الاسترخاء الذهني ومنافعه السحرية!

نشر في 18-09-2013 | 00:01
آخر تحديث 18-09-2013 | 00:01
في ظل عالمنا المتسارع والمتعدد المهام، قد يصعب التركيز على أمر معين لأكثر من لحظات معدودة. لكن ثمة خطوات بسيطة يمكن أن تغير الحياة وتحسّن الصحة.
ينتج تعلم التركيز على الوقت الحاضر منافع لا تؤثر حصراً على نسبة الانتباه بل على الصحة أيضاً. لذا ظهرت ممارسة اسمها «الاسترخاء الذهني» وأصبحت تقنية طبية رائجة لكل شيء، بدءاً من تراجع الضغط النفسي وصولاً إلى التحكم بالألم المزمن. يقول الأستاذ هربرت بنسون من جامعة هارفارد الطبية، وهو خبير رائد ومعروف عالمياً في مجال التغيرات النفسية التي تحصل خلال فترات التأمل: «يصبّ تركيز الإعلام والأبحاث على الآثار المترتبة على العقل والجسم ويحصل ذلك لسبب وجيه. إنها طريقة مفيدة وثمة أدلة علمية تدعمها».

المفهوم

تعود فكرة الاسترخاء الذهني في الأصل إلى البوذية. تتعلق بتدريب العقل للتركيز على اللحظة الراهنة من دون تحليل الأفكار والمشاعر. إذا بدا الأمر صعباً، لنفكر بالمرات التي ننغمس فيها بنشاط معين مثل الرقص أو الاستماع إلى الموسيقى أو الرسم، أي كل نشاط يسمح لنا بالغوص في عالم مختلف. إذا استطعت فعل ذلك، فيمكنك تطبيق تقنية الاسترخاء الذهني.

تشغّل ممارسات التأمل قدرة التركيز عبر تكرار كلمة أو التركيز على التنفس، لكن يساهم الاسترخاء الذهني في مقاربة الأفكار والعواطف والأحاسيس الداخلية والخارجية من دون إصدار أي أحكام. هذا ما يمنعنا من الانتقال إلى الماضي أو المستقبل والتركيز على اللحظة الراهنة.

المنافع

قد تساهم ممارسة الاسترخاء الذهني في زيادة التعلق بالنشاطات اليومية وتقدير قيمة الحياة، ما يعني تحسّن مستوى التركيز والسعادة. لكن يساهم الاسترخاء الذهني أيضاً في إحداث تغيير نفسي قد يساعد على تخفيض ضغط الدم ومعدل القلب ومعدل التنفس واستهلاك الأكسجين ومستويات الأدرينالين ومستويات الكورتيزول (هرمون الضغط النفسي). يصف د. بنسون هذه العملية بردة فعل الاسترخاء التي تعطي مفعولاً معاكساً للضغط النفسي (يرتبط بتسارع شيخوخة الخلايا وزيادة الالتهاب في أنحاء الجسم).

تشير أحدث الأبحاث التي أجراها د. بنسون إلى أن الاسترخاء يغير التعبير الجيني الذي يسيطر على طاقة الخلايا. يوضح بنسون: «نشغّل بذلك الجينات التي تؤثر على المتقدرات، أي العضيات التي تنتج الطاقة في كل خلية من الجسم». أثبتت أبحاث أخرى أن تقنية الاسترخاء الذهني والمقاربات الأخرى التي تعزز الاسترخاء تساهم في تغيير نشاط الدماغ وبنيته، ما يزيد العواطف الإيجابية ويخفف العواطف السلبية مثل الخوف والغضب.

نتيجةً لذلك، أصبح الاسترخاء الذهني الآن عنصراً شائعاً لمعالجة حالات عدة مثل أمراض القلب والاكتئاب، والتخلص من الضغط النفسي وارتفاع ضغط الدم والألم المزمن ومشاكل النوم واضطرابات القلق.

الممارسة العملية

تبقى خطوات الاسترخاء الذهني والتقنيات الأخرى التي تعزز ردة فعل الاسترخاء بسيطة، لكنها قد تكون صعبة في البداية. لذا يحثنا د. بنسون على تجربة تقنية التأمل والتحلي بالصبر. قد ترغب في استعمال توجيهات مسجلة عن التأمل أو حضور صف لتعلم طريقة ممارسة الاسترخاء الذهني.

يمكنك أن تجرب أيضاً تقنية بسيطة بنفسك. أولاً، اجلس بهدوء وأغلق عينيك وركز على تنفسك. يمكنك أن تتلفظ بكلمة «سلام» أو «واحد» في كل مرة تزفر فيها. لا تقلق بشأن الأفكار التي تراودك، بل قرر الرجوع إليها لاحقاً وكرر الكلمة التي اخترتها. يساعدك ذلك على تركيز انتباهك على الحاضر. قد تتمكن من الحفاظ على هذا الوضع لبضع لحظات أو دقائق في البداية. لكن مع تكثيف التدريبات، ستلاحظ أنك تشعر بالاسترخاء خلال التمرين لفترات أطول.

يجب أن تطبق هذه المقاربة مدة 10 دقائق يومياً على الأقل من أجل حصد المنافع النفسية.

back to top