حوكمة بالثلاثة!

نشر في 27-09-2024
آخر تحديث 26-09-2024 | 19:01
 د. عبدالرحمن بدر القصّار

‏تضمنت كلمة ممثل سمو الأمير سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد الصباح في «قمة المستقبل» بالأمم المتحدة قبل أيام مضامين مهمة فيما يتعلق بالحوكمة، حيث تكرر مصطلح الحوكمة في خطاب سموه في ثلاثة سياقات:

‏تمثل السياق الأول في «الحوكمة بشكل عام» حيث أشار إلى أهمية معالجة التحديات وسد الثغرات التي يتسلل منها الفساد، ثم تطرق «للحوكمة الاقتصادية» من حيث إصلاح المؤسسات الاقتصادية وجعلها أكثر شفافية وشمولاً لقطاعات أوسع من الناس (الشمول المالي)، وأخيراً سياق «حوكمة النظام العالمي» من حيث جعله أكثر عدالة وألا يتحكم به قلة من الدول وأن يكون خاضعاً للمساءلة وأكثر إنصافاً للمظلومين، وهو ما أكده سموه حينما انتقد «ازدواجية معايير» المجتمع الدولي وتعامله مع ما يحصل في فلسطين حيث أسماها «إبادة جماعية» وهو توصيف دقيق. ‏والخطاب، وإن كان يغلب عليه الطابع الدولي إلا أن حرص سمو ولي العهد على ذكر الحوكمة وتكرارها من منبر الأمم المتحدة لهو دليل على اهتمام القيادة السياسية بهذا المفهوم محلياً، وأنه من أنجع أسباب محاربة الفساد والارتقاء بالمؤسسات الحكومية وخدماتها، ومن هذا المنطلق، كان على الحكومة أن تضمّن برنامج عملها لـ«الحوكمة» واعتبارها أحد أهم مرتكزات نجاح خطتها ورؤيتها الاستراتيجية 2035 (لم يتم نشر برنامج عمل الحكومة حتى الآن).

‏ونعتقد أنّه كي ينجح ملف الحوكمة وخاصة- حوكمة القطاع العام- يحتاج إلى ما يلي:

‏1- أن تتم إدارته من متخصصين وخبراء في الحوكمة من الكفاءات الوطنية تحت مسمى المركز أو الجهاز الوطني للحوكمة.

‏2- أن يكون الملف تابعاً مباشرةً لرئيس مجلس الوزراء.

‏3- رسم استراتيجية وطنية للحوكمة على مستوى الدولة.

‏4- تطوير الدليل الوطني للحوكمة المؤسسية بالجهاز الإداري والصادر عن الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية في عام 2021 ومعالجة ما فيه من ثغرات وجعله قابلاً للتطبيق.

‏5- تأسيس وحدة أو إدارة في كل وزارة أو جهة حكومية تُعنى بمتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للحوكمة كل جهة بما يُناسبها.

‏6- يُعهد للمركز أو الجهاز الوطني للحوكمة وضع أو تطوير القوانين والتشريعات واللوائح الخاصة بالحوكمة (مثل تعيين القياديين وقانون نزاهة وغيرها) في القطاع الحكومي.

‏وأقول ختاماً: إنّ كل يوم نتأخر فيه في «حوكمة القطاع العام» يعني إهدار مزيد من الفرص التنموية، وبمعنى أدق نزيف أكثر للمال العام وتأخر عن الركب الحضاري!

‏فهل من مُدّكر؟

back to top