ما سر الكتابة المتقنة؟

نشر في 03-01-2016 | 00:01
آخر تحديث 03-01-2016 | 00:01
No Image Caption
وقعتُ على اسم {روبرت بويس} للمرة الأولى في أحد المواقع الإلكترونية منذ ثلاث سنوات تقريباً، ثم بدأ الاسم يظهر أمامي كل بضعة أشهر، فعلمتُ أن بويس كان طبيباً نفسياً أميركياً وقد كشف عن سر الكتابة المثمرة والبسيطة.
منذ سنوات، سجّل هذه النظرية في كتاب نُشر أخيراً وقد تناقش حوله بعض المعجبين بكل جدية، لكن بدا وكأنّ العنوان يزيد الغموض عمداً: {How Writers Journey To Comfort And Fluency} («كيف يرفع الكتّاب مستوى الراحة والطلاقة؟»). كان الكتاب مكلفاً على نحو سخيف أيضاً، فقد بلغ سعر النسخ المستعملة 130 جنيهاً استرلينياً. لكني أتوق بطبيعتي إلى مطالعة النصائح بشأن الكتابة، لا سيما إذا كانت دقيقة لهذه الدرجة. لذا استسلمتُ أخيراً هذا الشهر ووجدتُ نسخة بسعر 68 جنيهاً استرلينياً وبطبعة ورقية خضراء وصلت إليّ في البريد. إذا كنت تتوق إلى كتابة المزيد لكنك تميل إلى تأجيل المهمة دوماً أو يصيبك الهلع، يمكن أن نقدم لك الحل لمشاكلك...

يُفترض أن تعلم أن المهمة لن تكون سهلة منذ البداية. ترتكز نصيحة بويس الأساسية على ورش الكتابة التي جرت مع أكاديميين يواجهون المصاعب في هذا المجال. هذه النصيحة ليست قديمة فحسب، بل إنها الأقدم في العالم: اكتب في كل يوم من الأسبوع، ضمن جلسات منظّمة قصيرة، لفترة تقتصر على 10 دقائق في البداية، ثم يمكنك إطالة المدة. حين قرأتُ هذا الكلام، كدت أرمي كتابي الثمين إلى الجهة المقابلة من الغرفة لأنني لا أتحلى بالصبر الكافي لتطبيق هذه النصيحة. لكن ما كان هذا السلوك ليفاجئ بويس لأن نفاد الصبر بحسب رأيه جزء مهم من العوامل التي تجعل الكتابة تسبب هذه المرارة كلها.

يخبره طلابه بأنهم لا يستطيعون حصر الكتابة بجلسات قصيرة أو تطبيق تمارينه الأخرى: يجب أن يلتزموا بمهل نهائية محددة! لكن يثبت هذا الرأي صحة النظرية. يريدون أن ينهوا الكتابة قبل وقت محدد وهذا الاستعجال المُلِحّ هو الذي يسبب الهلع والتأجيل المتكرر. تابعتُ قراءة كتاب بويس واستنتجتُ أن غياب الحماسة فيه، بدءاً من عنوانه وصولاً إلى نصائحه التدريجية التي يجب تنفيذها على مر أشهر عدة، هو تمرين فاعل لزيادة مستوى الصبر. يبدو إيقاع العملية بطيئاً لأن البطء السبيل الوحيد للمضي قدماً.

سرعان ما يتضح المغزى الحقيقي من نصائح بويس المفضلة: حين ينتهي وقت الكتابة اليومي، توقف حتى لو شعرت بأنك تستطيع متابعة الكتابة. ربما تستطيع الكتابة لكنك بهذه الطريقة ستقنع نفسك بأن الكتابة قوة غامضة يمكن استعمالها عند ظهورها فجأةً بدل أن تصبح نشاطاً اعتيادياً تختار فعله. كتب بويس: {تشمل الرغبة في متابعة الكتابة جزءاً كبيراً من قلة الصبر خوفاً من عدم إنهاء الكتابة أو من تراجع الإنتاجية أو عدم إيجاد وقت مثالي آخر للكتابة}. يجب أن تتوقف حين ينتهي وقتك كي تقوي قدرتك على ضبط النفس. إذا تابعت الكتابة لفترة أطول، ستفقد الشعور بالأمان.

ما كان أحد ليستفيد لو أنه طرح حلاً سريعاً لأن الرغبة في إيجاد حل سريع هي أساس قلة الصبر. لذا يجب أن تبطئ مسارك. اجعل الكتابة من الأولويات في حياتك لكن باعتدال. لا تبالغ في الكتابة. حاول أن تشعر بسعادة خفيفة أثناء العمل بدل أن تنجرّ وراء مشاعر الشغف الجارفة. وإذا شعرت بأن هذه الخطوات كلها مضيعة للوقت، اسأل نفسك: هل يمكن أن تكون ردة الفعل هذه جزءاً من المشكلة؟ في النهاية، ستضيّع وقتاً أطول حتماً عند التحديق بالشاشة من دون أي حركة!

back to top