في الصميم:«على نفسها جنت براقش»

نشر في 19-02-2024
آخر تحديث 18-02-2024 | 19:17
 طلال عبدالكريم العرب

لم يحدث في العالم قط أن اعتصم نواب منتخبون ليؤيدوا ويدافعوا عن غشاشين ومزورين وسارقين للمال العام، هذا لم ولن يحصل إلا في الكويت، فيا ليت اعتصاماتهم كانت للإصلاح.

تأييد «نوائب» لرافضي البصمة عرّاهم وكشف عن تناقضهم الفاضح بين تصريحاتهم المضللة وأفعالهم المخزية، إنها ليست المرة الأولى التي تكشفهم تلك الاعتصامات الضارة المخربة، فقد خرجوا سابقاً بدون خجل وبلا أي وازع ديني أو وطني مع أولياء أمور محتجين على معاقبة أبنائهم الغشاشين، لقد كان تصرفاً مخزياً لم يحصل أبداً في أي دولة تحترم نفسها وتقدّر العلم.

هؤلاء «النوائب» عارضوا كل أمر لا يستقيم ومصالحهم ومصالح جماعاتهم، وهذا وضع يتعارض مع قسمهم بأن يخدموا ويصلحوا أمور البلد، لا أن يستغلوه لمصالحهم الشخصية.

إثبات الحضور بالبصمة تحديداً كان مثالاً لإحدى فضائح الفساد الإداري والمالي والأخلاقي من الوزن الثقيل، فقد كشف عن وجود 17 مدرس رياضة من نفس الجماعة في مدرسة واحدة! وأن جميعهم يحملون شهادة الماجستير! وأن كلاً منهم يحضر حصة واحدة في الأسبوع ليوقّع كشف الحضور والانصراف للأيام التي سبقت، ثم يغيب إلى أن يأتي دوره مرة ثانية، أما رئيس قسمهم فلا يحضر جنابه إلا مرة واحدة في الشهر ليوقّع كل كشوفه، إنه وضع وعدد يفوق الخيال، لا يستقيمان والعقل! وهذا لن يحصل من دون علم إدارة المدرسة والإدارة التعليمية لمنطقتهم.

أما الوزارة النائمة في العسل، فهي مشغولة بهدر عشرات الملايين سنوياً على أكثر من 80 ألف عمل ممتاز مقابل مخرجات تعليمية أسوأ من المتردية، هذه المدرسة عيّنة كُشف عنها، ولا بدّ أن هناك مدارس أخرى أسوأ منها.

إنها كارثة تعليمية، وفساد ونهب للمال العام، وتزوير شهادات، وتمادٍ في تعيين من لا يستحق، وتوظيف وهمي، فهناك الكثير من المدرسين المزدوجين عبروا الحدود لينضموا لجموع المعتصمين، وهذا يدل على غيابهم عن واجباتهم، ‏وهناك مدرسات وُظّفن وهن في بلدانهن، ولا بدّ أن المخفي أعظم، فالفساد مستشرٍ في معظم مفاصل الدولة، إنها سرقات واضحة للمال العام.

فمعارضات بعض «النوائب» الشرسة لكل محاولة إصلاحية أو تعديل لمسار ما هي إلا خوف من انكشاف فسادهم، وصدق الشاعر أحمد شوقي حين قال:

وَلينا الأَمرَ حِزباً بَعدَ حِزبٍ

فَلَم نَكُ مُصلِحينَ وَلا كِراما

وَكَيفَ يَكونُ في أَيدٍ حَلالاً

وَفي أُخرى مِنَ الأَيدي حَراما

بعض «النوائب» أصبحوا أدوات تخريب وعرقلة لإصلاح الخلل وتطبيق القانون، «نوائب» طاب لهم الخنوع الحكومي وتعودوا عليه لسنوات طوال عجاف، ووصل الأمر بأحدهم أن ظهر في تسجيل مصوّر وهو يتحدى السلطة بعنجهية وصلافة، رافضاً ضبط المخالفين. هؤلاء أرادوا أن يفردوا عضلاتهم على حكومة تعديل المسار وأخذت بعضهم العزة بالإثم فتمادوا وتعدوا بجرأة على النطق السامي لسمو الأمير، إنها القشّة التي قصمت ظهرهم، فـ «على نفسها جنت براقش».

لا نقول إلا حسبنا الله على من جاء ليخّرب لا ليُصلح، فكان أداة هدم وفساد، وغش وتزوير.

back to top