«لوائح أوباما»... تاريخ مريب من القتل المستهدف في أفغانستان

نشر في 06-01-2015 | 00:02
آخر تحديث 06-01-2015 | 00:02
لربما بلغت العمليات القتاليَّة نهايتها في أفغانستان، إلا أن الاطلاع على وثائق سريَّة صادرة عن حلف شمال الأطلسي يكشف أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة كانتا أقل دقة مما ساد الاعتقاد سابقاً في انتقاء الأهداف التي قتلتاها. فقد شملت اللوائح تجار المخدرات أيضاً. «شبيغل» عرضت التفاصيل التالية بعد اطلاعها على وثائق سرية في هذا المجال.
كان الموت يحوم فوق إقليم هلمند في 7 فبراير عام 2011 متخذاً شكل مروحية أباتشي بريطانيَّة قتاليَّة تُدعى Ugly 50. راح طاقمها يبحث عن أفغاني يُدعى الملا نياز محمد، أُعطي الطيار الأمر بقتله.

الأفغاني، الذي أُعطي لقب {دودي} خلال العملية، {قائد متوسط الشأن} في حركة طالبان، وفق لائحة حلف شمال الأطلسي (الناتو) السرية. تعدد هذه الوثيقة مقاتلين أعداء وافق الحلف على استهدافهم وقتلهم. بلغ رقم {دودي} في اللائحة 3673، وقد حدَّد الناتو أهمية قتله بثلاثة على مقياس من واحد إلى أربعة. بكلمات أخرى، لا يُعتبر مهماً جداً في بنية قيادة {طالبان}.

حدَّد مركز العمليات موقع {دودي} في الساعة 10:17 صباحاً. لكن الرؤية غير واضحة، ما اضطر المروحية إلى الدوران حول الموقع مرة أخرى، ثم أطلق الجندي صاروخ {هيلفاير}. لكنه ما عاد يرى الملا خلال المناورة، فأصاب الصاروخ رجلاً وابنه بدلاً منه. قُتل الصبي في الحال، في حين أُصيب الأب بجراح بالغة. وعندما أدرك الطيار أنهم استهدفوا الرجل الخطأ، أطلق مئة طلقة باتجاه {دودي} من بندقية بعيار 30 ملم، فأصابه بجراح بالغة.

يشكل الصبي ووالده اثنين من ضحايا كثيرين خلَّفتهم العمليات السرية البشعة التي نفَّذها الناتو في أفغانستان طوال سنوات. يوصف مصيرهم في وثائق سرية اطلعت عليها {شبيغل}. يشكل بعض هذه المستندات السرية عن قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان، وكالة الأمن القومي الأميركية، وجهاز الاستخبارات البريطانية {مقر الاتصالات الحكومي} جزءاً من أرشيف إدوارد سنودان، الذي فضح تعديات أجهزة مماثلة. وقد شملت المستندات أول لائحة مكتملة معروفة عن عمليات {القتل المستهدف} التي نفذها التحالف الغربي في أفغانستان. لكن المستندات تُظهر أن المهام المميتة لم تُعتبر الحل الأخير لمنع الهجمات، بل شكلت جزءاً من الحياة اليومية لحرب الميليشيات في أفغانستان.

تبرهن اللائحة، التي شملت نحو 750 شخصاً في بعض المراحل، للمرة الأولى أن الناتو لم يستهدف قيادة {طالبان} فحسب، بل أطاح أيضاً على نطاق واسع بأعضاء هذه الحركة المتوسطي أو المنخفضي الشأن، حتى إن بعض الأفغان وردوا على اللائحة لأنهم تجار مخدرات ويُفترض أنهم يدعمون المتمردين.

قواعد الحرب

بلغت المهمة القتالية التي دامت 13 سنة في أفغانستان نهايتها الرسمية، إلا أن لوائح القتل تثير أسئلة قانونية وأخلاقية تمتد إلى ما هو أبعد من أفغانستان بكثير. فهل يمكن السماح لديمقراطية بقتل أعدائها بطريقة مستهدفة عندما لا يكون الهدف منع اعتداء وشيك؟ وهل يبرر هدف التخلّص من القدر الأكبر من أعضاء طالبان قتل المواطنين الأبرياء؟

تنطبق قواعد مختلفة في الحرب عما يُعتمد عادةً في مكافحة الجريمة في أوقات السلم. ولكن طوال سنوات، ربط الغرب حملته في أفغانستان بوعد أنه يحارب في سبيل قيم مختلفة هناك. إلا أن الديمقراطية التي تقتل أعداءها بالاستناد إلى الشك فحسب تقوض ادعاءها التفوق الأخلاقي، محولةً نفسها إلى شريك في الجريمة بدلاً من ذلك. وينطبق هذا الدرس المستَمد من أفغانستان على سورية، العراق، باكستان، واليمن.

تعود المواد التي تمكَّنت {شبيغل} من الاطلاع عليها إلى أعوام 2009 إلى 2011، وتقع ضمن عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي استلم زمام السلطة في شهر يناير عام 2009. اعتبر أوباما أفغانستان حرباً {خيرة} وبالتالي شرعية، بخلاف حرب العراق. أراد الرئيس أن ينهي التزام بلده في العراق بأسرع ما يمكن، إلا أنه سعى إلى تحقيق الانتصار في أفغانستان.

بعدما تسلَّم أوباما منصبه، اعتمدت الحكومة الأميركية إستراتيجية جديدة. ففي شهر يونيو عام 2009، عين وزير الدفاع آنذاك روبرت عيتس ستانلي ماكريستال، جنرال بأربع نجوم خدم سابقاً في العراق، قائداً للقوات الأميركية في أفغانستان. فروَّج ماكريستال لملاحقة {طالبان} بعدائية.

أرسل أوباما 33 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان، لكن نشر هؤلاء الجنود ارتبط بمطلب فرض على المسؤولين العسكريين تحديد تاريخ ملزم لانسحاب القوات الأميركية. في الوقت عينه، نأى الرئيس بنفسه عن الأهداف الكبيرة التي ادعى الغرب أنه سيحققها عندما سار للمرة الأولى إلى كابول. فلم تسعَ الولايات المتحدة إلى تحويل أفغانستان إلى {المكان المثالي}، وفق أوباما، بل كان هدفها الرئيس الجديد محاربة التمرّد.

تصعيد وخروج

كانت إحدى المراحل الأكثر دموية خلال هذه الحرب. لقي نحو 2412 مدنياً حتفهم في أفغانستان عام 2009. قتل المتمردون ثلثيهم و25% من جنود الناتو والقوى الأمنية الأفغانية. ارتفع عدد العمليات المنفذة ضد {طالبان} بوضوح ليتراوح بين 10 إلى 15 عملية كل ليلة. وقد استندت العمليات إلى لوائح وضعتها وكالة الاستخبارات المركزية والناتو (لوائح أوباما). وأطلق البيت الأبيض على الإستراتيجية اسم {التصعيد والخروج}.

وثّق خلف ماكريستال، الجنرال ديفيد بتريوس، الإستراتيجية في «كتيب الميدان 3-24» عن محاربة التمرد، علماً أن الكتيب لا يزال معتمداً اليوم. سلَّط بتريوس الضوء على ثلاث إستراتيجيات تُعتمد في محاربة منظمات ميليشياوية مثل طالبان. شملت الأولى مرحلة تطهير تُضعَف خلالها القيادة المعادية. بعد ذلك، تستعيد القوات المحلية السيطرة على المناطق المستردة. أما المرحلة الثالثة، فركَّزت على عملية إعادة البناء. وخلف الأبواب الموصدة، أوضح بتريوس وفريق عمله ما المقصود بالتحديد بكلمة «تطهير». يتذكَّر السياسيون الألمان أحياناً أن مايكل ت. فلن، رئيس قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان، أعلن ذات مرة خلال أحد الاجتماعات: «ما من عضو جيد في طالبان إلا العضو الميت».

خلال عهد بتريوس، شُنت حملة لا ترحم لاستهداف مَن دعوا حكام الظل والداعمين المحليين الذين وقفوا إلى جانب الإسلاميين. واعتبر الأميركيون أن انتهاء العمليات دوماً بعمليات قتل يشكل إشارة إلى نجاحها. ففي أغسطس عام 2010، أخبر بتريوس بكل فخر مجموعة من الدبلوماسيين في كابول أنه لاحظ تبدلاً واضحاً في المسار. لكن الأرقام التي قدَّمها كدليل جعلت بعض السفراء يشعر بالانزعاج. فقد أوضح بتريوس أن 365 قائداً متمرداً على الأقل قتلوا خلال الأشهر الثلاثة السابقة، أي نحو أربعة كل يوم.

لم تتناول الوثائق المتوافرة المرتبطة بما يُدعى {لائحة تأثيرات الأولويات المشتركة} هذه العمليات إلا بعبارات مبهمة حتى اليوم. فكانت مهام الوحدات الخاصة الأميركية تُذكر من دون أن تُفصّل في سجل الجيش الأميركي للحرب في أفغانستان الذي نشره موقع {ويكيليكس} عام 2010، فضلاً عن {نيويورك تايمز}، Guardian، و{شبيغل}. لكن الوثائق التي باتت متوافرة اليوم تقدم للمرة الأولى لمحة واضحة عن القتل المستهدف، فتحدد المعايير التي اعتُمدت لتحديد مَن يُدرج على اللائحة ولماذا.

 تُظهر حالة جندي أفغاني يُدعى حسين (رقم 3341) الطريقة الغامضة التي تعاطى بها الناتو أحياناً مع حياة المشتبه بهم. تشير الوثائق إلى الاشتباه بتورط حسين في اعتداء على قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان في منطقة هلمند. وساد الاعتقاد أن هذا العريف في الجيش الأفغاني انشق وفرّ للانضمام إلى {طالبان}، حسبما اعتُقد.

أدرج مسؤولو الناتو اسمه في اللائحة في صيف عام 2010 بين نحو 669 اسماً ضمَّتها اللائحة آنذاك. وأعطي اللقب {رامبل} ومستوى أولوية بلغ {2}.

إضافة الاسم

ناقش جنود الناتو سلبيات قتل حسين وإيجابياتها. جاء في تقرير التقييم: {سيُسهم التخلّص من حسين في استئصال رتيب فاسد في الجيش الوطني الأفغاني ويحول دون تجنيده وانضمامه إلى حركة التمرد. بالإضافة إلى ذلك، سيوجه رسالة واضحة إلى أي أعضاء مماثلين نائمين}. إذاً، شكَّل قتل حسين في المقام الأول رمز ردع.

ولكن من سلبيات قتل حسين، وفق التقييم، ضياع أي معلومات يملكها.

سبقت إضافة اسمه إلى اللائحة عملية دامت شهراً جُمعت خلالها الأدلة، بما فيها التنصت على المحادثات الهاتفية والتقارير والصور التي أعدها المخبرون. في النهاية، كان على القيادة المحليَّة لقوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان اتخاذ قرار ما إذا كان المشتبه به سيُضاف إلى اللائحة.

أدرج بعض المرشحين على لائحة تأثيرات الأولويات المشتركة للمراقبة فحسب أو الاعتقال. يذكر بعض الوثائق الحالية أن الناتو أضاف في عام 2010 اسم عطا محمد نور، حاكم في شمال أفغانستان، إلى اللائحة. كدَّس نور، الذي ينتمي إلى الإثنية الطاجيكية وكان سابقاً أحد أسياد الحرب، ثروة من خلال عمليات التهريب أثناء فترات الحرب المضطربة. كذلك اعتُبر شخصاً يقضي من دون أي رحمة على أعدائه. أعطي الرقم 1722 على لائحة الناتو ومستوى أولوية بلغ {3}. لكن الحلف اكتفى بجمع المعلومات عن نور، بدل إدراج اسمه على لائحة القتل.

عندما كان يُتوقع أن تؤدي العملية إلى خسائر مدنية، كان من الضروري إخطار مقر قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان في كابول بها. يذكر مسؤول في هذه القوات تعاطى مع هذه اللوائح طوال سنوات: {كان من الضروري، وفق القواعد المتبعة، إخطار قيادة قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان في كابول لتحديد ما إذا كانت المخاطر مبررة عندما كان يُتوقع أن تصل الأضرار الجانبية إلى مقتل 10 مدنيين}.  أما إذا تخطى عدد الضحايا المتوقع هذا الرقم، تُرك القرار إلى المكتب الملائم في مقر الناتو. اعتُبر الحراس الشخصيون، السائقون، والمرافقون من الرجال مقاتلين أعداء، سواء كانوا كذلك أو لا. وحدهم المسنون والنساء والأولاد اعتبروا من المدنيين.

حتى المسؤولون المعنيون في هذا البرنامج يقرون بأن هذه التوجهات مثيرة للسخرية. فإذا شارك مقاتل من طالبان مراراً في الاعتداءات المميتة، كان الناتو يقوم بعملية {تقييم المصالح}. فيحتسب المسؤولون العسكريون في هذه الحالة عدد الأرواح البشرية التي يمكن إنقاذها {بالقتل} وعدد المدنيين الذين قد يلقون حتفهم خلال الهجوم الجوي.

تشغيل الهواتف

توضح الوثائق المتوافرة أن تحديد موقع هاتف خلوي كان أحياناً كافياً لتحريك الآلية العسكرية. نتيجة لذلك، اعتُبر البحث عن إشارات هواتف طالبان {محوراً أساسياً لنجاح العمليات}، وفق تقرير سري بريطاني يعود إلى شهر أكتوبر عام 2010.

يرد في إحدى الوثائق أن طائرات بريداتور من دون طيار والطائرات الحربية الأوروبية كانت مجهزة بأجهزة استشعار تبحث باستمرار عن الإشارات الراديوية لأرقام هواتف معروفة ترتبط بطالبان. وتبدأ عملية المطاردة ما إن يُشغَّل الهاتف.

أعدَّ جهاز الاستخبارات البريطاني ووكالة الأمن القومي الأميركية لوائح طويلة بأرقام هواتف جوَّالة أفغانية وباكستانية يملكها مسؤولو طالبان. وكانت آلية معقدة تنطلق ما إن يُرصد أحد هذه الأرقام. وإذا كانت قوات الناتو تملك تسجيلاً صوتياً للمحارب العدو في أرشيفها، فكانت تستخدمه لتحديد هويته. وإذا بدا الصوتان متطابقين، تبدأ الاستعدادات لتنفيذ العملية. وقد ألحقت هذه العمليات ضرراً كبيراً بحركة طالبان. حتى إنها طلبت من مقاتليها التوقف عن استخدام الهواتف الخلوية.

تكشف الوثيقة أيضاً مدى غموض الأسس التي اعتُمدت لتنفيذ هجمات مميتة. في عمليَّة التحقّق من الصوت، كان يكفي أن يذكر المشتبه به اسمه خلال المحادثات المراقبة. وخلال الأربع والعشرين ساعة التالية، يُعتبر أن عملية التحقق من الصوت هذه حددت بدقة هوية الهدف. وهكذا تتحوَّل إلى أسس شرعية لتنفيذ الضربة الجوية. لكن هذا الأمر يزيد إلى حد كبير خطر وقوع ضحايا مدنيين.

تشمل قرارات الناتو الأكثر إثارة للجدل في أفغانستان توسيع هذه العمليات لتشمل تجار المخدرات. تُظهر إحدى وثائق وكالة الأمن القومي أن الأمم المتحدة قدَّرت أن حركة {طالبان} تجني 300 مليون دولار سنوياً من خلال تجارة المخدرات. وتتابع الوثيقة موضحةً: {لا يمكن إنزال الهزيمة بالمتمردين من دون عرقلة تجارة المخدرات}.

في أكتوبر عام 2008، اتخذ وزراء الدفاع في حلف شمال الأطلسي، وفق وثيقة وكالة الأمن القومي، قراراً مهماً حوّل شبكات المخدرات إلى {أهداف مشروعة} لقوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان. وتابع التقرير: {أضيفت أسماء تجار المخدرات إلى لائحة تأثيرات الأولويات المشتركة للمرة الأولى}.

في رأي قادة أميركيين مثل بانتز جون كرادوك، ما كان من داعٍ لإثبات أن أموال المخدرات تذهب إلى خزائن {طالبان} لاعتبار أن المزارعين، المهربين، والتجار أهداف مشروعة لضربات الناتو.

استهداف تجارة المخدرات

في مطلع عام 2009، أصدر كرادوك، الذي كان آنذاك قائد القوات الحليفة الأعلى في أوروبا، قراراً بتوسيع عمليات القتل المستهدف لتشمل منتجي المخدرات إلى جانب مسؤولي طالبان.

أدى قراره إلى مناقشات حامية داخل الناتو. فقد أعلن الجنرال الألماني إيغون رامز في الحلف أن القرار {غير شرعي}، وأنه ينتهك القانون الدولي. وهكذا قاد صراع القوى داخل الحلف إلى تعديل قرار كرادوك: من الضروري التحقيق في العمليات التي تستهدف إنتاج المخدرات كما لو أنها حالات فردية.

قد يكون الملف البالغ السرية مضراً جداً بالحكومة الألمانية، فقد عمدت السلطات الألمانية طوال سنوات إلى تسليم أرقام هواتف المتطرِّفين الألمان في أفغانستان إلى الولايات المتحدة. في الوقت عينه، ادعى المسؤولون الألمان أن تحديد إشارات الهواتف النقالة يُعتبر خطوة مبهمة ولا يمكن الاعتماد عليها لتنفيذ عمليات القتل المستهدف.

لكنَّ هذا العذر واهٍ بكل وضوح. في وثيقة تعود إلى عام 2010، يتَّضح أن الطائرات الحربية الأوروبية والطائرات بدون طيار تمتَّعت كلها {بالقدرة على تحديد جغرافياً مكان جهاز هاتف معروف}. بكلمات أخرى، كان من الممكن أن تتحوَّل الهواتف الخلوية إلى أجهزة تعقب تستخدمها الوحدات الخاصة.

في أفغانستان، تشكِّل ألمانيا جزءاً من 14 Eyes (الأعين الأربع عشرة)، وهي مجموعة لتبادل المعلومات. بالإضافة إلى الدول الأنغلو-ساكسونية، تشمل هذه المجموعة إيطاليا، إسبانيا، بلجيكا، هولندا، الدنمارك، فرنسا، السويد، والنرويج.

تشغل هذه الدول منصاتها التقنية الخاصة في أفغانستان (وهي تحمل الاسم الخاص {مركز الثلج}) التي تُستخدم لمراقبة البيانات وتبادلها. يوضح تقرير صادر عن وكالة الأمن القومي عام 2009 أن مركز الثلج لم يُستخدم لتبادل المعلومات في شأن محادثات الهواتف الخلوية فحسب، بل أيضاً معلومات تتعلَّق بالأهداف.

عندما اتصلنا بوكالة الاستخبارات الأجنبية الألمانية، أقرَّت بأن مركز الثلج استُخدم لتبادل أرقام الهواتف الخلوية، إلا أنها أنكرت أن يكون المركز ملائماً لتحديد أهداف الطائرات من دون طيار. علاوة على ذلك، لم يجرِ تبادل المعلومات في ما إن كانت {أهمية إنسان ما يستحق الحماية تفوق أهمية تبادل المعلومات}. علاوة على ذلك، يؤكد الألمان أنهم لم يقدموا أي معلومات يمكن استخدامها في عمليات القتل المستهدف منذ عام 2005.

تداعيات قانونية

أدَّت القيود إلى عدد من الخلافات مع الأميركيين. عندما أرادت القيادة الإقليمية الشمالية، التي يرأسها الجيش الألماني، أن تسمي مرشحاً للائحة تأثيرات الأولويات المشتركة، كان من الضروري إرسال ملف مفصل يحتوي على الأدلة الضرورية أولاً إلى قيادة العمليات المشتركة في بوتسدام خارج برلين، ومن ثم إلى وزارة الدفاع الألمانية. بالنسبة إلى الألمان، ما كان يمكن إضافة هدف إلى اللائحة، إلا إذا أمر هذا الشخص بتنفيذ هجوم، حضَّر له، أو شارك فيه. كذلك حضَّ الألمان حلفاءهم مراراً لإزالة مشتبه بهم من اللائحة. ففي شهر سبتمبر عام 2010، ارتبط 11 هدفاً فقط من 744 مدرجين على اللائحة بشمال أفغانستان الذي سيطر عليه الألمان. يذكر الجنرال المتقاعد رامز: {تولينا نحن الألمان إدارة عملية بسط الاستقرار، في حين شنَّ الأميركيون الحرب}.

قد تكون للوثائق السريَّة اليوم تداعيات قانونية. تدرس منظمة حقوق الإنسان Reprieve اتخاذ خطوات قانونيَّة في حق الحكومة البريطانية. تعتقد المنظمة أن من الطبيعي أن تشمل اللواح باكستانيين يقيمون في باكستان. تفيد محامية Reprieve جنيفر غيبسون: {أعلنت الحكومة البريطانية مراراً أنها لا تسعى وراء أهداف في باكستان، وأنها لا تشن هجمات على الأراضي الباكستانية}. لكنها تتابع موضحةً أن الوثائق تُظهر أيضاً أن {الحرب على الإرهاب} اختلطت بالكامل مع {الحرب ضد المخدرات}. تؤكد غيبسون: {هذه خطوة جديدة ومقلقة من الناحية القانونية}.

لا ترغب قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان (التي قدمت لها {شبيغل} لائحة بالوثائق السرية هذه وطلبت منها التعليق عليها) في الإجابة عن أي سؤال في هذا الصدد {بسبب اعتبارات تتعلَّق بأمن العمليات}، وفق ناطق باسمها. لكن الأخير أكَّد أن مهام هذه القوات تتلاءم تماماً مع القانون الدولي. أما وزارة الدفاع الأميركية، فأحالتنا إلى قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان عندما سألناها عن هذه المسألة.

ينفتح فصل جديد في أفغانستان مع بداية السنة الجديدة. فقد انتُخبت حكومة جديدة وانسحبت غالبية قوات الناتو. وهكذا أصبح على الأفغانيين أن يقرروا الشكل الذي يتَّخذه مستقبلهم. حقق الغرب جزءاً من أهدافه، فقد هزم تنظيم القاعدة، في أفغانستان على الأقل، وقتل قائده السابق أسامة بن لادن. لكن حركة «طالبان» لم تُهزم بعد، كما يبرهن الهجوم الأخير على مدرسة باكستانية. لذلك من الصعب إحلال السلام في أفغانستان من دون «طالبان».

توصَّلت دراسة أجرتها وكالة الاستخبارات المركزيَّة الأميركية عام 2009، وتناولت القتل المستهدف لكبار المسؤولين الأعداء حول العالم إلى خلاصة قاتمة. بسبب قيادة طالبان المركزية إنما المرنة، فضلاً عن بنيتها القبلية المتساوية، لم يحقِّق القتل المستهدف سوى نجاح محدود في أفغانستان. تستخلص الدراسة: «علاوة على ذلك، تتمتَّع حركة طالبان بقدرة عامة عالية تتيح لها استبدال القادة الذين تخسرهم».

back to top