لماذا ينجح «العربي» في مجتمعات الغرب؟

نشر في 31-01-2024
آخر تحديث 30-01-2024 | 19:33
 حمزة عليان

لو لم يكن عالم الكيمياء المصري أحمد زويل يعيش ويعمل في مقاطعة لوس أنجلس ويدرس في إحدى جامعاتها المرموقة، لما برع في مجال الكيمياء ونال جائزة نوبل في هذا التخصص، ولو لم يذهب جراح القلب الدكتور مجدي يعقوب إلى بريطانيا ليعمل هناك عدة سنوات من عام 1962 ليكتسب شهرة عالمية في زراعة القلب لما حاز هذه المكانة على المستوى الطبي الدولي، ويعود إلى مصر محملاً بخبرة عريضة إلى بلاده، وينشئ مؤسسة مجدي يعقوب لعلاج أمراض القلب.

أسماء من أصول عربية لمعت ونجحت في «بلاد الغرب» لسبب بسيط هو أن البيئة الحاضنة لهم منحتهم تلك الفرص وحققوا فيها نجاحات مذهلة، لنعكس السؤال ونقول: لماذا لم ينجح هؤلاء وآخرون أمثالهم في بلادهم؟

ليس الموضوع تسجيل بطولات ولا هو من باب الاستعراض، بل هو واقع مرير تعيشه مجتمعاتنا لا تنبت فيه تلك النماذج، هي مجتمعات طاردة تدفع بهم إلى الخارج بحثاً عن الأمان النفسي والحافز العلمي وتقدير الكفاءات، فهذه الدول الغربية، أوجدت قيماً ومعايير من شأنها استقطاب الكفاءات أيا كان لون بشرتها أو دينها وجنسها.

كم طبيب ومهندس عربي نجح في كندا أو أستراليا! وكم أستاذ جامعي عربي تفوق على أقرانه في أعتى الجامعات بالعالم! ثمة أسماء لا يمكن تجاهلها أو ضرب المثل بها، لنذكر مثلاً الأب منجد الهاشم، لبناني الأصل، عينه الفاتيكان سفيراً له في الكويت وكان مثار التقدير والنجاح.

ندى اليافي، ثاني سفيرة فرنسية تعين في الكويت، من أصول لبنانية، تدرجت في عدة مناصب ومواقع في قصر الإليزيه واندمجت تماما في الحياة الفرنسية، اختيرت لتكون سفيرة راقية عملت بإتقان ومهنية عالية.

مدير الأمن الوطني في النمسا، ترقى في خدمته وهو من أصل أردني، ليشغل أهم منصب حساس في حياة الدولة والمجتمع، بعد أن أثبت جدارة وكفاءة وانتماء للبلد الذي عاش فيه.

أمين معلوف، اختير ليكون أول عربي يتولى رئاسة أعلى منصب بالأكاديمية الفرنسية، أعطى صورة حضارية للمواطن اللبناني في بلاد الاغتراب وقدم نموذجاً مثقفاً عالي المستوى، استحق أن يصل إلى هذا الكرسي، في بيئة رأت فيه عنصر أمان وثقة وعطاء.

عانينا من هجرة العقول العربية وما زالت بلداننا تنزف الكفاءات لتستقر في مجتمعات تستوعب القادم إليها ضمن آلية متفق عليها ونظام قيمي، المعيار فيه هو «المواطنة» بمعناها الشمولي الواسع، وأقرب مثال هجرة نحو 750 ألف لبناني.

كل يوم نسمع ونستمتع بقصة نجاح عربية في بلاد الغرب بعد أن خسرنا معركة الدخول في بناء مجتمعات صلبة تجتمع فيها عناصر الاستقرار والاندماج الحقيقي لمجموعات عرقية وقبلية ودينية متناحرة تسعى إلى الاستئثار بالسلطة والمال وعلى حساب بيئتها ومستقبل أبنائها.

back to top