مثقفون وفنانون: نادر القنة أحد رموز النقد المسرحي

جاءت وفاته بعد تدهور حالته الصحية عقب فقدان شقيقه الأكبر

نشر في 01-12-2019
آخر تحديث 01-12-2019 | 00:14
اعتبر مثقفون وفنانون أن رحيل الدكتور الباحث نادر القنة خسارة كبيرة للمشهد المسرحي الخليجي.
نعت الأوساط الفنية والثقافية والمسرحية في الكويت والعالم العربي الدكتور الباحث نادر القنة، بعد مسيرة حافلة بالبحوث والدراسات القيمة التي رسخته واحداً من أهم الباحثين في مجالات المسرح في الكويت والخليج والعالم العربي.

جاءت وفاة القنة بعد معاناة طويلة مع المرض، إذ كان يعاني مشاكل كبيرة في القلب والضغط، وقد تدهورت حالته الصحية خلال الفترة القصيرة الماضية إثر فقدانه شقيقه الأكبر.

وقد شغل الدكتور نادر القنة العديد من المناصب، من بينها أستاذ الدراما وعلوم المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت، بالإضافة إلى مساهماته الكبرى في العديد من المهرجانات والملتقيات المسرحية في أنحاء العالم العربي.

دراسات أكاديمية

كتب الراحل القنة العديد من الأبحاث العلمية والدراسات الأكاديمية، التي نُشرت في عدد من الدوريات العربية، منها "شهرزاد بين توفيق الحكيم وأحمد علي باكثير" و"أبعاد القضية الفلسطينية في المسرح الفلسطيني في فلسطين المحتلة" و"ملامح التجريب المسرحي في الوطن العربي" و"الأسئلة المثارة حول مستقبل الحركة المسرحية في الكويت".

كما كتب للمسرح العديد من النصوص، وتم تقديم البعض منها في الكويت، بينها "وعاد الأمل" و"الشيطان في مسرح النشمي" و"فناتك وأشواق أسير" و"أنا الفلسطيني".

وأخرج للمسرح: "تصريح زيارة" تأليف بشرى داود، و"أنا الفلسطيني" من تأليفه، ورقة طابو إعداد محمد مرشد، و"الصخرة" معين بسيسو.

البحث العميق

عقب ذيوع خبر وفاته، قال الأمين العام المساعد لقطاع الفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الدكتور بدر الدويش: "لقد خسر المسرح في الكويت والعالم العربي أحد الرموز الشامخة في مجال البحث والنقد المسرحي. ناقد من جيل الكبار، ظلت مسيرته تقترن بالرصانة العالية والبحث العميق".

وقال الأمين العام للهيئة العربية للمسرح الكاتب الإماراتي اسماعيل عبدالله: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، "رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته وألهمنا وأهله وذويه والمسرحيين العرب في كل مكان الصبر والسلوان... لقد كان رحمه الله قامة مسرحية متفردة بجديته وعشقه للمسرح العربي".

ونعته الفنانة القديرة هدى حسين بقولها: "إن رحيل الدكتور الباحث والمفكر نادر القنة هو في حقيقة الأمر رحيل لقامة وقيمة ومفكر استطاع أن يضيف الكثير لصناعة المسرح، بالذات على صعيد النقد والتحليل المسرحي الرصين والعميق، حيث الاكتشافات الكبرى في لغة البحث المسرحي... عزائي الكبير لأسرته الصغيرة، وأسرته الكبيرة التي تتمثل في اهل المسرح في العالم العربي".

أما رئيس مجلس إدارة فرقة المسرح الكويتي الفنان أحمد السلمان، فقال: "رحم الله الدكتور الباحث الرصين نادر القنة، فقد كان نموذجا متفردا للجدية والالتزام. حيث نذر نفسه ومسيرته من أجل خدمة المسرح في الكويت والعالم العربي عبر بحوثه ودراسته التي ستظل خالدة وحاضرة".

كما نعاه عدد كبير من نجوم ورجالات المسرح في العالم العربي، وخسر المسرح العربي بوفاة الدكتور القنة قيمة مسرحية كبيرة أثرت في أجيال متعاقبة من المسرحيين.

وقال الكاتب علي فريج عن الراحل: "عرفته منذ عقود عندما كنا طلابا ندرس علوم المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية في دولة الكويت، التقينا والتقت معنا الكثير من القيم؛ قيمة الألم المشترك، والهم المشترك، والأهم التقاء الفكرة والهدف والرسالة".

وتابع فريج: "كان القنة عصاميا مكافحا منذ كان يدرس النقد المسرحي في المعهد، وكم من مرة رأيته ينزل من سيارة الإسعاف مهرولا ليلحق بمحاضرته، كان يقود السيارة عارف إبراهيم، وكان هو والدكتور نادر زميلين في نفس المهنة بإدارة الطورئ الطبية في دولة الكويت، وفيما بعد أقنع زميله عارف بأن يمثل وكان موهوبا، نعم... كان يعمل مسعفا وسائق سيارة إسعاف ليساعد عائلته، ولينفق على نفسه كطالب يحتاج إلى المراجع وحسن الهندام، وهو يدرس علما قريبا جدا لصناعة الجمال".

وقدم الكثير من العاملين في الوسط الفني والثقافي الخليجي والعربي التعازي إلى عائلة الفقيد.

فقيد المسرح والثقافة

قبل الإعلان من جانب أسرته، جاء الخبر متواترا من أصدقائه الذين استشعروا غيابه، وراحوا يسألون عنه، لماذا هذا الغياب؟ إذ لم يكن من عادة الفقيد نادر مصطفى القنة الانقطاع عن الأصحاب، فقد اعتادوا على وجوده ومشاركته اليومية من خلال "فيسبوك" وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي.

بعد البحث والسؤال، وبعد أيّام من تقفّي أثره، تبيّن لهم أنه فارق الحياة، وعثروا عليه في منزله وحيدا، حيث أسلمت روحه الى باريها بصمت وجلال.

غاب عن دنيانا أستاذ الدراما وعلوم المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت وأحد أعضاء هيئة التدريس فيه.

ودّع الدنيا وهو في الخامسة والخمسين من العمر، وكانت له إسهامات بتأليف الكتب عن المسرح والسينما، وأنتج العديد من البحوث والدراسات في هذا المجال.

أمضى جلّ عمره بالكويت، وانتدب في العديد من المهرجانات المسرحية وترأس لجان التحكيم فيها.

تولى رئاسة الرابطة الثقافية الوطنية الفلسطينية بعد ان أنشأها، وساهم في تنشيط عملها من خلال إحيائه مناسبات كانت تزخر بالعمل الثقافي والإبداعي.

كتب عنه صديقه إمحمد بن قطاف "كان النقد المسرحي في الجزائر لا يجاور حدود دولة تونس، وذهب به نادر القنة شرقا الى حدود دول المشرق والخليج".

مارس الكتابة في الصحافة الكويتية، وتنقّل بين عدد من الصحف، ومنها صحيفة القبس، حيث عمل فيها فترة طويلة، غطى خلالها الأنشطة وكتب النقد.

وقد نعته مؤسسة مهرجان القصر الكبير الدولي للمسرح بالمغرب ومركز الجنوب للفن السابع بالجزائر والرابطة الثقافية الوطنية الفلسطينية.

نادر القنة من قرية بيت دجن بمحافظة نابلس، عاش ردحا من الزمن في ربوع الكويت، وكان دائم الحركة والنشاط في الوسط المسرحي داخل الكويت وخارجها.

back to top