ما أهمية العشاء العائلي وكيف ننظمه؟
تناول العشاء معاً أحد أهم الأمور التي يمكن أن تفعلها العائلة. بصفتي اختصاصية تغذية، أشعر أحياناً بأنني أمضي وقتاً طويلاً في التحدث عن أهمية تناول الطعام مع أفراد العائلة أكثر مما أتكلم عن أنواع المأكولات التي يجب أن تتوافر على المائدة.
لا شكّ في أنّ ما نأكله مهمّ، لكن لا يدرك كثر أن نوعية الطعام وكميته ترتبطان بالمكان وطريقة الأكل والأشخاص الذين يشاركوننا المناسبة.إذا لم يعتد الأولاد وجبات الطعام المنظّمة أو إذا كانوا يستطيعون اختيار وجبات خفيفة ورئيسية من الأنواع المتوافرة كلما أرادوا ذلك، من المحتمل أن يواجهوا مشاكل غذائية مثل الإفراط في تناول الطعام والبدانة و/أو نقص المغذيات الأساسية في النظام الغذائي. أو قد يشعرون بالقلق بشأن أمنهم الغذائي، ما يدفعهم إلى تناول كمية مفرطة حين تسنح لهم الفرصة، أو قد يطورون عادة غير صحية مثل تفويت الوجبات أيضاً.
لكن بعيداً عن المبادئ الأساسية للغذاء الصحي، يجب ألا ننسى أن الوجبات العائلية فرصة للاستمتاع بالطعام برفقة الآخرين وتعميق الروابط بين أفراد العائلة.لا تسيئوا فهمي: نحن في عائلتنا نفضّل تناول مأكولات جاهزة ونأكل بسرعة أحياناً حين نضطر إلى ذلك. نحاول زوجي وأنا تناول الطعام وحدنا، من دون الأولاد، في أمسية واحدة من الأسبوع على الأقل.لا أتكلم هنا عن القواعد الصعبة والسريعة بل عن تنظيم الحياة ليصبح تناول الطعام العائلي أمراً طبيعياً بدل أن يكون استثناء على القاعدة. في ما يلي بعض النصائح لتحقيق ذلك.وضع خطة محددةإذا لم تكن معتاداً على فكرة العشاء العائلي، قد يكون تنظيم خطة أسبوعية طريقة رائعة لضمان حمية صحية وتسهيل أوقات الوجبات العائلية. يعني ذلك أنك تستطيع التخطيط مسبقاً أو حتى طهي الطعام في الليلة السابقة، ما يعني تجنب ارتجال سندويش من زبدة الفستق والهلام للأولاد وترك الراشدين يتدبرون أمرهم لاحقاً. كمنفعة إضافية، يمكن توفير مبالغ من المال، لا سيما عند تنسيق وجبات الطعام للاستفادة من المقادير المتوافرة في المنزل.تساهل مع الذاتتذكروا أن الأمر لا يتعلق باتباع نظام صارم وخارق. إذا كانت فكرة تناول وجبة كاملة أمام عائلتك تخيفك، يمكن التخطيط لتحضير طبق سهل مثل السلطة أو وضع أصناف متنوعة من المقادير على المائدة ليحضّر أفراد العائلة لفائف التاكو أو السندويشات بأنفسهم. حتى تناول وجبة مثلّجة أو جاهزة مع العائلة على مائدة العشاء خطوة هائلة. يمكنك دوماً تناول الوجبة المفضلة لديك لاحقاً. استمتاع بالوقتمن الضروري التواصل مع الأولاد لإقناعهم بأهمية الوجبات العائلية والمشاركة فيها، لكن حذار من تحويلها إلى عمل منزلي إلزامي. احرص على أن تشمل الوجبة نسبة كبيرة من المتعة والخيارات التي تروق للأطفال فضلاً عن إشراكهم بالمحادثات أو الألعاب الممتعة أثناء الأكل. يجب أن تكون هذه التجربة الأفضل طوال اليوم بدل أن تصبح فترة يريدون تجاوزها بأسرع وقت ليعودوا إلى مشاهدة برامجهم المفضلة.تقاسم المسؤوليةيجب ألا يتحول العشاء العائلي إلى واجب منزلي بالنسبة إلى الأب أو الأم أيضاً. من الأفضل إيجاد طرق لتقاسم المسؤولية، حتى لو كان أحد الوالدين يعمل طوال الأسبوع بينما يلازم الآخر المنزل، والبحث عن طرق لقلب الأدوار في عطلة نهاية الأسبوع أو خلال أمسيات مميزة من الأسبوع. حين يكبر الأولاد، يمكن أن نطلب منهم تقديم المساعدة أيضاً: تحب ابنتنا مثلاً تحضير البيتزا مع والدها. في هذه الحالة، يتطلب التنظيف وقتاً أطول ويحتاج الطعام إلى فترة إضافية كي يجهز، لكنّ هذه الجهود هي جزء من التجربة الممتعة. نأمل أن تكون هذه الخطوة بداية لروابط مديدة وصحية وممتعة تجمع ابنتنا بالطعام (كما أننا نتوق إلى اليوم الذي ستدعونا فيه إلى تناول البيتزا!).أخذ استراحةكما ذكرتُ سابقاً، نحاول زوجي وأنا تمضية الوقت وحدنا في إحدى ليالي الأسبوع. يعني ذلك تناول شرائح اللحم على العشاء بعد نوم الأولاد أو الخروج إلى المطعم، لكننا نعتبر هذا النشاط جزءاً مهماً من حياتنا للحفاظ على التواصل بيننا من دون الأولاد، وهو أمر أساسي لضمان سعادة العائلة. يسمح لنا ذلك بتناول وجبات لا تكون خاصة بالأطفال. من وقت إلى آخر، نأكل في الخارج كعائلة أو ننظم مع الراشدين نشاطاتنا الخاصة.على غرار معظم الأمور في عالم الأكل الصحي، لن تكون الأنظمة القاسية والقواعد الصارمة مفيدة على المدى الطويل، بل نحتاج إلى إقامة علاقة صحية ومرنة وممتعة مع طعامنا.