في الصميم: وعاد لبنان عربياً

نشر في 13-01-2025
آخر تحديث 12-01-2025 | 19:13
 طلال عبدالكريم العرب

أخيراً، وكما عادت لنا سورية بعد أن تخلَّصت من براثن الإرهابيين، عاد لنا لبنان عربياً، بعد أن نفض عنه كابوس ما يسمَّى «حزب الله»، والله عنهم بعيد، فقد كان ذراعاً مسلحة، هيمنت على ذلك البلد العربي، وجثمت على صدره، وعلى قراراته ومصيره لسنوات عجاف طوال، وارتكبت مجازر يشيب لها الولدان في سورية، وورَّطت لبنان في معارك عبثية مدمرة مع إسرائيل.

عاد لبنان إلى أهله، بعد اختطاف وتغييب قسري، وبعد أن حُوِّلَ مُرغماً على يد قوة غاشمة إلى أداة تخريبٍ وتآمرٍ على أمته، وبؤرةٍ للإرهاب والتهريب، ومصنعٍ للمخدرات والمؤامرات، تحت سمع وبصر حكومات ومجالس نواب متعاقبة، بعضها مستسلم، وبعضها شارك فعلياً في ذلك الفساد، الذي جعل من لبنان دولة فاشلة سياسياً ومالياً وعسكرياً، فأصبح بلداً بلا حول ولا قوة.

فوز الرئيس عون بهذه النسبة العالية كشف وفضح النواب الموالين لغير وطنهم، والاحتفالات التي عمَّت لبنان، والفرحة التي غمرت العرب عامة وأهل الخليج خاصة دلَّت على أن الجميع أحسَّ بأن كابوساً كان جاثماً على صدورهم قد انزاح على يد نواب لبنانيين وطنيين وضعوا مصلحة لبنان أمام كل اعتبارات سياسية مصلحية تآمرية.

خطاب الرئيس عون كان في الصميم، لم يناور، ولم يجامل، خطاب وضع فيه النقاط على الحروف، «لبنان مستقل عن أي ولاء للخارج»، «لبنان عربي وسيبقى عربياً»، «حصر السلاح بيد الدولة» لا بيد ميليشيات أرهبت لبنان بحجة المقاومة، وهذا التعهد تحديداً نال النصيب الأكبر من التصفيق والتأييد، مما يدل على تململ اللبنانيين منه ومن حامليه. «لا مزيد من تهريب وصناعة المخدرات»، «قضاء نزيه»، وحكومة وطنية من غير محاصصات طائفية، فكان رد فعل النواب الوطنيين المؤيدين لتلك التعهدات للشعب اللبناني واضحاً ومؤيداً، فلنأمل ألا يعكِّر صفو هذه الفترة الانتقالية المصيرية أحد الأذرع الإرهابية، ولنأمل بمقدرة الرئيس على الوفاء بعهوده.

ويبدو أن تمادي إيران بأذرعها ضد المصالح الغربية الإسرائيلية هو الذي دفعهم إلى رفع غطاء التغاضي عنها، فبدأت تتساقط لهشاشتها، وما إن رأى وأحس الثنائي الولائي بجدية التهديدات والضغوط السعودية والخليجية والدولية، حتى انحسر تأثيره السياسي المسلَّح الذي كان يرهب به النواب والحكومات.

ما حدث في العراق وسورية ولبنان واليمن كان تسلُّط وتنمُّر أذرع وميليشيات مسلحة بنَفَسٍ طائفيٍ كريه لم يعتده العرب، فهم تاريخياً استوعبوا وتعايشوا مع كل الأقليات والطوائف والأديان السماوية، بما فيها اليهودية، ورَفْع الفيتو عن تلك الأذرع الإرهابية سمح بعودة سورية إلى أمتها، وسيسمح بعودة لبنان إلى عافيته، وإذا ما شملوا معهما اليمن، فسيعود إلى أحضان أمته، والعراق إلى أصله وعروبته، التي سلبها منه نوري مالكي، ومَنْ أتوا بعده.

back to top