تركي حمدان... أين أنت؟!
الشاعر تركي حمدان، شاعر جميل، يكتب القصيدة الشعبية، وهو من اكتشاف الشاعر الكبير فهد عافت عندما كان في «قطوف»، غير أن المتتبع لهذا الشاعر يجد أن في الأمر لغزًا، أتمنى أن يتم الكشف عنه بعد هذه المقالة العابرة. لقد كتب نصّا أو نصين ثم طار به الإعلام الشعبي، وانتشر في الفضاء العنكبوتي انتشار النار في الهشيم، مع العلم أن هناك العديد من الشعراء الجميلين، سواء في الصحافة أو الشبكة العنكبوتية، لم ينالوا ما ناله الشاعر تركي حمدان...لقد قال عنه فهد عافت: «تركي حمدان كتب عددًا بسيطًا من النصوص، فثارت حوله هذه الزوبعة، والمدقق في نصوصه يجد أنها نصوص غير تأصيلية، بمعنى أن نصوصه الشعرية التي يقدمها لا تشفع له بكل هذا التميز رغم جمالها، لهذا فالرجل يثير لديّ لغزًا في هذا الجانب، من عدة اعتبارات، لعل من أبرزها، أن هذه الحفاوة بنصوصه لا تساوي الكمية المقدمة له من قصائده، وثانيًا، أن الساحة الشعبية ليست بهذا النقاء وبهذا الحس المخلص وبهذا الضمير الصادق حتى تنصف المبدعين من الشعراء، فأمسية شعرية سيئة الإعداد قد تسقط شاعرًا جميلاً ورائعًا، أو أن شاعرًا من الشعراء لم يوفق في إلقاء نصوصه بالشكل المطلوب منه جماهيريًّا يكون مصيره الخسران المبين، أو أن جمهورًا حضر من أجل التصفيق والتصفير و«الفزعة القبائلية» كفيل بدفع شاعر مغمور وأقل من متوسط إلى واجهة الإعلام الشعبي، وثالثًا، ان الرجل شخصية مؤثرة في مجلة شعبية مهمة كمجلة فواصل، ومؤثر في القرار الإداري فيها، ومع هذا لا يعرفه أحد، فالعجب كل العجب، أن يكون هناك شاعر بمثل هذه الروعة، وبمثل هذا النفوذ الفواصلي كتركي حمدان، ولا تتلقفه برامج التلفزة والقنوات الفضائية، ولم أسمع ولم يسمع غيري ممن سألتهم من المهتمين والمتابعين في الساحة الشعبية بأنهم حضروا أمسية لتركي حمدان، أو رأوه في محفل أدبي، بينما نفس هذا الإعلام الشعبي الذي أنصف هذه التجربة الشعرية، رغم ما أبديته عليها من ملاحظة، وهو الذي يكتب بــ«تكنيك» جميل، أقول نفس هذا الإعلام الشعبي الذي أنصف تجربة تركي حمدان، يتسابق في نفس الوقت على تلقف كل ناعق من الشعراء لإبرازه للجمهور، إذ إن نفس هذا الإعلام الذي أنصف تركي حمدان سعى الى تشويه الذائقة وعمل جاهدًا على تعميم ثقافة الهياط في المنطقة، وهو الحريص على اقتناص كل شويعر وشعرور أو «متشيعر»، ودفعه الى الجمهور، ومن ثم فرضه على الساحة فترة من الزمن إلى أن يجدوا البديل له، ليقوم هذا الإعلام الشعبي بإخراج نفس المسرحية المكشوفة وترديد نفس الأسطوانة المشروخة مع شاعر آخر، في ميدان الضحك على الذقون والعبث بالذائقة، فمن العجب العجاب أن يكون إعلام بهذه المواصفات يمارس في المقابل أعلى درجات النقاء وأسمى معاني الصدق الأدبي والإنساني مع شاعر آخر، انتشله من المجهول ووضعه في مصاف بدر بن عبدالمحسن وفهد عافت.
وأنا هنا، في هذا الكلام، سأقول إما أن يخرج لنا هذا الرجل، ليقام له الاحترام الكامل الذي يليق بالمبدعين، ونعرفه تمام المعرفة، لأن الشمس لا تغطى بغربال، ولن تُغطى بغربال في يوم من الأيام، أو أن وراء الأكمة ما وراءها؟! لهذا سأقول، وبصوت مرتفع.... أين أنت يا تركي حمدان من القنوات الفضائية والإعلام المرئي؟!