وجهة نظر : مؤسسة البترول والشريك الاستراتيجي


نشر في 23-03-2010
آخر تحديث 23-03-2010 | 00:00
 عبدالحميد العوضي أسواق العالم تتقارب وأصبحت تشكل سوقاً واحداً، ويعود ذلك إلى أن احتياجات المستهلكين أصبحت تقريباً واحدة ومتشابهة، بسبب الجودة ومعايير البيئة العالمية، فعلى سبيل المثال وقود الطائرات المُستخدَم للطيران المدني والتجاري متوافر في كل مطارات العالم بمواصفات واحدة، والسفن التي تبحر إلى موانئ العالم البحرية لنقل البضائع والشحنات النفطية، لها وقود ذو مواصفات واحدة، ووسائل النقل العامة تشكل حوالي 60 في المئة من الاستهلاك العالمي من المشتقات البترولية، وباقي النسبة تعود إلى استهلاك المصانع من بينها البتروكيماويات ومحطات توليد الكهرباء، فإذا عرفنا أن تعداد سكان العالم حاليا يصل إلى حوالي 6.5 مليارات ويوجود ما يقارب 750 مليون سيارة في العالم، وهناك توقعات بنمو السكان إلى 8 مليارات نسمة وتضاعف عدد السيارات إلى مليار ونصف المليار بحلول عام 2030... فإن هذا يبرر الغاية من بناء المصافي، وهي مواجهة الطلب المتنامي، لاسيما من قِبل قطاعَي النقل والبتروكيماويات، لما يمثلانه من أهمية اقتصادية وعائد مادي أعلى، لذلك تهدف المصافي إلى زيادة نسبة تلك المشتقات البترولية الناتجة من تكرير النفط واختيار نفوط تمكنها من رفع هامش الربحية، وبناء مصانع بتروكيماوية لزيادة التكامل الاقتصادي وتعظيم العوائد المادية.

لكن، ما الهدف من الشراكة الاستراتيجية العالمية التي عادة ما تجمع شركات وطنية حكومية وشركات أخرى عالمية؟ ومثال على ذلك الشراكة الاستراتيجية بين مؤسسة البترول الكويتية (KPC) والشركة الصينية (SINOPEC) وشركة (SHELL)، قبل انسحابها في ديسمبر 2009.

ما المزايا أو الفوائد التي سيجنيها كل طرف من هذه الشراكة الاستراتيجية، التي نوجزها بالآتي بالنسبة إلى مؤسسة البترول الكويتية:

1- تسويق النفط الخام الكويتي ونسبة معينة من النفط الخام الثقيل، من خلال بناء مصفاة مصممة لتكريره والتعامل مع الشوائب، وهي بمنزلة استثمار طويل الأمد (35 عاما).

2- تشغيل سفن كويتية بحدود 6 سفن عملاقة (VLCC)، لنقل النفط الخام الكويتي مدة مقاربة لعمر المصفاة الافتراضي، إن كان بيع النفط على أساس تسليم ميناء المشتري (CandF).

الفوائد أو المزايا التي تعود على الشركة الصينية:

1- تشغيل أيدٍ عاملة صينية ومصانع صينية مساندة.

2- تأمين الحصول على مشتقات نفطية بشكل مستمر، وبأسعار معتدلة للاستهلاك المحلي.

3- توفير العملة الصعبة عند شراء النفط الخام أو المشتقات النفطية.

المزايا أو الفوائد بالنسبة إلى شركة «شل»:

إن انسحاب شركة «شل» وفشل المفاوضات، يجعلانا نتساءل إن كانت هناك مزايا توازي حجم الاستثمار والتكنولوجيا العالمية المقدمة، فلماذا انسحبت؟ وفي المقابل نحن نعلم أن «شل» تنتج ما يعادل 3.5 ملايين برميل نفط يوميا، ولديها مصافٍ حول العالم بطاقة تكريرية بحدود 4 ملايين برميل في اليوم، تسعى إلى التركيز على عمليات الإنتاج والاستكشاف ومحاولة التخلص من مصافٍ غير مجدية اقتصادياً.

إذاً، ما المزايا التي ستجنيها «شل» من هذه الشراكة، بعد تقديمها تكنولوجيا عالية، فهل مثلاً ستوظف اسطول ناقلاتها الكبير لنقل النفط الخام الكويتي، أم أن هناك مزايا ستحصل عليها في سوق التجزئة وسوق التزييت وسوق المنتجات البتروكيماويات؟ إن أقل ما تنظر إليه «شل» بالنسبة إلى الشراكة الاستراتيجية، هي أنها مشروع استثماري طويل المدى يحقق لها عائداً مادياً ويشجعها على تحمل المخاطر ويكافئ اسهاماتها التكنولوجية، وعادة ما تقيّم الشركات الاستثمارية مشاريعها من خلال عدة أدوات، خصوصا تلك التي توضح العلاقة بين العائد المادي المتوقع ودرجة المخاطرة، ومن بينها نموذج تسعير الأصول الرأسمالية (CAPM)، وهو عبارة عن معادلة تحدد العائد المتوقع وارتباطه بمعامل (بيتا) الذي يحدد نسبة المخاطرة وارتباطها بالعائد المضمون، مثل سندات الخزانة الأميركية، وبحساب هذه المعادلة نجد إن نتائجها قد لا تشجع «شل» للدخول في هذه الشراكة، علماً أن ارتفاع العائد هو حافز للمضي قدماً في المشروع، وكما نعلم فإن تكاليف المشروع الأولية كانت حوالي 5 مليارات دولار في عام 2006، وكانت نسبة الفوائد إلى التكاليف (BCR) مشجعة في ذلك الوقت، لكن بعد ارتفاع تكاليف المشروع إلى 9 مليارات دولار وتغيير نسبة الفوائد إلى التكاليف، فقد تكون غير مجدية لـ»شل» كمستثمر، وهنا نتساءل: هل الرؤية العامة لجميع الأطراف واضحة وتؤسس لشراكة استراتيجية طويلة المدى وتستوعب المتغيرات المستقبلية وتأخذ في الحسبان حجم المساهمات لكل طرف بشكل متوازن، أم إن خروج «شل» من المفاوضات في ديسمبر 2009 مع «KPC» يعود إلى قلة خبرة الأشخاص المفاوضين سواء من جانب «KPC» أو «شل»، ومن يتحمل تكاليف التأخير وتضاعف قيمة المشروع؟

ما الفترة التقديرية (PAY BACK PERIOD)، ولماذا استمرت «شل» في مشروع مماثل مع شركة قطر للبترول وشركة صينية أخرى «بتروتشاينا» (CNPC) لبناء مصفاة بترول ومجمع بتروكيماويات في مقاطعة تشجيانغ، ومتوقع انتهاء الدراسات في نهاية 2010، رغم المؤشرات المذكورة آنفاً، أم إن الأمر يعود إلى المزايا وأسلوب المفاوضات بين الأطراف؟

إن ما ينطبق على «شل» ينطبق على أي شريك استراتيجي آخر بحجمها، تود مؤسسة البتروك الكويتية إشراكه معها مستقبلاً.

* خبير متخصص في تكرير وتسويق النفط 

back to top