أما كفانا غماً؟ في الصميم

نشر في 05-02-2024
آخر تحديث 04-02-2024 | 19:46
 طلال عبدالكريم العرب

لا أحد يستطيع أن يزايد على مواقف الكويت القومية والإسلامية، وعلى رأسها موقف الكويت الرسمي والشعبي المبدئي والثابت من القضية الفلسطينية، فالكويت كانت تاريخياً ولا تزال هي السبّاقة إلى الانتصار لفلسطين في كل المحافل المحلية والعربية والدولية، نافست فيها دول المواجهة وحتى أصحاب القضية، وكأن تحرير فلسطين ملقى على عاتقها وحدها.

الكويت احتضنت وعلّمت مئات آلاف الفلسطينيين من دون منّة، ودَعَمَتْ بلا شعارات المقاومة، وشاركت في حربين ضد إسرائيل سقط فيهما شهداء روت دماؤهم الطاهرة أرض مصر، وقد يكون موقفها القومي المتشدد هذا هو أحد أسباب الغزو العراقي للكويت من أجل تحييدها، وقد نجحوا في ذلك لبرهة، وقد يكون أيضاً استهدافها من «داعش» مؤخراً سببه مواقفها الأخيرة المؤيدة للفلسطينيين والرافضة للتطبيع، فكان يجب إرهابها.

الكويت هي أول من فزع لفلسطين في 7/10/2023، ذلك اليوم الكارثي والمشؤوم، فبسببه سقط ولا يزال يسقط عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين، وشرّد مئات الآلاف من أهالي غزة الأبرياء العزّل، الكويت رسمياً وشعبياً سارعت بلا تردد إلى إغاثة ذلك الشعب المظلوم.

نحترم ونقدر شعور المنادين باستمرار العمل بقرار وقف مظاهر الاحتفالات في البلاد، ولكننا نقول أليس كافياً على الكويتيين ما مرّوا به من تفاعل حزين؟ هل حكم علينا أن نعيش مآسي غيرنا التي لا تنتهي؟ فهناك مآسٍ أكبر وأعظم وأشد وحشية ارتكبت ضد الشعوب العربية في اليمن، والعراق، وسورية، ولبنان، هذه الدول ابتليت بدمار مدن بأكملها، واستشهد فيها الملايين بسبب هويتهم أو طائفتهم، وهُجّر ورُحّل عشرات الملايين من ديارهم، وهم أيضاً عرب أشقاء لنا، ويدينون بنفس ديننا.

الشعب الكويتي حزن لمأساة أشقائنا الفلسطينيين، وقاطع من تبرع لإسرائيل، وامتنع عن الحفلات والمهرجانات، ويبدو أن هذا ليس كافياً عند البعض، إنهم يريدون للكويتيين المزيد والمزيد من الغم، إنهم يبتزونهم بمأساة غزة ويعاقبونهم لخطأ دموي كارثي لم يرتكبوه، فكل دول العالم تحتفل، كل العرب يحتفلون، حتى الإخوان الفلسطينيون احتفلوا بفوزهم في قطر، فلماذا فرض الحزن فرضاً على الكويتيين لوحدهم؟

يكفينا هماً، وليتركونا نندب حظ أمتنا العاثر التي ابتليت بأحزاب تدين بالولاء لغيرنا، إنها الأحزاب نفسها التي احتفلت باحتلال العراق للكويت، ورقصت طرباً على أجساد شهدائنا الأبرار، إنها من تسبب في كارثة 7/10/2023، وسيأتي يوم قريب تُكشَف فيه الحقيقة، ومن هم الذين استفادوا من تلك الكارثة.

حفظ الله بلدنا مما يدبر له، ورحم شهداءنا، وشهداء أمتنا الذين سقطوا ظلماً على يد بني جلدتهم، وعلى يد من ادّعوا أنهم مسلمون، فقد قتلوا ودمروا أكثر مما فعله العدو الإسرائيلي.

back to top