ورحبت بتقديمها علي الشاشة الصغيرة، وهي فكرة الفيلم الذي قدمته في أوائل السبعينيات، وأخرجه حسين كمال، وحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً.

وأراد وحيد حامد أن يعيد تقديمه بشكل درامي من خلال مسلسل تلفزيوني في 2012، وعرض عليها أبناءها بعدما كبر سنهم، ومنهم النجمتان إلهام شاهين وليلى علوي، ويلعب محمود عبدالعزيز دورا محوريا في المسلسل، وهو رجل الأعمال الذي يسطو بماله على أولاد وأحفاد فاتن حمامة.

ورحب «صانع البهجة» بالمشاركة في المسلسل، وكاد يطير فرحاً، وبالفعل تم عقد جلسات عمل لمناقشة السيناريو قبل أن يكتب وذهب فريق العمل المبدئي لمنزل السيدة فاتن حمامة ولكن لم يشأ القدر إتمام العمل لتدهور صحتها، ولمنع الأطباء لها من القيام بالمسلسل حرصاً منهم على صحتها، ثم رحلت في يناير 17 يناير 2015، وأصبحت أمنية محمود عبدالعزيز حلما جميلا لم يتحقق.

وعلى الرغم من نجاحاته العديدة مع كبار نجمات السينما العربية مثل شادية وسعاد حسني ونبيلة عبيد وغيرهن، فإن وقوفه مع فاتن حمامة كان حلما بالنسبة إليه نظراً حبه الشديد لها، خصوصا بعدما كاد يتحقق الحلم، ورحل الفنان محمود عبدالعزيز هو الآخر بعد أقل من عامين من رحيل فاتن حمامة.

«وادي الذكريات» يجمع الساحر و«دلوعة السينما»

طرق الفنان محمود عبدالعزيز أبواب الرومانسية في فيلم «وادي الذكريات» تأليف ميشيل صويا، وسيناريو وحوار الأديب يوسف السباعي، ويبدو أن المخرج هنري بركات أجل هذا المشروع السينمائي بعد رحيل السباعي، ثم قام بتصويره في سورية، وعرض في دور السينما عام 1981.

وفي «وادي الذكريات» التقى الساحر مع الفنانة الكبيرة شادية للمرة الأولى، وشارك في بطولة الفيلم، عماد حمدي، وقابيل، وحياة قنديل، ودارت قصته حول الشاب رأفت الذي يتزوج من سعاد «شادية» رغم معارضة عائلته للفارق الاجتماعي بينهما ويسافران إلى سورية، حيث تعيش خالة سعاد، ويموت رأفت بعد مرض خطير، وتعمل سعاد حتى توفر المال لتربية ابنتها سحر «حياة قنديل» التي يربط الحب بينها وبين جارها وليد (محمود عبدالعزيز) ويتفقان على الزواج، وتصاب سعاد بمرض تخفيه عن ابنتها التي تسافر إلى القاهرة لتعيش مع عمتها الثرية دولت وتتوالى الأحداث.

ويعد هذا الفيلم من الأعمال النادرة لدلوعة السينما ومحمود عبدالعزيز، وأيضا للمخرج هنري بركات الذي اشتهر بأعماله الرومانسية، ويعد من كبار المخرجين الذين تعامل معهم «الساحر» ومنهم عاطف سالم في «الحفيد»، وحسام الدين مصطفى في «الشياطين»، وحسين كمال في «أرجوك اعطني هذا الدواء».

الساحر يبكي في حفل العرض الخاص لفيلم «حليم»

نبيلة عبيد أول نجمة تظهر في دور صغير أمام «شيخون»
back to top