من صيد الخاطر: الأوقات القديمة عند العرب

نشر في 07-02-2025
آخر تحديث 06-02-2025 | 20:27
 طلال عبدالكريم العرب

معلومة مُشوِّقة عن الأوقات القديمة عند العرب، بأسمائها ومعانيها وتقسيمها. أما المدهش فيها، فهو دقتها التي تخدم احتياجاتهم اليومية والبيئية والمعيشية.

لم يكن وقتها ساعات رقمية، ولا حتى رملية، لكنها فعلاً مثيرة، لغرابتها ودلالاتها، فقد أقاموا نظاماً خاصاً بهم، وحسب بيئتهم، فقاموا بتقسيم أوقات النهار والليل، وما بينهما، مُستخدمين أسماءً وصفية عكست ارتباطهم الوثيق بالطبيعة، مُستعينين بحركة الشمس والقمر، وقسَّموا اليوم إلى 24 ساعة، وأطلقوا على كل ساعة اسماً خاصاً بها، مُحددين مكانها من اليوم، فكانت كالتالي:

الساعة 1:00 اسمها الزلفة، و2:00 البهرة، و3:00 السحر، و4:00 الفجر، و5:00 الصبح، و6:00 الصباح، و7:00 الشروق، و8:00 البكور، و9:00 الغدوة، و10:00 الضحى، و11:00 الهاجرة، و12:00 الظهيرة، و13:00 الرواح، و14:00 العصر، و15:00 القصر، و16:00 الأصيل، و17:00 العشي، و18:00 الغروب، و19:00 الشفق، و20:00 الغسق، و21:00 العتمة، و22:00 الصدفة، و23:00 الفحمة، و24:00 الزلة.

كما أنهم سموا بداية النهار بالشروق وظهور الشمس، والبكور للوقت الذي يلي الشروق مباشرة، والغدوة للوقت الذي يلي البكور، والضحى للوقت الذي يلي الغدوة. وما بعد الغدوة تأتي الهاجرة، وهي وقت اشتداد الحر، لقربها من منتصف النهار. والظهيرة التي بعد الهاجرة، وقت انتصاف النهار. والرَّواح لوقت زوال الشمس عن كبد السماء، ثم العصر الذي يلي الرَّواح، فالأصيل، وهو وقت اقتراب الغروب، ثم العشي، وهو وقت الغروب.

وأطلقوا أيضاً أسماء على أوقات الليل، فالشفق هو الوقت الذي يسبق غروب الشمس، والغسق هو الوقت الذي يلي غروب الشمس مباشرة، والعتمة هي ظلام الليل الكامل. أما الفحمة، فهي سواد الليل الدامس.

ولم يكتف العرب بتلك التسميات، فقد أطلقوا الزلفة على الجزء من الليل، والبهر على جزء آخر من الليل، والشروق على بداية الفجر، والإشراق عند ظهور النور في الأفق، وربطوا أوقاتهم بحركات الشمس والقمر والأحوال الجوية، فبان على تسمياتها تأثير الطبيعة والبيئة عليها.

كذلك كانت هناك أسماء قديمة جداً للأشهر العربية ما قبل الإسلام، فقسَّموها إلى 12 شهراً، لكن بنظام خاص بهم، وبأسماء عكست تاريخهم ما قبل الإسلام، وهي حقيقة مثيرة ومحيِّرة، فقد سُمِّي شهر «مؤتمر»، لأنهم كانوا يجتمعون بمحرَّم، وسُمي «ناجر» الذي كانت بيوتهم تخلو فيه من رجالها، لخروج رجالهم إلى الغزوات والقتال بصفر، و«خوّان» بربيع الأول، لكثرة الغزوات فيه، و«بصّان» بربيع الآخر، لأن العرب كانوا ينظرون فيه إلى أمور الزراعة، و«حنين» بجمادى الأولى، لحنينهم وشوقهم لأيام مضت، و«رُبَّى» بجمادى الآخرة، لخصب ونمو النباتات فيه، و«الأصم» برجب، لأن العرب كانوا يكفّون عن القتال فيه، و«عاذل» بشعبان، لأن العرب كانوا يعتذرون فيه عمَّا فاتهم، و«ناتق» برمضان، و«الناطق» بالحق، و«عل» بشوال، وهو يعبِّر عن ارتفاع القمر، و«رنَة» بذي القعدة، لأن العرب كانوا يمتنعون فيه عن القتال، و«برك» بذي الحجة، لأن فيه موسم الحج.

وللعلم، فقد كان العرب قديماً يصومون ويحجّون قبل الإسلام، فرغم شركهم، لكنهم كانوا يؤمنون بقدسية الكعبة، وبنبوة إبراهيم عليه السلام.

back to top