كلُّنْ عندُنْ سيارات

نشر في 30-06-2007
آخر تحديث 30-06-2007 | 00:00
 نديم قطيش بسرعة كبيرة يحذو لبنان حذو العراق. فمشاهد انفجارات السيارات المفخخة غدت ملمحاً «عادياً» من ملامح العراق. وفي لبنان تختصر مسافة الموت بين السيارة التي قتلت النائب وليد عيدو في العاصمة اللبنانية، وتلك التي حصدت ستة من الجنود الإسبان العاملين ضمن قوات اليونيفيل جنوب لبنان، قدرة الإرهاب على التنقل بين أهدافه بيسر مريب.

تكرار المشهد في فلسطين لم يكن شأناً بعيد المنال لو قُيض لحماس أن تنفذ مخططها الدموي بتصفية محمود عباس. العبوة الضخمة التي كانت تعد لرئيس السلطة الفلسطينية كان يمكن لها بسهولة أن توضع في سيارة كالتي أودى تفجيرها بحياة رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. أو أن تزرع في نقطة قاتلة تحت مقر عباس الرئاسي في غزة؛ إذ تشير المعلومات الى أن نفقاً كان يحفر لهذا الغرض.

التكرار الدموي للسيارات المفخخة، التي انفجرت أو الآيلة للانفجار، يصاحبه تكرار لسؤال يثير الغثيان. «من يرسل هذه السيارات؟»

بالنسبة لإيران، أشارت آخر التقارير الأميركية والبريطانية في الأيام القليلة الماضية بوضوح الى أن التدخل الإيراني مع تنظيمات جهادية، لاسيما في العراق، يتجاوز التزويد بالأسلحة الى توفير التدريبات اللازمة وتخطيط الهجمات على نحو يجعلها أكثر فاعلية. بل إن القوات الأميركية، في آخر معاركها في العراق، استهدفت الأسبوع الفائت ما وصفه قادة ميدانيون بـ«خطوط الإمداد الإيرانية إلى العراق عبر نهر دجلة». يُستخدم جزء كبير من هذه المتفجرات في تفخيخ السيارت أو زرع العبوات الناسفة على جوانب الطرق.

قبل نحو ثلاثة أسابيع، اعترضت الشرطة المحلية في محافظة النجف سيارة نقل بري آتية من سورية، عثر بداخلها على كم هائل من المتفجرات بالاضافة الى سيارة BMW مفخخة ومعدة «للاستخدام». كما شدد التقرير الرابع للأمين العام للأمم المتحدة منذ إقرار مجلس الامن القرار 1701، على استمرار انتهاك حظر دخول الاسلحة على طول الحدود السورية اللبنانية. وقال التقرير إن سورية ودولاً اقليمية أخرى وايران «لها مسؤولية خاصة لضمان الاحترام الكامل للترتيبات المتعلقة بحظر الاسلحة».

حماس، لا تحتاج تقارير معقدة، للإضاءة على صلتها بالسيارت المفخخة المحتملة في الأراضي الفلسطينية، بعد إحباط مخطط أشمل لها بتصفية عباس، الذي خونه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، قبل أيام لمشاركته في القمة الرباعية في شرم الشيخ.

«حزب الله» يطرح صورة أكثر تعقيداً، لكن ملامحها جديرة بالعرض لاسيما مع الحادث الأخير ضد قوات اليونيفيل في منطقة نفوذ سابق (؟؟) له جنوب لبنان.

فعلى الرغم من البدء بتنفيذ القرار الدولي رقم 1701 القاضي بمنع وجود أي سلاح جنوب نهر الليطاني غير سلاح الدولة اللبنانية وقوات اليونيفيل، لم تنقطع تصريحات مسؤولي «حزب الله» عن استمرار وجود «المقاومة» جنوب النهر واستعادة «بناء الجهوزية العسكرية».

يدفع هذا إلى استنتاجين مباشرين.

1 -«حزب الله» ينسق مع اليونيفيل لتمرير السلاح، مما يعني قدرته على إقناع أكثر من 25 دولة مشاركة في القوة الدولية المعززة بتجيير وجودها لصالحه، والتنازل عن مهمتها الأساس وهي منع وجود سلاح كسلاح الحزب جنوب نهر الليطاني. مستحيل.

2 - «حزب الله» يمتلك خطوط إمداد، بعيدة عن أنظار القوة الدولية، يمضي عبرها في صيانة جهوزيته القتالية. ممكن الى حد بعيد.

يترتب على هذا الاستنتاج الأخير ملاحظتان بشأن حيثيات السيارة التي استخدمت في الاعتداء على اليونيفيل.

أ‌- إما ان الحزب أعار خطوط الإمداد لمن احتاجها في تلك اللحظة، ضمن المواجهة الشاملة بين حلفائه ومن تمثلهم القوة الدولية.

ب‌- أو أن الحزب اختُرِق في خطوطه هذه من دون أن يدري.

في الحالين يضع ما تقدم الحزب أمام مسؤولية «ما» حيال ما حصل لعدم التزامه التام بموجبات القرار الدولي 1701 وموقفه المتحول الى الرفض العلني للنقاط السبع التي تبناها القرار المذكور، وأقرتها الحكومة اللبنانية بالإجماع، وكان من أبرزها حصر وجود السلاح في المؤسسات الشرعية.

حسن النية، يفترض القول أن ما ورد اعلاه تحليل قد لا يصيب، وأنه لا صلة بين من تناولتهم المقالة والسيارات المتنقلة. لكنه لا يلغي حقيقةً تتبلور يوماً بعد آخر، يختصرها عنوان أغنية يحفظها الملمون بأغاني الأطفال في لبنان ... «كلن عندن سيارات...»

back to top