النجم محمود عبدالعزيز... ساحر السينما المصرية (2-10)

أول لقاء مع الزعيم عادل إمام... رقصٌ فوق النار

نشر في 01-05-2020
آخر تحديث 01-05-2020 | 00:15
تعثرت خطوات النجم محمود عبدالعزيز في بداياته الفنية، واستقال من وظيفته كمعيد في كلية الزراعة، وسافر في بداية السبعينيات إلى النمسا مدة عام، وعمل هناك بائعاً للصحف، وبعد عودته إلى الوطن، منحه المخرج نور الدمرداش دوراً صغيراً في مسلسل «كلاب الحراسة»، ثم شارك في بطولة «الدوامة»، وظهر للمرة الأولى على شاشة السينما في فيلم «الحفيد»، وتتابعت رحلة «الساحر» في عالم الأضواء والشهرة.
وجد المنتج رمسيس نجيب ضالته في النجم الصاعد، وراهن على الدفع به إلى أدوار البطولة كفتى أول وسيم «جان»، بعدما رفع النجم حسين فهمي أجره، وقام عبدالعزيز بأول بطولة سينمائية له في فيلم «حتى آخر العمر» قصة الكاتب يوسف السباعي وإخراج أشرف فهمي، وشارك في بطولته نجوى إبراهيم وعماد حمدي، وأثبت عبدالعزيز أنه يمتلك مقومات النجومية، والقدرة على أداء الأدوار الصعبة، لاسيما أنه ظهر في معظم المشاهد جالساً على مقعد متحرك، ويعبر عن انفعالاته ومشاعره كشخصٍ أقعدته الإصابة في الحرب عن الحركة، ويحاول التكيف مع ظروفه الخاصة.

ويعد «حتى آخر العمر» من الأفلام الوطنية والاجتماعية والدرامية التي تناولت حرب أكتوبر عام 1973، وعرض في ذكرى النصر يوم 7 أكتوبر عام 1975، وهو واحد من بين خمسة أفلام تناولت هذه الانتصارات «الرصاصة لا تزال في جيبي» إخراج حسام الدين مصطفى، و»بدور» للمخرج نادر جلال، و»أبناء الصمت» إخراج محمد راضي، و»الوفاء العظيم» للمخرج حلمي رفلة.

وفي ذلك الوقت انتبه المخرجون إلى قدرات هذا النجم الصاعد، وأن مقوماته كممثل أكبر بكثير من أدوار الفتى الوسيم، وفتحت أمامه أبواب السينما والمسرح والتلفزيون، وكان أثناء تصوير «حتى آخر العمر» يقوم ببطولة مسرحية «لوليتا» للمخرج نور الدمرداش الذي صورها بأسلوب سينمائي، وشارك في بطولتها الفنانون صفاء أبوالسعود، وأمين الهنيدي، وخيرية أحمد، وعدلي كاسب، وسلوى محمود، ودارت أحداثها في إطار كوميدي، وتسلط الضوء على الفتاة العصرية «لوليتا» ابنة صاحب شركة كبيرة، وتزور لوليتا الشركة وتقرر العمل فيها، عندها تنقلب حياة الموظفين رأساً على عقب، ومن بينهم الشاب المستهر (محمود عبدالعزيز) وتتوالى الأحداث في سياق ممتع.

اقرأ أيضا

وتألق الساحر في أول بطولة درامية من خلال مسلسل «شجرة اللبلاب» 1976 قصة الأديب محمد عبدالحليم عبدالله وإخراج عبدالمنعم شكري، وشارك في البطولة عايدة كامل، وسهام منصور، وسناء يونس، وأحمد الجزيري، ومحمد متولي، وسميحة توفيق، وقدم عبدالعزيز دوراً تراجيدياً متماثلاً مع دوره في فيلم «حتى آخر العمر»، حيث جسد شخصية شاب لا يستطيع أن يتخلص من عقد الماضي التي سببتها وفاة والدته وقسوة الأب.

الكوميدي والجان

كان الساحر على موعد مع الزعيم عادل إمام للمرة الأولى في فيلم «شباب يرقص فوق النار» 1978، إخراج يحيى العلمي، وشارك في البطولة يسرا وعبدالمنعم مدبولي وشويكار ونظيم شعراوي، ودارت أحداثه في إطار كوميدي اجتماعي حول الأب الأرمل الذي يفني حياته من أجل أبنائه بعد وفاة زوجته، وقام عادل إمام بدور الأخ العاطل عن العمل، بينما شقيقه (محمود عبدالعزيز) مهندس شاب وصاحب مبادئ، والذي يصطدم مع صاحب الشركة الجشع.

وفي العام ذاته، التقى الساحر والزعيم في فيلم «عيب يا لولو... يا لولو عيب» إخراج سيد طنطاوي وشارك في بطولته نيللي وعزت العلايلي وحسن عابدين وعزيزة حلمي ونظيم شعراوي، وتدور قصته حول فتاة متحررة تعيش وحدها في «بنسيون»، ويتنافس على حبها كل نزلاء البنسيون، ويدخل الفيلم في قائمة الـ«لايت كوميدي»، ولعب إمام دوراً كوميدياً، بينما جسَّد محمود شخصية الشاب «الجان» الرومانسي.

وقام عبدالعزيز في العام نفسه ببطولة المسلسل الكوميدي «مبروك جالك ولد» للمخرج فهمي عبدالحميد، وشارك في البطولة نيللي، ومحمود المليجي، ودلال عبدالعزيز، وسعيد عبدالغني، ونعيمة وصفي، وملك الجمل، وبدر الدين جمجوم، وتدور قصته حول زوجة (نيللي) لا تنجب، ويسافر زوجها (محمود عبدالعزيز) للعمل لتكتشف أن له طفلاً من زوجته الأولى (دلال عبدالعزيز) لا يعرف عنه شيئاً، ويقوم خال الطفل (سعيد عبدالغني) بخطفه ليستولي على ميراثه بعد وفاة أمه، وتتصاعد الأحداث على نحو مثير.

علامة إكس

في تلك الفترة كان محمود عبدالعزيز يقوم بدور «الجان» بأداء متزن هادئ لا ينبئ عما هو كامن تحت السطح، وفي عام 1980 قام ببطولة فيلم «البنات عايزة إيه» للمخرج حسن الصيفي، وشارك في البطولة سهير رمزي، وسمير غانم، وهياتم، والمطرب الشعبي أحمد عدوية، ولاحقاً تخطى الساحر هذا الأداء ليصبح من أهم الممثلين الذين جسدوا شخصيات مركبة «كاراكتر» في السينما المصرية.

وفي العام نفسه خاض الساحر اختباراً صعباً مع فيلم «إكس علامة معناها الخطأ» إخراج سمير نوار، وشارك في البطولة مع ناهد شريف، وعمر الحريري، وإيمان، وأحمد بدير، وهذا الشريط السينمائي إحدى المعالجات لرواية «كونت دي مونت كريستو» للأديب الفرنسي ألكسندر دوماس، وسبق أن قدمها المخرج هنري بركات في فيلمين، أولهما «أمير الانتقام» عام 1950 بطولة أنور وجدي وسامية جمال ومديحة يسري ومحمود المليجي، والثاني «أمير الدهاء» عام 1964 بطولة فريد شوقي ومحمود مرسي وشويكار وتوفيق الدقن، وفي عام 1976 قدم المخرج سمير سيف أول أعماله من خلال فيلم «دائرة الانتقام» بطولة نور الشريف، وميرفت أمين، ويوسف شعبان، وصلاح قابيل، وإبراهيم خان.

ولم يستطع فيلم «إكس علامة معناها الخطأ» أن يحقق نجاح الأفلام الثلاثة السابقة، بل يعتبر من الأفلام المجهولة لمحمود عبدالعزيز والقابلة للنسيان، وكان هذا العمل آخر تجربة لمخرجه وكاتب السيناريو، وقد حاول أن يقدم معالجة سينمائية مغايرة، ويبدأ الفيلم بصورة ثابتة للمخرج «سمير نوار» مع تعليق صوتي له يقدم لنا الفيلم على أنه معالجة جديدة لقصة سمعناها كثيراً لألكسندر دوماس، ولكن هذه المرة يخرج البطل ضائعاً تائهاً يفشل في الانتقام ممن تسببوا في دخوله السجن، والفيلم يستخدم المونولوج الداخلي بإسهاب شديد، وتصاحب رحلة البطل المقهور العاجز عن الانتقام أغنيات وألحان المطرب محرم فؤاد.

وتدور الأحداث من خلال شخصية «رمزي» الشاب المستقيم الذي يعمل رئيساً للحسابات في إحدى الشركات مع خطيبته «مديحة» ويكتشف وجود اختلاسات بالشركة ويبلغ خطيبته عن نيته إبلاغ السلطات، ولكنها تبلغ رئيس الشركة، ويتم إلصاق التهمة برمزي نفسه، والقبض عليه وإيداعه السجن، وبعد أن تنتهي مدة عقوبته يصمم على الانتقام منهم.

وأرجع النقاد فشل هذا الفيلم إلى تكرار هذه المعالجات لرواية دوماس، واستعادة شخصية المنتقم بأقنعة مختلفة، وكما صادف محمود عبدالعزيز سوء الحظ مع «كونت دي مونت كريستو» حدث الأمر ذاته مع النجم نور الشريف، الذي قدم تجربة ناجحة جماهيرياً في «دائرة الانتقام» ولكن فيلمه الثاني عن نفس الفكرة «الظالم والمظلوم» في عام 1989 للمخرج حسام الدين مصطفى، لم يصمد في دور السينما، وأيضاً زاحمت النجمة نجلاء فتحي «أبطال الانتقام» عام 1988 بفيلمها «المرأة الحديدية» للمخرج عبداللطيف زكي.

الساحر والمتوحشة

اعتبر محمود عبدالعزيز أن الوقوف أمام النجمة سعاد حسني من أهم محطاته السينمائية، وقد شاركها عام 1978 مع النجم أحمد زكي بطولة فيلم «شفيقة ومتولي»، سيناريو صلاح جاهين وإخراج علي بدرخان، وتدور قصة الفيلم في فترة حفر قناة السويس، ويذهب متولي (أحمد زكي) إلى العمل في السخرة، ويترك شقيقته شفيقة (سعاد حسني) وحدها مع الجد العجوز (عبدالوارث عسر)، وتضطر شفيقة إلى قبول إغراءات ابن شيخ البلد دياب (محمود عبدالعزيز) وتتوالى الأحداث.

وفي العام التالي شارك عبدالعزيز مع السندريلا في فيلم «المتوحشة» إخراج سمير سيف، والفيلم مأخوذ عن مسرحية «ترويض النمرة» للكاتب المسرحي ويليام شكسبير، وقام بالمعالجة الدرامية صلاح جاهين، وتدور القصة حول «بهية» فتاة استعراض في فرقة تجوب الموالد، وفي إحدى الليالي تقع بنظرها على أشرف الكاتب الثري، وينمو الحب بينهما، ولكنها تقرر الاختفاء من حياته، وتترك الفرقة بحثًاً عن طريقة أخرى لكسب الرزق، وتتصاعد الأحداث.

وعن ذكريات هذا اللقاء، قال عبدالعزيز، إنه في بداية تصوير الفيلم طلبت منه النجمة سعاد حسني أن يثق بنفسه، وأن يكون على طبيعته في أداء مشاهده معها، ونصحته بتغيير تسريحة شعره للخلف وليس إلى الجنب، لأنه سيكون أكثر وسامة، وبالفعل استمع الساحر لنصائح السندريلا.

وبعد سبعة أعوام على «المتوحشة» جمعهما المخرج علي بدرخان في فيلم «الجوع» المأخوذ عن ملحمة الحرافيش للكاتب الكبير نجيب محفوظ، وشارك في بطولته النجمة يسرا وعبدالعزيزمخيون وسناء يونس، وتدور أحداثه حول الفتوة الظالم فرج الجبالي (محمود عبدالعزيز) الذي تولى أمور الحارة بعد أن سجن شقيقه جابر (عبدالعزيز مخيون)، بينما تسعى زوجة أخيه زبيدة (سعاد حسني) إلى رفع الظلم عن زوجها، وتتابع الأحداث.

وقدم عبدالعزيز في «الجوع» دوراً يعد من أهم أدواره على الشاشة البيضاء، وحفلت مشاهد تصوير الفيلم بألفة بين فريق العمل، وحينئذ داعبته السندريلا قائلة: «شخصيتك في الجوع لا يوجد بها إظهار لشعرك ولكنك ترتدي العمامة في أغلب المشاهد»، وبعدها تلقى اتصالاً منها تهنئه فيه على نجاح مسلسله «رأفت الهجان».

ماراثون سينمائي بين الساحر وحسين فهمي

اشتعلت المنافسة بين النجمين حسين فهمي ومحمود عبدالعزيز على أدوار الفتى الوسيم «الجان»، وتناثرت الأقاويل عن وجود خلافات بينهما، وفي ذلك الوقت حقق «الواد التقيل» نجومية هائلة بعد انتهائه من دراسة الإخراج السينمائي، وعودته إلى مصر، ولديه طموحات هائلة في تقديم سينما مغايرة للسائد في تلك الفترة، ولكن المخرج حسن الإمام أقنعه بالاتجاه إلى التمثيل، وأسند إليه البطولة في فيلم «دلال المصرية» في عام 1970، وبعد عامين في فيلم «خلي بالك من زوزو» أمام السندريلا سعاد حسني، وتبعهما بفيلم «أميرة حبي أنا».

ومن جهة أخرى، تألق محمود عبدالعزيز في أدوار الفتى الوسيم، وصار من أبرز نجوم الشاشة في حقبة السبعينيات مع حسين فهمي ومحمود ياسين ونور الشريف، ولكن المنافسة ظلت قاصرة بين النجمين «الوسيمين»، وأصبح أمام المنتجين فرصة في الاختيار بعد أن رفع فهمي أجره، ومع الوقت زال التوتر بينهما، وجمعتهما تجارب سينمائية متميزة، وحققت نجاحاً جماهيرياً كبيراً.

وكان لقاؤهما الأول في فيلم «الشياطين» عام 1977 للمخرج حسام الدين مصطفى، وقام عبدالعزيز بأول أدواره المركبة من خلال سيناريو مأخوذ عن قصة للكاتب الروسي ديستويفسكي، وجمعهما لقاء آخر في فيلم «العار» عام 1982 للمخرج علي عبدالخالق، وشاركهما بطولة الفيلمين النجم نور الشريف، وتبارى النجوم الثلاثة في تقديم أرقى الأداء، وإمتاع جمهورهم بإبداعهم التمثيلي المتفرد.

المفارقة أن النجمين تمردا على أدوار الفتى الوسيم، وقدما العديد من الأدوار المركبة، فقام حسين فهمي بدور متميز في فيلم «البرنس» عام 1984 من خلال تجسيد شخصيات متعددة منها الشاب والعجوز، بينما خلع محمود عبدالعزيز قناع «الجان» في أفلامه مع المخرج رأفت الميهي «السادة الرجال» 1987، و«سمك لبن تمر هندي» 1988، و«سيداتي آنساتي» 1990.

سعاد حسني تطلب من النجم الشاب تغيير تسريحة شعره

«الجان» يخوض تجربة المسرح الكوميدي مع «لوليتا»

«إكس علامة معناها الخطأ» تجربة سينمائية قابلة للنسيان

بطل مسلسل «شجرة اللبلاب» يتمرد على أدوار الفتى الوسيم
back to top