مجالس إدارات... وكويت جديدة!
حضرت مؤتمر الحوكمـة السنوي في بريطانيا بتاريخ 3 يوليو 2024 الذي يقيمه معهد الحوكمة المعتمد في بريطانيا، وهو مؤتمر يجمع المختصين والمعنيين بالحوكمة في مختلف القطاعات والمسؤوليات، حيث كان شعار المؤتمر هذا العام: «حوكمة أفضل... صُنع قرار أفضل... عالم أفضل».
وقد تناولت إحدى جلسات المؤتمر موضوعا في غاية الأهمية وهو فعالية مجالس الإدارات وكيفية الاستفادة مما يسمى Board portal (بوابة الكترونية لمجلس الإدارة)، حيث تم التطرق لدراسة حديثة أجرتها شركة برايس ووترهاوس كوبرز PWC في بريطانيا، إذ أشارت إلى أنّ 70% من التنفيذيين لا يعتقدون أن مجالس إداراتهم جيدة أو ممتازة، وذكروا أن حجم اعتماد مجالس الإدارات على الأعمال الورقية (paper works) كبير مما جعل تلك المجالس تغرق بالتفاصيل.
وبدراسة جذور الأسباب تبين أنها تتمحور حول ما يلي:
1- افتقار أعضاء مجالس الإدارات للتفكير النقدي Critical Thinking والتواصل الفعال والتركيز مع الفريق التنفيذي.
2- عدم ثقة أعضاء مجالس الإدارات بجودة اتخاذ القرار لدى التنفيذيين.
3- احتكار أعضاء مجالس الإدارات لعملية اتخاذ القرار والغوص في تفاصيل العمل التنفيذي.
ولمعالجة هذه الأسباب، طرح متحدثو الجلسة ثلاثة حلول:
1- التركيز على الأهم (Focus on what matters) وذلك من خلال ابتداء كل تقرير بعبارة تربط غرض التقرير بالصورة الكلية لأهداف واستراتيجيات الشركة أو المؤسسة.
2- بشأن التفكير النقدي، من المهم تناول كل تقرير يُرفع لسؤالين مهمين: ماذا بعد؟ وماذا الآن؟ (So what؟ Now what؟).
3- كتواصل فعال لا يُكتفى فقط بطلب تحسين كتابة التقارير بل بتوفير الأدوات التي تجعل تلك التقارير أسهل مع التكنولوجيا.
وجميع ما سبق من معالجات من الممكن أن تتم من خلال تقنية الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence وبرنامج يسمى Lucia الذي أطلقته شركة Board intelligence وهو عبارة عن منصة كتابة وتفكير AI-powered thinking and writing platform تساهم في زيادة فعالية وكفاءة اجتماعات مجلس الإدارة وجودة التقارير والمحاضر.
وأرى أنه إذا أرادت مجالس الإدارات لدينا أن تكون أكثر فاعلية وأثراً فمن الضروري أن تكون على «دراية» تامة بطبيعة دورها الرقابي لا التنفيذي، وأن تتصف أعمالها بـ«الـرشاقة» بحيث تهتم بالأهم على المهم، و«استثمار» الوسائل التكنولوجية الحديثة بما «يُرشّد» القرارات والاجتماعات، علاوة على أهمية تطوير أعضاء مجالس الإدارات لمهاراتهم ومعارفهم دورياً خاصة ما يسمى «التفكير النقدي» بحيث يكون وجودهم كأعضاء ذا قيمة مضافة لا بروتوكولياً بلا مضمون.
• بين بريطانيا والكويت!
يأتي هذا المؤتمر وقد تم إرجاء تأسيس هيئة جديدة مختصة بجودة التقارير ومكاتب التدقيق والحوكمة في بريطانيا، وهي the Audit، Reporting، and Governance Authority (ARGA) التي كان من المقرر إعلان تأسيسها في أبريل 2024، حيث ستحل محل مجلس التقارير المالية Financial Reporting Council وذلك في إطار سعي الحكومة البريطانية لتعزيز الحوكمة وتحسين التقارير وإصلاح مكاتب التدقيق.
في دولة الكويت يعتبر تنظيم الحوكمة في القطاع المالي جيداً إلى حد كبير وفيه تعليمات رقابية واضحة، إلا أن الحوكمة في القطاعات الأخرى كالقطاع الحكومي والتعاوني تحتاج إلى الكثير من الاهتمام والتنظيم، وأراها من أهم الأولويات في الفترة القادمة لا سيما في ظل تكرار قضايا سوء الإدارة والفساد في تلك القطاعات.
وإذا أرادت الحكومة بناء «كويت جديدة» فعليها البدء بنهج إدارة جديد أساسه الحوكمة وجودة الرقابة والشفافية، فهل سنشهد في الأيام القادمة من حكومة سمو الشيخ أحمد العبدالله اهتماماً بحوكمة القطاع العام والقطاع التعاوني؟ نأمل ذلك.