اسألوا بيوت الحمد ومجمع الأندلس عن الجادرجي

نشر في 07-05-2025
آخر تحديث 06-05-2025 | 19:44
 حمزة عليان

​قبل فترة بادر الناشط محمد المعتوق العسلاوي بإطلاق دعوة على حسابه في «إنستغرام» للمحافظة على المباني التي صممها المهندس المعماري العراقي رفعة الجادرجي في الكويت والحرص على صيانتها.

​بعد البحث تبين أن له بصمته المعمارية في عدد من المناطق، فهو من صمم مجمع الأندلس في حولي لصالح مبارك الحساوي، وكان أول مجمع يغلف بالطابوق الجيري، وكذلك ساهم بأواخر الستينيات في تصميم فيلا خاصة لأسرة الحمد في منطقة السالمية، وأيضا مجمع العزيزية السكني، وجميع هذه المشاريع ما زالت قائمة.

آثار المعماري رفعة الجادرجي بقيت في الكويت، لكن تعرّض بعضها للهدم، كما صاحبها الذي لقي الجور والظلم من صدام حسين.

​ولعل ما فعلته زوجته الأديبة بلقيس شرارة يعوض جزءاً من تاريخ إحدى القامات العراقية العظيمة في عالم الهندسة المعمارية.

​في كتابها «رفعة الجادرجي» تتناول بلقيس، بالتفصيل، سيرته وإنجازاته المعمارية، إضافة إلى مؤلفاته التي تخص العمارة الحديثة وعلاقتها به وإلى يوم وفاته عام 2020، ودور عائلة الجادرجي في تاريخ العراق السياسي والوطني.

​لم يغب الجادرجي وتاريخه المعماري عن ذاكرة زوجته الأديبة المتخصصة في الأدب الروسي بلقيس شرارة، بل كان حاضراً في كتابها «جدار بين ظلمتين»، الذي تروي فيه قصة اعتقاله والحكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 1978 بعهد صدام حسين.

​صمم الجادرجي أكثر من مئة مبنى، تعرّض بعضها للهدم والآخر للحرق، وكان أحد أعضاء مجموعة بغداد الحديثة التي أسست عام 1951، والتي جمعت بين التراث العراقي والفن المعماري الحديث... اهتم بعمارة شارع الرشيد في بغداد، وكان أول من فكّر في واجهات المباني وإيجاد كاسرات ضوء الشمس، لتخفيف درجة الحرارة كما كتب د. كاظم شمهود.

​نصب الجندي المجهول، الذي قام بتصميمه، أقيم مكانه تمثال لصدام حسين، لكن التمثال هوى على الأرض عندما دخل الأميركان عام 2003. وعندما زار العراق عام 2009 وشاهد «الخراب»، قرر المغادرة مع زوجته بلقيس والاستقرار في لندن حتى وفاته عام 2020.

​تكتب شرارة: «بعد مرور أكثر من شهرين على فقدان رفعة، رفيق الفكر وغيابه عن هذه الدنيا، شعرت بالوقت الضائع، وعادت كلماته ترن في أذني (ما عندي وقت أضيعه)، فالوقت ثمين وعلينا أن نستغله، لكن أصبح الوقت فائضا، ولم أكن أحلم بهذا الفيض طوال حياتي، لكني لم أجد الجرأة في البداية على أن أجلس أمام طاولة الكتابة، أو حتى على التركيز لكي أبدأ الكتابة، لكن بدأت تتجسم وتعيش معي تدريجيا فكرة الكتابة عن رفعة، وبدأت أكتب، وعندما أنهيت الفصل الأول، وجدت أن التجربة التي خضتها في حد ذاتها هي تذكير لي بأهمية ما أنجزه رفعة».

​ربما كان هذا الحديث عن رفعة مدخلاً مناسباً عن زوجته وأسرتها التي وصلت إلى النجف واستقرت هناك منذ عشرينيات القرن الماضي، قادمة من جنوب لبنان.

​ تروي بلقيس في كتابها «هكذا مرت الأيام» قصة عائلتها ووالدها محمد شرارة، عندما جاء إلى مدينة النجف، وسكنوا في حي العمارة، وكان عمره 14 سنة، تنقلوا بين عدة مدن عراقية إلى أن استقروا في بغداد.

​بلقيس هي الشقيقة رقم ثلاثة، بعد مريم وحياة وشقيقهن الوحيد إبراهيم، وجدّهم رجل دين معمّم هو الشيخ علي شرارة، لهم صلة قرابة بآل الزين.

​حياة شرارة توفيت انتحاراً هي وابنتها عن طريق استنشاق الغاز عام 1979، وأصدرت كتاباً بعنوان «إذا الأيام أغسقت»، وفيه تتناول جوانب من سيرتها وتاريخ العراق في عهد حزب البعث ومرحلة صدام حسين.

back to top