«حبة تمرّن»... هل نحصل عليها قريباً؟

نشر في 04-07-2017
آخر تحديث 04-07-2017 | 00:02
No Image Caption
يعمل الباحثون راهناً على تطوير أدوية لها تأثيرات التمرّن ذاتها. ولكن لم ينجح أي منها في تقديم فوائد النشاط الجسدي كافةً.
يعشق خبراء الصحة ترديد عبارة: «لو كان التمرّن حبة لأراد الجميع تناولها». ويبدو أن العلماء يوافقونهم الرأي. شهدت السنوات القليلة الماضية سعياً دؤوباً نحو تطوير دواء يحاكي تأثيرات التمرّن. ولا شك في أن هذا وعد بالغ الأهمية: سيشكّل دواء مماثل نعمة لمن تحدّ أحوالهم الصحية أو إصابتهم من نشاطهم الجسدي. بالإضافة إلى ذلك، تسهّل هذه الأدوية الانطلاق في برنامج تمرّن جديد. وعلى نحو مماثل، تقدّم حبة من هذا النوع فوائد التمرّن الصحية لمن لا يعانون مشاكل جسدية، إلا أنهم لا يملكون الوقت الكافي للتمرّن أو يستصعبون بكل بساطة النهوض عن الكرسي.

تذكر الدكتورة لوري غوديير، التي ترأس قسم علم الفيزيولوجيا التكاملي والعملية الأيضية في مركز جوسلين للداء السكري التابع لجامعة هارفارد: «صحيح أن فكرة تطوير حبة تمرّن مبتكرة، إلا أنها تصطدم بكثير من العقبات». فكما أن حبة الفيتامينات لا تزودنا بفوائد النظام الغذائي الصحي كافة، كذلك لن تنجح هذه الحبة على الأرجح في تقديم فوائد التمرّن كلها.

كيفية عملها

لما كان النشاط الجسدي المنتظم يُعتبر مقاربة حياتية مهمة (وربما الأكثر أهمية) للحفاظ على الصحة، فإن العلماء يصبّون اهتماماً متزايداً على تأثيرات هذا النشاط في أجهزة الجسم، وأنسجته، وخلاياه. وتمكّنت بحوثهم من تحديد عدد كبير من الجزيئات التي تنشط عند التمرّن. وهكذا حصلوا على بعض الأفكار عن كيفية تحفيز الجزيئات من دون بذل أي جهد. تصف مراجعة نُشرت في مجلة Trends in Pharmacological Sciences عدداً من «حبوب التمرن» يعمل العلماء راهناً على تطويرها. صحيح أن الوقت ما زال مبكراً لاختبارها على البشر، ولكن كان لها التأثيرات التالية في الفئران:

• تبديل تركيبة العضلات: يؤدي التمرّن المستدام والمنتظم على الأمد الطويل إلى زيادة أبعاد ألياف العضلات البطيئة الحركة (التي تحوّل الدهون إلى طاقة)، مقارنة بالألياف السريعة الحركة (التي تستخلص الطاقة من السكريات). أدى مركّب يُدعى AICAR إلى التأثير ذاته في الفئران، ما أتاح لها التمرن فترة أطول.

• تحويل أنسجة الدهون: يزيد التمرّن معدّل «الدهون البنية» التي تحرق الطاقة إلى «الدهون البيضاء» التي تخزّنها. حوّلت حقن إنزيم يُدعى إيريسين الدهون البيضاء إلى بنية، ما عزّز خسارة الوزن في حالة الفئران السمينة.

• زيادة عدد المتقدرات: يرفع تحفيز إنتاج المتقدرات (محطات الطاقة في الخلايا) وعملها معدل استهلاك الجسم السعرات الحرارية وحرقه الأوكسجين. يزيد AICAR، فضلاً عن المادتين الكيماويتين النباتيتين الإيبيكاتيشين والريسفيراترول، عمل المتقدرات في خلايا الهيكل العظمي وخلايا القلب.

• تحفيز تشكّل الأوعية الدموية الشعرية: يحفّز الإيبيكاتيشين نمو الأوعية الدموية الشعرية، وهي أوعية صغيرة تربط الشرايين بالأوعية، ما يزيد بالتالي إمداد عضلات الهيكل العظمي بالأوكسجين.

الوجه السلبي

تنجح حبوب التمرّن، التي لا تزال راهناً قيد التطوير، في محاكاة بعض تأثيرات النشاط الجسدي بإعادة تشكيل عضلات الهيكل العظمي، تعزيز استهلاك الأوكسجين، وتنشيط العملية الأيضية. ولكن لن تنجح هذه الأدوية في بناء العظم أو إبطاء معدل الخسارة العظمية. كذلك لن تحسّن هذه الحبوب على الأرجح توازنك أو قدرتك على تنسيق الحركات. فضلاً عن ذلك، ما من سبب يدفعنا إلى توقع الحصول من هذه الحبوب على فوائد أخرى نجنيها عادةً من التمرن بانتظام، مثل النوم العميق، حدة الذهن، وتحسّن المزاج. توضح الدكتورة غوديير: «سيمرّ وقت طويل قبل أن نتوصّل إلى حبة تقدّم لنا فوائد التمرّن بأكملها».

خلاصة القول

ثمة سبب وجيه يدفع الطبيب إلى حضك على إجراء تعديلات في نمط حياتك للحدّ من خطر صحي ما قبل اللجوء إلى الأدوية: عندما تبدأ بتناول دواء، تصبح أكثر عرضة للتأثيرات الجانبية. وإن تناولت أدوية عدة، يتفاقم احتمال حدوث تفاعل سلبي بينها. حتى لو توافرت حبة تمرّن مماثلة، فلن تقدّم لك على الأرجح رحلة مجانية نحو صحة أفضل تخلو من أي كلفة.

إذاً، لا يزال النشاط الجسدي الوسيلة الأقل كلفة والأكثر توافراً لتفادي السرطان، والأمراض القلبية الوعائية، والخرف، والداء السكري، والسمنة، وترقق العظم. لذلك حاول أن تقوم بما لا يقل عن 150 دقيقة من النشاط المعتدل أسبوعياً. وكلما طالت هذه الفترة، جنيت فوائد أكبر.

حبوب التمرّن لن تنجح في بناء العظم أو إبطاء معدل الخسارة العظمية
back to top