يتخفون وراء اللجان

نشر في 02-01-2023
آخر تحديث 01-01-2023 | 19:39
 حمزة عليان نعتذر منك يا أستاذ، طلبك لم توافق عليه اللجنة لأن «الندوة» عن كتابك لا تناسب رسالتنا وأهدافنا. هكذا كان الرد من المسؤولين، عندما حاولت معرفة تلك الأهداف وطبيعة الرسالة، ومن هم أعضاء اللجنة، كان الجواب مبهماً لأن الأسماء تبقى محاطة «بالسرية».

كم شعرت بالضيق من تلك «العقلية» التي تدير صرحاً وطنياً له علاقة بالثقافة والكتاب والنشر، وكأننا نتعامل مع أشباح في وقت أحوج ما نكون فيه للصراحة، وكم حزنت على حال الضياع والتخبط التي تعيشها بعض الجهات المعنية بالندوات الثقافية والنقاشات المفتوحة، تمنيت لو كانت لديهم معايير يلتزمون بها ويطبقونها على الجميع لكان الأمر في غاية السلاسة والوضوح، لكن الواقع يقول شيئاً آخر مختلفاً، فلا وجود لمعايير ولا مقاييس، والمسألة برمتها مزيد من البيروقراطية وتشكيل اللجان، لكن القول الفصل يبقى عند أصحاب القرار والمزاجية التي تتحكم في ذلك والعلاقات الشخصية.



قصة لجان التقييم أو التحكيم، بعضها لا كلها، فيها العجائب والغرائب، تعاملت مع عدد من دور النشر العربية المشهورة وذائعة الصيت وكنت منبهراً من الآلية المتبعة والحديثة في عملية النشر وقلت في نفسي: شيء جيد أن يتم التطوير والتغيير من داخل دور النشر، ومنذ لحظة التواصل إلى حين تبليغك بقرار الموافقة من عدمه على قبول «المخطوطة» للطباعة والنشر.

انتظرت فترة الشهر تقريباً ليأتي الرد بالاعتذار، وعندما حاولت أن أتبين السبب، جاءني الرد «هذا قرار اللجنة» وهي من يقول (نعم) أو (لا)، حاولت أن أتعرف على الأسماء التي تتشكل منها اللجنة، لكنني لم أوفق «لأنها تبقى سرية»، قلنا لماذا السرية في عمل ذي طابع له علاقة بحرية الكلمة والتعبير والكتابة؟ ولماذا لا تعممون الفائدة وتقولون ما الأسباب المانعة؟ أو ما معاييركم التي تستندون إليها؟ طبعاً لا جواب، وعليك الاجتهاد لمعرفة الأسباب الحقيقية التي تقف وراء ذلك، وستكون من فئة البلهاء إذا اكتفيت بهذا الرد ولم تتحرّ الدقة أو ما إذا كانت لديك معرفة شخصية بأعضاء مجالس الإدارات أو القائمين على دار النشر عندها ستسمع عبارات الترحيب والمجاملات تتساقط على مسامعك.

اطلعت على ملخص لرسالة دكتوراه حصلت عليها «كاتيا الطويل» من جامعة السوربون حول «الجوائز الأدبية» العربية المخصصة للرواية العربية، وتطرقت فيها إلى «لجان التحكيم» والناشرين وطرحت أسئلة شائكة تتصل بالشفافية و«الصدقية» لهذه الجوائز، أهمية الدراسة أنها تتناول مأزق النشر العربي اليوم ومن مختلف أوجهه، ربما كانت الانتقائية بالاختيار والاسم الرائج والأكثر مبيعاً وتشويقاً هو من يتربع على عرش النشر وليس لغيره من الاعتبارات.

بعض الناشرين العرب يتخفون وراء «اللجان» المنوطة بالتقييم والقراءة، ويستخدمونها ورقة للتغطية على فشلهم أو للتهرب من تبني الكتب التي يرونها ضعيفة ولا تجلب لهم المال الكافي! وبعض الناشرين العرب يسيئون إلى حركة الثقافة والنشر بالأسلوب العشوائي الذي يمارسونه في إدارتهم والشخصانية والعلاقات الخاصة، وكأننا في محفل ماسوني لا في فضاء الكلمة الحرة وقدسية التعبير وحرية الرأي المكفولة للجميع.

back to top