Side Effects سيقلب تفكيركم!

نشر في 16-02-2013 | 00:02
آخر تحديث 16-02-2013 | 00:02
يظهر أول مؤشر عن القصة في المشهد الأول من فيلم Side Effects: لقطة مقرّبة بطيئة ومدروسة على نافذة من مبنى سكني كبير، تذكّرنا بأفلام الرعب الكلاسيكية مثل Rosemary’s Baby وPsycho.
يقول مخرج فيلم Side Effects ستيفن سودربيرغ: «استوحيتُ المشهد الأول من الفيلم من بعض الأفلام المختلفة. لكنّ المحرك الأساسي هو فكرة حدوث أمر معين داخل إحدى تلك الشقق. عند النظر إلى المشهد العام، نشعر بالدهشة من عدد العناصر والمباني التي تتنافس لجذب انتباه المشاهدين، لكن لا أحد يعلم أن أمراً مريعاً قد يحدث وراء إحدى تلك النوافذ. أردتُ أيضاً تكرار النمط نفسه في اللقطة الأخيرة من الفيلم. المشهدان متناغمان جداً».

تحصل أحداث مريعة فعلاً في Side Effects، لكنه فيلم من النوع الذي يعج بالمفاجآت في عقدة القصة لدرجة أن معرفة الكثير مسبقاً قد تُفسد متعة المشاهدة (حتى المقتطفات والإعلانات التلفزيونية جرى تحضيرها بحذر لتجنب إفساد التشويق).

الفكرة الأساسية بسيطة: تغرق شابة اسمها إميلي (روني مارا) في حالة اكتئاب عميق بعد إطلاق سراح زوجها (تشانينغ تاتوم) من السجن بعدما أمضى فترة عقوبته لارتكابه أعمال تجارة غير مشروعة. للحصول على المساعدة، تلجأ إلى طبيب نفسي (جود لو) يأخذ بنصيحة طبيبة إميلي السابقة (كاثرين زيتا جونز)، فيصف لها دواءً مضاداً للاكتئاب طُرح في السوق حديثاً.

لكن سرعان ما يتبين أن الدواء له آثار جانبية غير متوقعة. يقول سودربيرغ إن ما يحدث لاحقاً مستوحى من أشهر أفلام التشويق التي أنتجتها هوليوود خلال الثمانينيات.

يوضح سودربيرغ: «كانوا ينتجون تلك الأفلام بانتظام وببراعة تامة. صدرت وفرة من الأفلام الجيدة مثل Jagged Edge و Fatal AttractionوBasic Instinct. ثم توقفوا فجأةً عن صنع أعمال مماثلة. لا أدري ماذا حلّ بهذا النوع! يبدو أنه اختفى بكل بساطة».

يضفي سودربيرغ لمسة إخراجية خفيفة في فيلم Side Effects: هذا العمل ترفيهي أولاً وأخيراً، لكنّ موضوعه مترسخ في الواقع وفي الأبحاث. أمضى كاتب السيناريو سكوت بيرنز، الذي سبق وتعاون مع سودربيرغ في فيلمَي The Informant! وContagion، سنة كاملة في مستشفى «بلفيو» في مدينة نيويورك وكان يلازم الطبيبة المتخصصة بالطب النفسي الشرعي ساشا باردي، التي عملت أيضاً كمستشارة للفيلم.

يقول بيرنز: «تعلمتُ كيف تظهر مختلف الأمراض العقلية واكتشفتُ علم الأدوية النفسية وحقيقة التداخل بين طب النفس والقانون. أبرز ما تعلّمتُه هو أننا نقصد الأطباء على أمل بأن تتحسن حالتنا. لكن حين نغوص في هذا العالم، سرعان ما ندرك أن الأمر يتعلق أيضاً بالمعطيات الاجتماعية والاقتصادية وبشركات التأمين وشركات الأدوية ومجموعة أخرى من المسائل».

أحداث جنونية

تتعدد العوامل المترسخة في واقع حياتنا في Side Effects: الحالات التي يعرضها الفيلم عن أشخاص تمّت تبرئتهم من الجرائم لأن الأدوية وفرت لهم العذر المناسب حقيقية. لكن استعمل صانعو الفيلم أبحاثهم كأساس لتقديم فيلم تشويق (لا فيلم وثائقي) تصبح أحداثه جنونية وغير متوقعة مع تقدّم القصة.

يوضح بيرنز: «أردنا أن نقدم ما يشبه الجولة الممتعة في قطار الملاهي. لكن تحصل هذ الجولة ضمن إطار واقعي. أخبرتنا الطبيبة باردي بأن الأطباء يرغبون في تصديق المرضى الذين يقصدونهم وفي مساعدتهم. فبدأتُ أفكر بالمعضلة القانونية المثيرة للاهتمام بالنسبة إلى الأشخاص الذين يبدأون بتناول أدوية مثل Xanax. هل يعبّر سلوكهم عن حقيقتهم بعد تلك المرحلة؟ أم أن الجزء الدماغي الذي يشرف على الجانب الأخلاقي من سلوكهم لا يعود ملتزماً بما يكفي باحترام المعايير القانونية؟

يعتبر سودربيرغ أنه اضطر إلى استعمال أسلوب هادئ وطبيعي كي يبدو كل شيء منطقياً بسبب طبيعة السيناريو الجامح (لا يمكن توقع تطوراته مطلقاً):

«كنتُ أذكّر نفسي دوماً بأن جميع الخيارات التي أقوم بها (طريقة التصوير، أداء الممثلين) هي مقاربة عكسية تنطلق من المرحلة النهائية التي سيبلغها الفيلم. أردتُ أن أضع المشاهد ضمن المساحة العاطفية المناسبة في النهاية لأن الفيلم يتغير بطرق مختلفة، فيبدأ في مكان معين ويمر بأحداث مفاجئة وينتهي في مكان مختلف تماماً. في خضم هذه الأمور كلها، تكون روني الشخصية الرئيسة، ثم يصبح جود البطل الرئيس في منتصف الأحداث. يجب أن تنجح هذه الخلطة بطريقة سلسة وغير مباشرة، وكان ذلك يحتّم عليّ أن أخفف من المهارات الإخراجية المبهرة كي لا يفكر الناس بالأمور التي أقوم بها. يمكن أن يرصد خبراء السينما ما أقوم به. لكنّ المشاهدين العاديين يشاهدون الشخصيات بكل بساطة ويركزون على عقدة القصة وأنا لا أقف في طريقهم».

بحسب سودربيرغ، في فيلم مشوق مثل Side Effects، كان يجب أن يثق بجوهر العمل وأن ينهي التصوير من دون أن يعلم مدى نجاح هذه الطريقة في صناعة الفيلم قبل انتهائه، وكان يستطيع عرضه أمام بعض الأصدقاء.

يضيف سودربيرغ :{أصعب جزء من عملية صناعة هذا الفيلم هو أول 35 دقيقة: كان علينا إقامة التوازن المطلوب وتحديد الإيقاع الصحيح، مع الحرص على تقديم المعلومات اللازمة في الوقت المناسب وبالطريقة الملائمة. بعد مرور أول 35 دقيقة، يستقر الفيلم على إيقاع ثابت ويأخذ اتجاهاً معيناً ويسير بسرعة معينة. لذا كان ينبغي أن أركز على نصف الساعة الأولى. كنتُ أمام عدد هائل من النسخ المختلفة لتلك الدقائق الأولى، وهي تفوق أي نسخ أولية في جميع الأفلام التي صنعتُها سابقاً. أجرينا تجارب كثيرة وارتكبنا الأخطاء وقدمنا عروضاً كثيرة حرصاً على التوصل إلى النسخة المناسبة وإيفاء القصة حقها. كان الأمر شائكاً ودقيقاً بالفعل».

لحسن الحظ، لا تفسد مقتطفات فيلم Side Effects وإعلاناته التلفزيونية أياً من المفاجآت المنتَظرة، وحتى التقييمات الأولية حرصت على عدم عرض تفاصيل القصة أو الكشف عن الكثير.

يختم سودربيرغ قائلاً: «الأشخاص الذين شاهدوه يدركون أن إفساد أحداث الفيلم على أصدقائهم ليس أمراً ممتعاً. ما الذي يدفعهم إلى خيانتهم وإفساد تلك التجربة عليهم؟ الأمر صعب جداً، فكيف يمكن إقناع الناس بالذهاب لمشاهدة فيلم من دون أن يعلموا شيئاً عنه؟ وصلتُ إلى مرحلة كنتُ أخبر فيها الناس «لا تشاهدوا الإعلانات التلفزيونية!». إذا ذهبتم من دون معرفة شيء عن الفيلم، ستمضون وقتاً رائعاً!».

back to top