خالد صالح... فرعون التمثيل المصري (3-4)

«تاجر السعادة» يتألق في دور بائع الخواتم الكفيف

نشر في 07-04-2024
آخر تحديث 06-04-2024 | 15:41
حقق الفنان خالد صالح حضوراً لافتاً على شاشة السينما، وحجز مقعداً في الصف الأول مع كبار النجوم، وتضاعف رصيده الفني خلال فترة قصيرة، وقاده الطموح إلى رفض الكثير من الأعمال دون المستوى، ولازمه شعور دائم بالمسؤولية تجاه الجمهور، وتقديم أفضل ما لديه، وتوالت رحلة فرعون التمثيل. وطرق خالد صالح أبواب التلفزيون، وتزامن ذلك مع ظهوره السينمائي في نهاية التسعينيات، واتسعت دائرة انتشاره عبر الشاشة الصغيرة، وتألق في الأدوار الكوميدية والتراجيدية، واندفع في وقت قياسي نحو النجومية، وأصبح من أبرز نجوم المسلسلات التي تعرض خلال شهر رمضان، وتمثل الموسم الأساسي للأعمال الدرامية. وتشكلت ملامح خالد صالح كممثل متفرد، اعتبره النقاد من أهم فناني جيله، وامتداداً لجيل العمالقة من الممثلين المصريين الذين برعوا في أداء الأدوار المركّبة، مثل زكي رستم ومحمود المليجي وعادل أدهم، بقدرته العالية على التقمص، والاندماج الكامل في تجسيد شخصيات متباينة، واتسم أداؤه بالصدق وعدم الافتعال، ما أدى إلى شعبيته الهائلة في أرجاء العالم العربي.
استهل صالح مشواره الدرامي في مسلسل «أم كلثوم»، وجسد شخصية الشاعر مأمون الشناوي أمام عدد كبير من النجوم، منهم صابرين وأحمد راتب وحسن حسني وعبدالعزيز مخيون وسميرة عبدالعزيز، والعمل تأليف الكاتب محفوظ عبدالرحمن، وإخراج أنعام محمد علي، وعرض لأول مرة في 8 ديسمبر 1999، وحقق نجاحا كبيرا، ونالت أسرة المسلسل جوائز وتكريمات عدة في فعاليات ومهرجانات فنية عربية.

وشارك في مسلسل «نجوم في سماء الحضارة الإسلامية» عام 2001، تأليف محسن محمد محسن وإخراج ياسر زايد، وبطولة صبري فواز ومفيد عاشور ونادية فهمي وسيد الرومي، وضيوف الشرف مدحت مرسي وعلي حسنين ومحيي الدين عبدالمحسن وخليل مرسي وعادل هاشم ولطفي لبيب، وقرأ الأحداث التاريخية الفنان الكبير محمود مرسي.

«محمود المصري» لقاء درامي استثنائي مع محمود عبدالعزيز



وتدور أحداث المسلسل في إطار درامي تاريخي حول الطبيب والكيميائي وفيلسوف الرياضيات العالم أبوبكر الرازي، حيث تتعرض الأحداث لنشأته وتعليمه حتى صار أشهر الأطباء، ويأتي إليه الطلاب ليتعلموا العلم على يده.

حكايات زوج معاصر

واقتحم الفنان خالد صالح عالم «السيت كوم»، وجسد شخصية الأب في مسلسل «شباب أونلاين» عام 2002، تأليف عبدالفتاح كمال وإخراج هالة خليل، وبطولة أحمد الفيشاوي وأمير كرارة وبشرى ومحمود قابيل، ويدور العمل في إطار كوميدي حول مشكلات تواجه مجموعة من الشباب.

وانضم فرعون التمثيل إلى أسرة المسلسل الكوميدي «حكايات زوج معاصر»، تأليف سمير الطوخي وإخراج شيرين عادل، وبطولة الفنان أشرف عبدالباقي وانتصار وروجينا وبسمة ولقاء سويدان ورجاء الجداوي وزيزي مصطفى وراندا البحيري وحسن الرداد ويوسف داود وعبدالله فرغلي وإيهاب فهمي، وعرض المسلسل في 26 أكتوبر 2003.

ويتناول المسلسل في حلقات منفصلة الوجوه الكثيرة التي تحملها الحياة الزوجية على اختلاف الطبقات والمستويات الاجتماعية، من خلال مواقف طريفة تعترض حياة الزوجين «محمود وسامية».

أحلام عادية

والتقى صالح لأول مرة بالنجم محمود عبدالعزيز في مسلسل «محمود المصري»، وفي هذا العمل الدرامي جسد شخصية «اليانوس كازتازاكي»، والمسلسل تأليف مدحت العدل وإخراج مجدي أبوعميرة، وبطولة هشام سليم وسامي العدل وسمية الخشاب وغادة عبدالرازق وأحمد خليل ومي عزالدين ومحمد نجاتي وميرنا المهندس وحنان مطاوع، وعرض العمل لأول مرة في 15 أكتوبر 2004.

ويتناول المسلسل حياة محمود المصري بعد حصوله على البكالوريا (الثانوية العامة حاليا)، وعمله في ميناء الإسكندرية، وتقربه من عدنان فاخوري، رجل الأعمال الثري، وتنتعش الحالة المادية لمحمود وأشقائه الذين تملكوا عددا من المراكب والشركات، أممتها ثورة يوليو عام 1952، فيسافر محمود وإخوته إلى أميركا، ثم عادوا في عهد الرئيس أنور السادات، الذي قام على مفاهيم جديدة.

«سيت كوم» يدفعه إلى تجسيد شخصية الأب مع «شباب أونلاين»

ولعب صالح دور البطل أمام النجمة يسرا، وجسّد شخصية «فرج خنزيرة» في مسلسل «أحلام عادية» (2005)، تأليف محمد أشرف القرشي وإخراج مجدي أبوعميرة، وشارك في البطولة سعاد نصر وعايدة رياض ومحمود عبدالمغني وخالد زكي وأنعام سالوسة.

وتدور الأحداث حول «نادية أنزحة» (يسرا)، التي وُلِدت لتجد نفسها ابنة في أسرة يعمل جميع أفرادها بالسرقة، ورغم حصولها على قدر بسيط من التعليم، فإن الأبوين يصران على إيقاف مسيرتها، لتتعلم حيل السرقة والنصب بدلا من اللغة والحساب ومكارم الأخلاق، وتتآمر الأم على الأب وتهرب بنادية بعيدا عن هذا الجو الفاسد، لكنهما يواجهان الكثير من المتاعب.

سلطان الغرام

وعلى مدى 33 حلقة، قام صالح ببطولة مسلسل «سلطان الغرام»، تأليف محمد القرشي وإخراج شيرين عادل، وشارك في العمل مجموعة من النجوم، منهم رانيا يوسف ولوسي روجينا وطارق لطفي ومايا نصري والسيد راضي، وعرض لأول مرة في 12 ديسمبر 2007، وحقق نسبة مشاهدة عالية.

وتدور أحداث المسلسل حول الشاب الفقير «سلطان» (خالد صالح)، الذي يحاول تحقيق طموحه، لكنه يضطر إلى ترك دراسته، والعمل كسائق متحملا إعالة والدته، وبمرور الأيام يصبح رجل أعمال كبيرا، وبعد أن تزوج للمرة الثانية يقع في طريق زوجته الثالثة التي تستولي على جميع أمواله وممتلكاته، فيعود إلى نقطة الصفر مرة أخرى.

زيارة السيد العجوز

وتوالت أدوار البطولة الدرامية، وجسد صالح شخصية «الصحافي يوسف» أمام النجمة هند صبري في مسلسل «بعد الفراق» (2008)، تأليف محمد أشرف القرشي وإخراج شيرين عادل، وشارك في العمل مجموعة كبيرة من النجوم، منهم رجاء الجداوي وعبدالرحمن أبوزهرة ونشوى مصطفى.

وتحمل قصة المسلسل أصداء من مسرحية «زيارة السيدة العجوز» للكاتب السويسري فرديرك دورينمات، وتدور حول ذهاب «سُكرة» (هند صبري) إلى القاهرة للبحث عن حبيبها «يوسف» (خالد صالح) الذي أصبح صحافيا، فيتبرأ منها، لتجتهد في عملها حتى تصبح سيدة أعمال غنية ومشهورة، وتتصاعد الأحداث نحو نهاية غير متوقعة.

«الصحافي يوسف» يتنصل من هند صبري في «بعد الفراق»

اقرأ أيضا

وارتدى صالح قناع الكوميديا، وتألق في دور «مصباح»، من خلال مسلسل «تاجر السعادة»، تأليف محسن زايد وإخراج شيرين عادل، وشارك في البطولة هالة فاخر وفادية عبدالغني وداليا مصطفى وأحمد صيام ومحمد أبوداود، وعرض المسلسل في 22 أغسطس 2009، وحقق نسبة مشاهدة عالية.

وتدور أحداث «تاجر السعادة» في إطار درامي كوميدي، من خلال شخصية «مصباح» (خالد صالح) بائع الخواتم الكفيف، الذي لم يكمل دراسته الأزهرية، ورغم أنه فقد بصره فإنه لم يفقد البصيرة في التعامل مع الآخرين، ويعتمد أهل حارته عليه في حل مشكلاتهم، ويزعم أنه صاحب «كرامات»، فيلتف حوله أهل المنطقة التي يعيش بها من أجل أن يحظوا ببركته.

وفي «موعد مع الوحوش» التقى صالح بالنجم عزت العلايلي، والمسلسل تأليف أيمن عبدالرحمن وإخراج أحمد عبدالحميد، وشارك في بطولته النجمة سهير المرشدي وسناء شافع وطارق عبدالعزيز وأحمد حلاوة وعبدالسلام الدهشان، وعرضت أولى حلقاته في 11 أغسطس 2010.



وتدور أحداث المسلسل حول «طلعت» (خالد صالح) الشاب الصعيدي الذي نزح إلى مدينة الإسكندرية ليعمل بالتجارة، لكنه يصطدم بإمبراطورية الفساد المتحالفة مع أكبر تجار المخدرات.

«جعفر العمدة» يستعيد «إفيهات» الفنان الراحل

اشتهر الفنان الراحل خالد صالح بعدد كبير من «الافيهات» وعبارات رددها في أعماله الفنية، وحفظها الجمهور، وفي شهر رمضان العام الماضي، استعاد مسلسل «جعفر العمدة» أحد إفيهاته في فيلم «هي فوضى» كنوع من التقدير والوفاء للغائب الحاضر.

«فرج خنزيرة» يلعب بطولة مسلسل تلفزيوني أمام النجمة يسرا



القصة بدأت عندما استعان الفنان أحمد فهيم بـ«إفيه» شهير لخاله الفنان الراحل خالد صالح في أحد مشاهد «جعفر العمدة»، بطولة النجم محمد رمضان، ولعب فهيم دور «سيد» الذي افتعل مشكلة بين أخيه جعفر وزوجته، ورغم اتفاق جميع الحضور على خطأ «سيد» وعدم حكمته في اتهام «ثريا» بالخيانة، فإن الأحداث تدور في إطار كوميدي بعدها ليبدأ مشهد جديد بين «سيد» ووالدته «وصيفة»، وهو يخبرها أنه لا يحب في شقيقه جعفر العمدة كونه «على نياته وغبي»، لترد والدته باستنكار وسخرية واضحة: «عندك حق!... غبي!!»، ليرد أحمد فهيم على الفور: «مفيش كلام»، لتشكل هذه الجملة مع حركة يده إفيه شهيرا لخاله الفنان الراحل خالد صالح، والذي سبق له أن ألقاه خلال فيلم «هي فوضى» للمخرج يوسف شاهين.

«الحب مسرحية من 3 فصول» فيلم نادر مع الصاوي

خاض الفنان خالد صالح، في بداية مشواره الفني، مغامرة التجريب على خشبة المسرح، وشارك مع صديقه الفنان خالد الصاوي في تقديم مسرحيات عدة، اتسمت بالطابع الكوميدي الفانتازي، ولفتا الأنظار إلى موهبتهما المتفردة في التمثيل والإخراج، وانتقل الثنائي من مرحلة الهواية في مسرح الهناجر إلى الاحتراف عبر شاشتي السينما والتلفزيون.

وبعد نحو عامين من تألقهما في فيلم «جمال عبدالناصر» عام 1998 للمخرج السوري أنور قوادري، تحمس صالح والصاوي لنقل مغامرتهما المسرحية إلى الشاشة، كمشروع طموح لتوثيق مسيرتهما في الهناجر، وكانت البداية بالفيلم التلفزيوني «الحب مسرحية من 3 فصول» (2001)، تأليف وإخراج خالد الصاوي، وجسّد خالد صالح شخصية «الراوي»، وشارك في البطولة مجموعة كبيرة من الفنانين، منهم طارق عبدالعزيز وسهير الباروني وعلي حسنين.

«موعد مع الوحوش» يجمع فرعون التمثيل بالفنان عزت العلايلي



ويعد هذا الفيلم من الأعمال النادرة في مسيرة فرعون التمثيل، وصُوِّر معظم مشاهده خارج البلاتوه، وحصل على الجائزة البرونزية في مهرجان الإذاعة والتلفزيون المصري، كما حصل على جائزة أحسن مونتاج.

ويتناول «الحب مسرحية من 3 فصول» في قالب كوميدي مجموعة متنوعة من القصص الرومانسية التي توضح مفهوم الحب، من خلال الراوي «خالد صالح» الذي يقص ثلاثة فصول عن الحب والغيرة القاتلة والأزمات العاطفية.

أحمد خالد صالح يروي موقفاً لا ينساه مع والده



حكى الممثل أحمد خالد صالح، نجل الراحل خالد صالح، موقفا جمعه بوالده أثناء تعليمه قيادة السيارات، ليظهر مدى عطفه وشعوره بالآخرين، وقال عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»: «أول مرة كان بيعلمني فيها السواقة كنت سايق السيارة الفيات الـ128 البيضاء، وماشي بيها، وكان فيه حد قدامي سايق عربية كارو، فأنا كل شويه أحاول أطلع من يمينه أو شماله فهو راح قال لي اهدى واستنى لما هو يمشي».

واندهش الابن من كلام والده «لما تطلع تجري من جنبه هو هيحس بإيه؟ انت دلوقت هتجري وتجيب تُرابك عليه هو هيفكر في إيه؟ في إن أنت ربنا مديك وهو يا حبيبي راكب كارو»، وهذا الموقف ظل راسخا في ذاكرته، وتعلم منه أن يفكر دائما في الآخرين، مثلما كان والده يفكر فيمن حوله قبل نفسه.

وقد سار الابن على خطى والده، واحترف التمثيل، وأثبت أنه يمتلك موهبة كبيرة، وفي عام 2019 شارك أحمد خالد صالح في فيلم «19 ب»، وحقق من خلاله نجاحا جماهيريا كبيرا، وضم العمل عددا كبيرا من النجوم، منهم سيد رجب وناهد السباعي وفدوى عابد، والعمل من تأليف وإخراج أحمد عبدالله السيد.

«الشيطان» يغري صالح لتقمص شخصية «عمر حرب»

تقمص الفنان خالد صالح الكثير من الأدوار الصعبة، ومنها دوره في فيلم «الريس عمر حرب»، إخراج خالد يوسف، وكان أكثر المغريات التي حفزته لتجسيد دور «عمر حرب» هي صعوبته، إذ تمثل الشخصية المعادل الموضوعي للشيطان، إضافة الى حجم التحدي في نجاحه كممثل، لا سيما في ظل وجود مساحة كبيرة للحوار الداخلي «المونولوج» وإنقاص وزنه قبل التصوير ليبدو شخصا منضبطا في كل شيء.

وكان دور الشرطي الفاسد «حاتم» في فيلم «هي فوضى» لا يقل صعوبة، وبذل صالح جهدا مضاعفا أثناء التصوير، ومثَّل علامة فارقة في رحلته الفنية، كونه قام بالتمثيل في عمل سينمائي مع مخرج بحجم يوسف شاهين، ودارت في كواليسه مواقف عدة، وشاء القدر أن يحول دون تكرار التجربة مع شاهين في فيلم آخر.

وروى صالح ذكرياته في «هي فوضى»، وقال إن سر نجاح شاهين يكمن في إنسانيته المرهفة والتي لا تقل مطلقا عن تمكنه من أدواته الفنية كمخرج، فهو حريص على التواصل الإنساني مع طاقم العمل، ويستشعر الهواجس النفسية لدى الممثلين، لتجده رغم ظروف السن والمرض معينا لهم. وقال صالح: «في بعض مشاهد (هي فوضى) كنت في حالة نفسية سيئة بسبب ظروف التصوير القاسية التي سبقت مشهد يجمعني بنحو 2000 شخص من الكومبارس يفترض أن حالة عدائية توحدهم تجاهي، فوجدت شاهين واضعا يده على صدري ليسألني عمّا إذا كنت بخير».

المفارقة أن صالح بعد بطولة «هي فوضى» وافق على تصوير مشهد وحيد في فيلم «حين ميسرة»، وبرر ذلك بقوله إنه مشهد وحيد لكنه مؤثر وناجح، وتلك هي الإشكالية التي يجب على الفنان أن يتجاوزها ليثبت للجمهور أنه فنان جيد معتمد على امتلاكه أدواته الفنية، وليس على مساحة الدور الواسعة التي تُسند إليه، فالمهم هو الإجادة وإقناع المشاهد بالصدق الفني.

back to top