عون إلى السعودية في أول زيارة خارجية و«صفحة جديدة» بين بيروت ودمشق
ميقاتي يستبق «الاستشارات» بلقاء أحمد الشرع
أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون، أمس، أن أول زيارة له ستكون إلى السعودية، في مؤشر إلى تطور مسار العلاقة بين البلدين، بعد تلقيه اتصال تهنئة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان دعاه خلاله إلى زيارة المملكة.
وفي وقت لم يتضح ما إذا كانت زيارة السعودية ستتم قبل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبيروت الأسبوع المقبل، أجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي زيارة لدمشق، هي الأولى لرئيس حكومة لبناني للعاصمة السورية منذ 2010، التقى خلالها قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، عشية الاستشارات النيابية التي يجريها عون غداً الاثنين لتعيين رئيس جديد للحكومة.
وستعكس هوية رئيس الحكومة الجديد الحجم الحقيقي للتغييرات في لبنان بعد الحرب مع إسرائيل التي خسر فيها «حزب الله» قيادته والكثير من قدراته وطريق إمداداته، والتغيرات الإقليمية التي وجهت ضربات لنفوذ إيران الإقليمي، خصوصاً في سورية المجاورة حيث سقط نظام بشار الأسد، أحد الحلفاء الرئيسيين لطهران والحزب.
وتسعى القوى المناهضة للحزب وطهران إلى الاتفاق على مرشح لرئاسة الحكومة. وقال زعيم حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إن حزبه الذي يشكل أكبر كتلة منفردة في البرلمان يرشح النائبين أشرف ريفي وفؤاد المخزومي لترؤس الحكومة الجديدة. وفي المقابل، يتمسك «الثنائي الشيعي»، المتمثل في «حزب الله» وحركة أمل بزعامة نبيه بري، وقوى أخرى، بإعادة تسمية ميقاتي.
والاستشارات النيابية ملزمة للرئيس حسب الدستور اللبناني، وبالتالي ستكون بمنزلة اقتراع جديد، يشبه إلى حد بعيد مشهد انتخاب الرئيس في مجلس النواب، لكن هذه المرة من دون حاجة لنصاب قانوني للجلسة ومن دون حاجة إلى ثلثي الأصوات، حيث يكفي حصول أي مرشح على أغلبية بسيطة ليعين رئيساً للحكومة.
وتتحدث معلومات عن تقاطع داخلي وخارجي على ميقاتي كرئيس للحكومة لمرحلة انتقالية فاصلة عن الانتخابات النيابية بعد سنة وخمسة أشهر. ورغم ذلك دعت قوى تغييرية ومنظمات المجتمع المدني إلى تحركات في الشارع، رفضاً لتعيين ميقاتي باعتباره لا يمثلّ تطلعاتهم ولا يتماهى مع مضمون خطاب القسم الذي أطلقه الرئيس عون وسط حاجة إلى وجوه جديدة تقوم بالإصلاحات الضرورية التي يحتاج إليها البلد.
واستبق ميقاتي استشارات التكليف بزيارة لسورية، التقى خلالها الشرع في مسعى لمعالجة الملفات العالقة بين البلدين، وأبرزها ترسيم الحدود البرية بما في ذلك مسألة مزارع شبعا المتنازع عليها بين لبنان وسورية وإسرائيل والتي استغلها «حزب الله» للاحتفاظ بسلاحه، وضبط الحدود لوقف التهريب، إضافة إلى مسائل مثل الودائع السورية في لبنان والتي تأثرت بالأزمة الاقتصادية والمالية التي شهدها لبنان.
ويقول خبراء إن مسألة الحدود وترسيمها بين البلدين لا يمكن أن تنفصل عما سيجري بشأن الحدود البرية للبنان جنوباً، وبشأن الوضع الحدودي في الجنوب السوري، كما أن ترسيم الحدود البرية والبحرية مع سورية لا يمكنها أن تنفصل عن مسار ضبطها ووقف خطوط التهريب، للسلاح تحديداً، أو مشاريع الاستثمار بالنفط والغاز لاحقاً في سياق التنافس الدولي الإقليمي.
ووسط تأكيد من الجانبين على ضرورة فتح صفحة جديدة بين بيروت ودمشق بعد انتهاء نظام الأسد، وبناء علاقات استراتيجية على أسس «سليمة وقوية»، قال ميقاتي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الشرع إن لبنان وسورية سيتعاونان في تأمين الحدود البرية ومتابعة ترسيم الحدود البرية والبحرية بين البلدين.
وذكر الشرع أنهما ناقشا قضايا من بينها التهريب بين البلدين، وتحديات تأمين الحدود والودائع السورية في المصارف اللبنانية، مشدداً على أن «أولوية سورية الآن الحفاظ على أمن البلاد وحصر السلاح بيد الدولة السورية»، في وقت اعتبر أنه من المبكر الحديث عن ترسيم الحدود.