قصة ملهمة لطيار حربي قاد «إنفستكورب» لمضاعفة أصولها من 9 مليارات دولار إلى 50 ملياراً

محمد العارضي أعاد خلق هوية جديدة للشركة لتصبح عالمية متعددة الأصول

نشر في 06-02-2024
آخر تحديث 05-02-2024 | 19:54
عندما طلب منه أن يكون رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لـ «إنفستكورب» عام 2015 كانت الفرصة بإحداث تغيير، والقيام بشيء جيد ومفيد في هذا العالم، وهو أحد الأسباب التي أقنعته بالقبول. من هنا جاء كتاب محمد بن محفوظ العارضي «نحو المستقبل» والصادر عن دار نوفل، ليبحر في تجربة شخصية توافرت فيها صفات القيادة، والتي تعلمها عندما كان طياراً حربياً، فرغم وجوده وحيداً في مقصورة القيادة، فإنه كان واحداً من فريق متجانس. في لمحة سريعة تقرأ عن محمد العارضي، كيف أنه قاد سلاح الجو السلطاني العماني وهو في الـ 31 من عمره، وكيف قاد «إنفستكورب» برؤية متقدمة، كما يصفة عضو المجلس الاستشاري محمد العريان، ينقل عنه «سنظل جسراً بين رؤوس الأموال الخليجية الخاصة وبين بقية العالم، لكن بدلاً من أن ننام على أمجادنا، سنوظف مؤسستنا لنوسع طرقنا لربط رؤوس الأموال العالمية بعضها ببعض، وسنحول «إنفستكورب» إلى مؤسسة مالية عالمية تساعد على جذب رؤوس الأموال إلى دول مجلس التعاون الـ 6 من «بوتيك» إلى شركة عالمية».

يبدو السؤال هنا مشروعاً، ماذا فعل أو أنجز محمد العارضي؟

لقد أعاد خلق هوية جديدة لـ «إنفستكورب» من شركة بوتيك أسسها نمير فيردار، وكان مركزها الخليج إلى شركة عالمية متعددة الأصول ذات قاعدة عملاء متنوعة، تلك النقلة وصفت بقرار الخروج من سوق الأوراق المالية في البحرين، والتوسع إلى 8 دول حتى اليوم.

ومنذ تعيين العارضي رئيسا تنفيذيا للشركة، تضاعفت الأصول المدارة 5 مرات، عما كانت عليه، وتحولت من 9 مليارات دولار إلى 50 مليارا.

في ذهن من عمل معه أو اقترب منه صورة واقعية عن أدائه وصفاته هو مزيج من التواضع والرؤيوية، لكن بصلابة فولاذية.

قائد شامل قادر على جمع الناس على تنوع خلفياتهم ومواهبهم ووجهات نظرهم ليحولهم إلى فريق منظم ومتماسك.

أجمل ما قرأت عنه

أجمل ما قرأت عنه تلك الصورة التي قدمها المستشار محمد العريان أنه أشبه بـ «طائرة محكمة الصنع، يقودها طيار راجح يساعده في مهمته فريق ماهر. إنه المزيج الذي تحتاج اليه لتجد السماء المضطربة» نحو المستقبل.

قيادة العارضي بشركة إنفستكورب قصة ملهمة، وضع كتاباً أراد فيه أن يشاركنا أفكاره وفلسفته الإدارية، سيكون مفيداً للعاملين في قطاع الأعمال والاستثمار قراءته، فهو يقدم مجموعة تأملات جوهرية في أصول الشراكة وخلق قيم مشتركة.

السوق المتوسط الحجم مكان رائع للعمل لأنه مفعم بالحركة

سنة 2015 عندما أصبح الرئيس التنفيذي للشركة العالمية المتخصصة بتوفير الاستثمارات البديلة وإدارتها، استغرق الأمر منه 3 سنوات لينتقل بالأصول المدارة في 10 مليارت إلى 25 مليارا، وبعد مرور 3 سنوات تضاعفت هذه الأصول مجددا لتبلغ 50 مليارا، وهو رقم شكّل منعطفا أساسيا في رحلة بلوغ المئة مليار من أصول مدارة.

إجابات مقنعة

في هذا الكتاب ستقع عيناك على إجابات مقنعة حول السؤال الأزلي: كيف السبيل إلى بلوغ نجاح يتخطى حدود التوقعات؟

يشرح كيف يكمن تفادي الوقوع بحالة الركود لشركات القطاع الخاص، فهو يقدم تجربة شركة عبرت إلى حدود العالمية، ويقودنا إلى التعرف على أفضل المهارات القيادية وكيفية تطبيقها لصقل مكامن القوة في أي شركة قد تكون متعثرة، يعيد تجديدها وإحياءها.

يتضمن الكتاب أحد عشر فصلاً تحت العناوين التالية:

تعلم الطيران عقدة المؤسس، 25 مليارا لم لا؟، يا إلهي إننا على أهبة التحرك، تغيير طريقة التفكير، انتهى وقت الاستراحة الآن، اصنع حظك بيدك، علاقات مختلفة مع مستثمرين مختلفين، تشغيل محركات النمو بأقصى طاقتها، كالوقوع في شفير هاوية، تحصين الشركة للمستقبل، الوعد برأسمال خاص.

قوة الشركات والقطاع الخاص

يؤمن العارضي بأن القطاع الخاص يمكن أن يقدم الكثير، وأن مقاربة «إنفستكورب» للاسواق الخاصة فيها قدرات كفيلة بإحدث تغيير وفرق حقيقي، سواء على مستوى المجتمع أو الثقافة أو الاقتصاد.

تعتبر الشركات الخاصة أساس عمل «إنفستكورب»، تجارة الشركات الخاصة هي تجارة استثمار رؤوس أموال على شكل أسهم في شركات خاصة مع الأمل برفع قيمة هذه الأسهم. تزرع الشركات بذور الازدهار في المجتمع، فهي تؤمّن فرص عمل، وتعزز أواصر المجتمعات واتصال المواهب والإبداع، فإذا نظرنا عن قرب إلى ما بناه الاقتصاد الأميركي، وهو أكبر اقتصاد في العالم، فسنجد أنه قائم على كل تلك الشركات التي تأسست أصلا هناك أو وجدت ملاذا لها هناك. صحيح أن شركات القطاع العام تنال حصة الأسد من عناوين الصحف، لكن الشركات الخاصة هي المحرك الحقيقي لخلق القيمة المضافة في الولايات المتحدة وحدها، سنة 2021، كانت هناك حوالي 17.500 شركة خاصة مع عائدات سنوية تفوق مئة مليون دولار لكل واحدة منها، مقارنة بنحو 2.600 شركة عامة فقط تعلو فوق هذا الرقم من العائدات، أما خارج الولايات المتحدة، فهناك حوالي 2.800 شركة عامة تحقق عائدات تزيد عن مئة مليون دولار، مقارنة بـ 18.000 شركة خاصة تحقق رقما مماثلا. على نطاق عالمي قامت الشركات الخاصة في النصف الأول فقط من عام 2022 بصفقات استحواذ تبلغ قيمتها 512 مليار دولار بالمقارنة مع 179.5 مليارا من رؤوس أموال مجموعة من قوائم العرض العام الأوّلي لعام 2022.

يتعاملون مع أي شركة لكونهم شركاء استراتيجيين يقدمون فيها خبرة 40 عاماً

أنشأت «إنفستكورب» مكانتها الخاصة في سوق الشركات الخاصة المتوسطة الحجم لسبب بسيط أنهم مستثمرون في النمو يبحثون عن شركات ذات قدرات تمتد إلى المدى الطويل، قدرات تتخطى نمو السوق المتوقع، في الولايات المتحدة على وجه التحديد، هناك شركات متوسطة الحجم أكثر مما هناك شركات ضخمة، ما ينتج المزيد من فرص الاستثمار، أقل من 15 في المئة من شركات الولايات المتحدة ذات العائدات التي تتخطى المئة مليون دولار تدخل ضمن القطاع العام، ما يحد الفرص أمام المستثمرين للمشاركة في اقتصاد أوسع ومتنوع أكثر.

الحيز الذي تؤثره «إنفستكورب» هو عموما شركات تتراوح قيمتها بين 200 مليون ومليار دولار، كقيمة عامة للشركة تشتمل على الأسهم والديون، بمعنى آخر، ميزة هذه الشركات أنها عموما ثابتة وراسخة وبعيدة عن المخاطر التي تواجهها الشركات المبتدئة هي شركات مستقرة وطموح، فكما يقولون: من الأسهل أن تغير مسار سفينة حربية من أن تغير مسار ناقلة سفن عملاقة. (وهو أمر صحيح تماما، وللتنويه ناقلة السفن في حاجة إلى كيلومترين لتدور، بينما السفينة الحربية تحتاج فقط إلى 700 ياردة). لطالما دأبنا على اختيار التخصص في هذا الحيز، ومازلنا على خيارنا، لأننا نخلف أثراً هائلاً على شركة من السوق المتوسطة الحجم، أكبر من أي أثر قد تخلفه على شركة عملاقة.

الشركة عززت مكانتها في سوق الشركات الخاصة المتوسطة الحجم

عندما تستحوذ «إنفستكورب» على شركة أو تستثمر في شركة، يكون الهدف خلق قيمة مضافة للمدى البعيد «فنحن نريد أن نأخذ تجارة تبلي بلاء حسناً، وأن تساعدها على التطور من أجل موظفيها وشركائها وعملائها وباعتها، لهذا السبب نؤثر أن نشتري حصة مسيطرة أو استثمارا أقليا مهما، لنتمكن من التدخل في استراتيجية النمو». هم يبحثون عن شركات متوسطة الحجم، تعمل في مجال الخدمات مع فريق قيادة متين وضخ أموال ثابتة، شركات تحتل مكانة بارزة في خط أعمالها وتملك إمكانية نمو كبيرة. يحددون بذور العظمة في الشركة، وهو ما يجعلها فريدة من نوعها، ويوظفون الخبرات التي تراكمت بفضل عملهم مع شركات مشابهة في محافظهم، لنعذي هذه البذور، ونساعد الشركة على تحقيق إمكاناتها الكاملة.

هذا ما حصل مع «تيفاني»

يسرد العارضي كيفية التعامل مع الشركات بقوله: تلقى استراتيجياتنا للنمو صداها أكثر ما تلقاه في الشركات العائلية التي يكون أصحابها على كامل الاستعداد للتقاعد من دون أن يكون لهم وريث شرعي، أو في شركات يديرها مؤسسها وهو في صدد إيجاد مستشارين ورأسمال يساعده على السير قدما بشركته. في الحالين بدل أن نفكك الشركة، نعزّزها ونبني على ما قد تم إنشاؤه. نتعامل مع الشركة كأننا شريك استراتيجي، ونصب فيها خبرة الأربعين سنة التي بحوزتنا، كما نبث فيها شبكة علاقاتنا وشبكة مستشارينا ذوي السجلات الممتازة في مجالاتهم. نقدم غزارة في الخبرات لم تكن شركة بهذا الحجم لتتمتع بها لولانا.

نبحث كذلك عن شركات غير أساسيّة، وهي شركات أصغر، استحوذت عليها تكتلات شركات، لكنها وضعت جانباً لدى تغيير الإدارة أو الاستراتيجية، عندما يتم التحوّل إلى خطوط أعمال تراها الشركة أكثر أهمية لها، يتم تجاهل هذه الشركات غير الأساسية، فتهمش وتترك بلا رؤوس أموال ولا موارد إدارية إلى حين بيعها. هذا ما حصل مع «تيفاني».

العلامة التجارية الفاخرة التي اشترتها «أفون» سنة 1979 لتعيد عرضها للبيع بعد 5 سنوات، لأنها أرادت التركيز على مجال التجميل والبريد المباشر ومنتجات الرعاية الصحية التي شكلت ما يناهر 96% من مبيعاتها، أدخلت «إنفستكورب» «ليفاني» ضمن شركاتها سنة 1984، وبعد 3 سنوات، وضعتها في القطاع العام بنسبة ربح تقدر على الأقل بمئة مليون دولار.

من السهل أن تغيّر مسار سفينة حربية لكن من الصعب تغيير مسار ناقلة سفن عملاقة

نحن نرمي إلى إيجاد شركات ريادية في الصناعات المجزأة. السوق المتوسطة الحجم مكان رائع لنا لأنه مفعم بالحركة، قيمتنا المضافة الرئيسة هي توفير منصة مؤسساتية: مبيعات مثالية وظائف تسويق وتمويل، نظام تكنولوجي ورقمي متقدم، إدارة متماسكة مبسطة هيكلية تنظيمية حوكمة صحية، دليل إلى الممارسات البيئية والاجتماعية، وحوكمة الشركات.

هذه العناصر كلها تتيح للشركة أن تتوسع، وأن يزيد حجمها عبر عملیات استحواذ تجريها هي بنفسها، لتوطد القطاع حولها. وعندما يحين وقت بيع شركة من محفظتنا الاستثماراتية، أقدر أن 70 في المئة من العائدات التي نولدها تأتي من خلال العوامل التي أضفناها والتي حسّنت الشركة ومنحتها قيمة مضافة. قمنا بذلك مع «فورتشن فيش أند غورميه»، لكن هذا مجرد مثل واحد. قمنا بالأمر نفسه مع «أميركان تاير» التي اشتريناها بـ 700 مليون دولار ثم بعناها بعد خمس سنوات بـ1.3 مليار دولار؛ ومع «رنش غروب» التي عندما اشتريناها كانت تقدم خدمات صيانة وإصلاح منزلي في 4 أسواق في الولايات المتحدة الأميركية، وبعد 3 سنوات، عندما بعناها، كانت قد توسعت إلى 7 أسواق ضخمة، ومع يونايتد تالنت ايجنسي، التي بقيت تحت جناحينا لثلاث سنوات وتضاعف نموها 3 مرات عن حجمه الأساسي بفضل النمو العضوي الداخلي الذي حصل، وعمليات استحواذ استراتيجية متعددة، وهذه أمثلة عن شركات من أميركا الشمالية وحدها، نطبق المعادلة نفسها على شركاتنا في أوروبا والهند والشرق الأوسط وفي أي بقعة أخرى من العالم ندخلها.

السمعة السيئة

تملك الشركات الخاصة السمعة السيئة بأنها تشتري شركات وتدمرها وتصفيها وتبيعها قطعا وأصولا وتفصل موظفيها أو تغرقها بديون هائلة. عام 2005، أدان رجل السياسة الألماني فانز مونتيفير ينغ الشركات الخاصة، وقال عنها علنا إنها تشبه أسراب الجراد التي تنزل بالشركات وتجردها من كل ما تملكه. هذه المقاربة ليست صحية ولا سليمة، لا للناس ولا للشركات ولا للأوساط التي تعمل الشركات فيها ولا للمجتمع كله. فهي طريقة قد تؤدي فعلا إلى جني أرباح على المدى ‏القريب لكنها تؤدي حتمًا على المدى البعيد إلى تدمير قيمي.

استراتيجيتهم تلقى قبولاً لدى الشركات العائلية أو شركات تبحث عمّن يساعدها على النهوض من جديد

«إنفستكورب» ترمي إلى خلق قيمة مضافة تدعم وتؤيد النماذج التي تحافظ على الشركات، وتعزز النمو، وتخلق فرص عمل تؤمن فعلا بأنه لولا تدخل الشركات الخاصة، لكانت شركات كثيرة اضمحلت عبر قولبة هذه الشركات وتمتينها.

منصة للتغيير

في السنوات القليلة المنصرمة، أخذت «إنفستكورب» مسؤولية أخرى على عاتقها فبنمو «إنفستكورب» خارج حدود الشركات الخاصة لتشمل عالما أوسع من رؤوس الأموال الخاصة من إدارة ائتمانات إلى محفظة عقارات موسعة ورؤوس أموال استراتيجية واستثمارات في البنية التحتية، ووحدة استشارات الشركات تغتنم اليوم الفرصة لتفي بالتزامات أكبر تجاه الأسواق الخاصة: أن تكون منصة رافعة ومحفزة على التغيير، وعلى نطاق واسع.

لولا تدخل الشركات الخاصة لاختفت شركات كثيرة

كل قرار تتخذه يتضمن خياراً. مع مرور الوقت تتحوّل هذه الخيارات لتشتمل على تعزيز الدور في تحقيق الاستدامة، يتعاملون مع قضية الاستدامة بجدية يعني ذر بذور أخذها في الاعتبار، وعلى محمل الجد في كل خطوط أعمالهم في الشركات الموجودة في محافظهم بالعقارات التي يملكونها ويديرونها في دعمهم للأقليات والنساء من مالكي شركات عبر نظام شراء الحصص من شركاء عامين في الشراكات التي يتم عقدها؛ وفي خطوط الائتمان. هذه العناصر كلها تعزز النمو بالطريقة الصحيحة والسليمة: النمو الجيد للشركة، والجيد لموظفيها، والجيد لعملائها، والجيد للمجتمعات التي تعمل في فضائها.

هم يرسلون رسالة للعالم بكيفية اختيارهم لاستثماراتهم، وأين تختار أن تستثمر، وان أفعالهم يمكنها فعلا أن تحدث فارقا كبيرا بسبب طبيعة الأسواق الخاصة.

الفروقات بين السوق الخاص والعام

تقدم السوق الخاصة إيجابيات غير موجودة في السوق العامة، ومن أهم الفروقات بين السوقين أنه بينما السوق العامة متقلبة وغير صبورة، تقدم السوق الخاصة ترف إطار زمني أطول.

الحكومات أيضا هي مصادر أموال للمدى البعيد، لكن الوصول إلى هذه الأموال يتطلب غالبا عمليات موافقة معقدة وطويلة، والطوفان في أدغال من الممنوعات والأمور الروتينية. تتمتع الأسواق الخاصة بخفة أكبر وبرشاقة في التعامل، والأرجح أن المشاريع التي تدار في القطاع الخاص تتحقق ضمن الوقت المحدد وبالميزانية المحددة.

«إنفستكورب» منصة رافعة ومحفزة للتغيير على نطاق عالمي

لهذه الأسباب تتجه الحكومات اليوم إلى الشراكات بين العام والخاص، لاسيما فيما يتعلق بمشاريع البنى التحتية، العمود الفقري لأي اقتصاد، وهو تماما ما حثهم على دخول هذا القطاع.

الاستثمار في البنية التحتية

الاستثمار في البنية التحتية هو وليد تعاون بين الاستثمار في العقارات والاستثمار في القطاع الخاص، وتعود كفاءات «إنفستكورب» الأساسية في هذا المجال إلى ثمانينيات القرن العشرين. وقد شهدنا تطورا طبيعيا في هذا المجال بالمقارنة مع نقطة البداية، فقد طور هذا المجال فئة أصوله الخاصة، فئة طويلة المدى بشكل يفوق قطاع العقارات والقطاع الخاص، لأن الاستثمار في البنية التحتية محكوم بالعقود الطويلة الأمد، وعندما يكون العميل هو الدولة، تصبح العائدات أكيدة أكثر وثابتة أكثر، ومتوقعة أكثر، وهي عوامل تجذب المستثمرين المؤسساتيين أيما جذب.

أن مشروع «إنفستكورب» مشروعها للبنية التحتية يلبي الحاجة إلى تحسين البنية التحتية الاجتماعية في الخليج. فعبر هذا الصندوق، تزمع بناء مستشفيات حديثة ومدارس جديدة، وحل النقص في الوحدات السكنية المقبولة السعر، لكن الحاجة إلى بنية تحتية قضية عالمية، وخاصة أن الطرقات وسكك القطارات والمرافئ والمطارات، وقد أنشئت كلها منذ ما يناهز الجيل الكامل، وتحتاج اليوم إلى التجديد لتلبي حاجات الغد. نتيجة لذلك، تجتهد لتجد طرقا للتوسيع في هذه الفئة من الأصول في شراكاتها المستقبلية وفي استثماراتها حول العالم، وهم بصدد حيازة منصة عالمية للبنية التحتية.

يقدمون الدعم لأفكار قد تتحول إلى «غوغل» المستقبل أو «أمازون» العصر الجديد

يلمع نجم الأسواق الخاصة أكثر ما يلمع في القطاعات التي فيها فرص استثمار كبيرة والتي لا تلتزمها ولا تدخلها شركات القطاع العام ولا الحكومات، انظر على سبيل المثال إلى «أمازون» أو «غوغل» أو «أبل» أو «فيسبوك»، هذه الشركات الأربع غيرت حياتنا تغييرا جذريا، والتمويل الأول الذي أتى هذه الشركات كان من رؤوس أموال القطاع الخاص.

تتطلع «إنفستكورب» اليوم إلى شركات ذات منتجات وخدمات تتعاطى الشأن الديموغرافي أو التكنولوجي أو البيئي أو الجيوسياسي. وهي قضايا ستحدد شكل الاقتصاد العالمي في العقود الثلاثة المقبلة.

ولقولبة استراتيجيتهم، وبالتعاون مع المعهد العالمي لتطوير الإدارة، تطلق في كل سنة، ابتداءً من عام 2019، استفتاء للمستثمرين العالميين حول آرائهم ومشاعرهم في أهم الموضوعات وأكبرها وأكثرها إلحاحا في عالمنا اليوم. ثم تجمع إجاباتهم في دراسة سنوية بعنوان «ما الخطوة التالية؟ اتجاهات الاستثمار للمستقبل». ويأخذون النتائج التي توصلوا إليها في الاعتبار عند تحليلهم لفرصة استثمار حالي أو محتمل.

فعلى سبيل المثال، من بين أول عشرة اتجاهات عالمية للاستثمار توصلوا إليها عام 2023 من خلال الاستفتاء: الرقمنة والذكاء الاصطناعي، الشيخوخة السكانية؛ الأمن الغذائي: تحسين تقديم الرعاية الصحية؛ إزالة الكربون والتحوّل إلى صافي انبعاثات معدوم، دعم سلاسل التوريد، زيادة التمدن.

ما يجعل القطاع الخاص مشوقا ومفعما بالإثارة هو«إنفستكورب» تستطيع الاستثمار في شركات لاتزال صغيرة جدا أو حديثة جدا لتلفت الانتباه. يقدمون الدعم لأفكار قد تصبح «غوغل» المستقبل، أو «أمازون» العصر الجديد، أو «فيسبوك» الجيل الآتي. يمكنهم أن يزرعوا وأن يفعلوا بذور المستقبل. ذلك بطريقة تحدث فارقا إيجابيا.

يملكون 25 ألف وحدة سكنية في أميركا

أخيرا أطلق فريق العقارات في شمال أميركا منحة لهذا الهدف بالتحديد. قطاع العقارات ليس قطاع منح بتاتا. لكنهم فكروا بأنهم يملكون نحو 25 ألف وحدة سكنية في الولايات المتحدة، أو على علاقة مباشرة بحوالي 50 ألف شخص من المجتمع، ومعظم مستأجري هذه الوحدات السكنية من الطبقة العاملة، وصحيح انهم يعملون في وظائف ثابتة لكنهم قد يفيدون من يد مساعدة تمد اليهم أو إلى أولادهم، لتعلم مهارة جديد مثلا أو نيل شهادة في مهنة معينة أو حضور صفوف إضافية لنيل شهادة جامعية.

لم يكن العمل الجيد المقرون بالعمل المفيد مرتبطا يوما بالقطاع الخاص، لكن محمد العارضي يؤمن بأن ذلك أمر يمكن تغييره، ففي نهاية الأمر يؤمن بأن الشركات التي تؤمن خدمات افضل ومنتجات افضل ستكون مربحة، بمعنى أنها سترفع من معايير المجال الذي تعمل فيه بأسره. في «إنفستكورب» يسعون إلى حث الناس على صقل ممارساتهم التجارية وإعادة صقلها أكثر بعد. وكلما كبر حجمهم وصل صوتهم إلى أناس أكثر، وكلما ازداد نجاحهم زادت احتمالات أن تحذو الشركات الأخرى حذوهم، إلا أن هذا لن يحصل بين ليلة وضحاها، بل إنه جزء من رحلة طويلة.

سيرة المؤلف والتعريف به



محمد العارضي هو رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة إنفستكورب يقود نشاطات الشركة في شبكة مكاتبها حول العالم بين نيويورك ولندن وسويسرا والرياض والبحرين وأبوظبي والدوحة ومومباي وبكين وسنغافورة وطوكيو، في ظل إدارته والرؤية الجديدة التي قدمها، ارتفعت الأصول المدارة في الشركة في خلال 7 سنوات 5 أضعاف ما كانت عليه، لتبلغ اليوم 50 مليار دولار. كان طيارا حربيا في سنواته الأولى، ثم ترقى مهنيا حتى أصبح قائد سلاح الجو السلطاني العماني، وظل في منصبه مدة 10 سنوات.

بعد تقاعده من منصبه منحه السطان قابوس بن سعید وسام عُمان. حاز شهادة الإجازة بالعلوم العسكرية من كلية أركان القوات الجوية الملكية في براكنيل ببريطانيا، وشهادة الماجستير في العلاقات العامة من كلية جون ف. كينيدي للعلوم الحكومية بجامعة هارفارد. هو عضو في المجلس العالمي للاستشارات في معهد بروكينغز، وعضو في مجلس أمناء منحة أيزنهاور، وعضو في مجلس مستشاري عميد كلية كينيدي، بهارفارد، وعضو في مركز هارفارد للقيادة العامة، وعضو في منظمة المنتدى الاقتصادي العالمي للرؤساء التنفيذيين، وعضو في مجلس مركز ویلسون للاستشارات الدولية.

back to top