قصيدة: أمنا حواءُ أم البشر

حوَّاءُ أُمُّ بريَّةٍ جمعاءِ
خُلقتْ لتُؤنِسَ زوجَها بفضاءِ
هي قطعةٌ منهُ تسرُّ وجودَهُ
من بعد وِحشةِ وحدةِ الإحياءِ
نفسٌ وصاغَ اللهُ منها زوجَها
سبحانَ ذا الملكوتِ والعلياءِ
خُلقتْ من الضِّلع الذي في جنبهِ
لتكونَ قربَ فؤادِهِ المعطاءِ
فهو الخليفةُ وهي زادُ سِنادِهِ
وهي التي تعطيه دفءَ صفاءِ
خُلقتْ لتأخذَ منهُ حُسنَ قوامةٍ
ولتحتمي به مِنْ أذى الغلواءِ
بحنانها وبدفئها وبرفقها
أمٌّ لأطفالٍ ونسلٍ نائي
سكنَا بجنةِ ربِّهم في نعمةٍ
بأمانها وثمارها الفيحاءِ
ونهاهما أنْ يقربَا من سدرةٍ
هي مَهلَكِ الظُّلامِ والجُهلاءِ
فتنعَّما بظلالِ فيضِ عطائهِ
واستشعرا آلائه بثراءِ
حتى أتى إبليسُ في تلبيسهِ
وتعرّضَ الملعونُ بالإغواءِ
دلاّهما لغرور نفسٍ تشتهي
عيشَ الخلودِ ومُلكِ ذي الأرجاءِ
أكلا من الثمرِ الذي قد حُذِّرا
منه وكانت سقطةَ الضعفاءِ
إذ ذاك أمرُ الله حلَّ عليهما
وتعرّضا للنكبةِ الشنعاءِ
{قُلنا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا} إنما
لكمُ بأرضٍ عُمرةُ الأحياءِ
نشأتْ حياةٌ للبريِّةِ بعدها
فيها متاعُ الزرعِ والإيواءِ
وتنوعتْ بهنائها وعطائها
وبدت صنوفُ الضنكِ والشحناءِ
إذ أنجبت حواءُ أبناءً لها
وتقاتل الإخوانُ كالأعداءِ
هي رحلة الإنسان في أكوانهِ
سبحان مَن خلق الدُّنَى بقضاءِ
صلَّى الإلهُ على النبيِّ المصطفى
الطاهرِ المبعوثِ بالآلاءِ
والآلِ والصحبِ الكرامِ فإنهم
هم أنجمٌ في حلكةِ الظَّلماءِ