البابريكا... «نجمة» أطباقكِ

نشر في 30-06-2015 | 00:02
آخر تحديث 30-06-2015 | 00:02
No Image Caption
منذ قرنين تقريباً، كان الأرستقراطيون الأشخاص الوحيدين الذين يستطيعون تحمّل كلفة التوابل. فقد بدت التوابل نادرة لأنها كانت تُقطَف في الأراضي الأجنبية وتُشحَن في ظروف خطيرة براً أو بحراً. لكن في مرحلة معينة، بدأ الفقراء يزرعون توابلهم الخاصة ويقطفونها، والأهم من ذلك هو أنهم بدأوا يستعملونها بأنفسهم.
هكذا انتشرت البابريكا، وفق {كتاب فايس الهنغاري عن البابريكا} على الأقل. يعتبر الكاتبان إدوارد فايس وروث بوشان أن الفلاحين الهنغاريين الذين تعرفوا إلى البابريكا في القرن السادس عشر بفضل الغزاة الأتراك بدأوا يزرعون البابريكا الخاصة بهم. يقول فايس: «كانت البابريكا أول نوع من التوابل الديمقراطية».
أصبحت البابريكا شائعة جداً بين عامة الناس لدرجة أن نبلاء هنغاريا بدأوا يستعملونها أيضاً. هي تُعتبر الآن التابل الوطني غير الرسمي في هنغاريا وأبرز ما يعرّف عن ذلك البلد. إنه عنصر أساسي أيضاً في مطابخ إسبانيا والبرتغال، كما أنه عنصر مهم في توابل {بربر} المختلطة التي تُستعمل على نطاق واسع في إثيوبيا.

إنه مفعول مهم بالنسبة إلى نبتة أصلها من الأميركيتين.

جاء الفلفل الرومي (من عائلة الفليفلة العادية) للمرة الأولى من أوروبا خلال رحلة كريستوفر كولومبوس الثانية. ما نعرفه الآن هو أن البابريكا هي بكل بساطة نوع من الفلفل الحار (يمكن استعمال أصناف متنوعة منها) فيتم تجفيفه وطحنه على شكل بودرة. بشكل عام، تكون البابريكا حلوة المذاق (خفيفة) أو حارة. لكن في إسبانيا، يكون الفلفل أحياناً مدخناً قبل تجفيفه، ما يضيف طبقة جديدة من النكهة إلى هذا النوع من التوابل.

نظراً إلى وجود ثلاثة أنواع من البابريكا، قررتُ تحضير ثلاثة أطباق لاستكشاف مختلف الخيارات المحتملة. استعملتُ البابريكا الحلوة لتحضير يخنة {غولاش بلحم البقر} (وصفة هنغارية)، والبابريكا الحارة لتحضير الطبق الهندي الكلاسيكي {روغان جوش} المصنوع من لحم الخروف، والبابريكا المدخنة لتحضير طبق مدخّن وحلو المذاق: دجاج كورنيش مع العسل والبابريكا.

في العادة، أبدأ بالتحدث عن يخنة {غولاش} نظراً إلى طابعها الهنغاري ولأنها من أبرز الأطباق التي تخطر على بالنا عند التفكير بالبابريكا وكانت أول طبق حضّرتُه. لكني أريد أن أبدأ الكلام عن طبق {روغان جوش} لأنه مدهش بشكل استثنائي.

 

طعم مرموق

 

أحب الطعام الهندي لكن لم يسبق أن حصلتُ على مذاق قريب من الأطباق التي أتناولها في المطاعم بقدر هذا الطبق. كل قضمة من طبق {روغان جوش} (لحم خروف مطبوخ في صلصة غنية بالتوابل) تكون لذيذة بقدر ما هي عليه في أي مطعم هندي مرموق.

لا يجب أن يفاجئني هذا الأمر على الأرجح لأن الوصفات مأخوذة من مادهور جعفري الذي يُعتبر واحداً من أشهر الأسماء في المطبخ الهندي. تشمل الوصفة 19 عنصراً، معظمها من التوابل، وهذا ما يعطي الطبق مذاقه الغريب والمتداخل على نحو مدهش. لكنّ أكبر كمية من التوابل تتألف من البابريكا. أنا استعملتُ البابريكا الحارة وحصلتُ على طبق حار بامتياز، لكن يمكن تخفيف المذاق الحار عبر استعمال البابريكا الحلوة وتخفيف كمية فلفل الكايين أو حذفها نهائياً.

ستجعلك هذه الوصفة تفكرين بافتتاح مطعمك الهندي الخاص!

كان طبق غولاش ممتازاً بالقدر نفسه تقريباً. الغولاش هو مزيج بين اليخنة والحساء وهو لذيذ ومشبِع بشكل لافت.

لتحضير الغولاش، يجب أن تكون البابريكا {نجمة} الطبق. أنا استعملتُ البابريكا الحلوة لكن يمكن أن تنجح النسخة الحارة أيضاً. ونظراً إلى ارتفاع كمية البابريكا في الطبق (ملعقتان كبيرتان لأربع حصص)، تعطي البابريكا المدخنة مذاقاً مدخناً بشكل مفرط.

كما يحصل مع طبق {روغان جوش}، يجب طبخ اللحم ببطء إلى أن يصبح طرياً. هو يمتصّ أثناء طبخه جميع النكهات من المرق: بصل، ثوم، جزر، فليفلة خضراء، بذور كراوية، ولا سيما البابريكا. تُضاف مكعبات الطماطم بعد فترة من بدء الطبخ لإضفاء نكهة مغايرة، لكني لم أستعمل الطماطم الموجودة في معظم أطباق الغولاش لأنها ليست هنغارية تقليدياً.

أظن أن الطماطم تضاف أحياناً لمنح طبق الغولاش لونه الأحمر المذهل الذي يشتهر به. لكن يحتاج الغولاش إلى تعزيزات إضافية للحصول على ذلك اللون إذا كان يفتقر إلى كمية كافية من البابريكا. أنا أستعمل في طبقي كمية سخية من البابريكا للحصول على اللون المنشود، والأهم من ذلك هو أن مذاقها يكون مدهشاً وغنياً.

 

حلو ولاذع

 

لاستعمال البابريكا المدخنة، قررتُ تحضير وصفة لذيذة وبسيطة. أردتُ أن أحضّر دجاج الكورنيش لذا قررتُ أن أدهن دجاجتين بخليط بسيط من العسل وعصير الليمون و البابريكا المدخنة. بهذه الطريقة، سيكون المذاق حلواً بعض الشيء ولاذعاً ومدخناً في الوقت نفسه.

كانت النتيجة مدهشة والعملية بسيطة بشكل عام. طرح العسل مشكلتين لكني عالجتُهما بسهولة. بما أن العسل سميك ولزج جداً، ما يمنع خلطه مع المقادير الأخرى، حضّرتُ تركيبة أقرب إلى الشراب عبر وضعه في المايكروويف أولاً، مدة 15 ثانية (يمكن الحصول على النتيجة نفسها عبر تسخينه في مقلاة على حرارة متوسطة). تعلّقت المشكلة الثانية بالسكر الموجود في العسل كونه يميل إلى الاحتراق بسرعة، لكن كان يسهل تخطي هذه المشكلة من خلال مراقبة الدجاجتين أثناء وجودهما في الفرن. حين بدأتا بالاحمرار، قمتُ بتغطيتهما بقطعة من ورق الألمنيوم.

بفضل بعض المقادير القليلة، يمكن الحصول على طبق فخم وسهل التحضير ومقبول الكلفة. 

back to top