خاص

الرواشدة لـ «الجريدة•»: انفراد جنوب إفريقيا بالشكوى ضد إسرائيل سيعطي للملف وزناً أكبر

أول سفير للبوسنة بالكويت وشاهد عيان على جرائم الحرب في المحاكم الدولية

نشر في 12-01-2024
آخر تحديث 11-01-2024 | 18:53
السفير الرواشدة والزميل حمزة عليان
السفير الرواشدة والزميل حمزة عليان
على وقع دعوة حكومة جنوب إفريقيا إلى المرافعة أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، لارتكابها جرائم حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني، برز اسم المحامي الأميركي فرانسيس بويل، الذي سيقود فريق الدفاع.
في هذه الأجواء التقت «الجريدة» السفير ياسين الرواشدة، أول سفير للبوسنة والهرسك في الكويت، وهو من أصول أردنية، وتربطه علاقة ومعرفة بالمحامي بويل، لأنه شاهد ومتابع لما جرى في تلك المحاكم بخصوص البوسنة والهرسك.
وأكد السفير الرواشدة، أن الظاهرة البارزة في حالة الشكوى ضد إسرائيل هي أن المشتكي دولة غير عربية، وهي جنوب إفريقيا، مما يعطي لهذه الشكوى خصوصية ووزناً معنوياً أكبر، لاسيما أنها دولة تخلصت من نظام التمييز العنصري، وتتصرف على الساحة الدولية بمسؤولية أخلاقية كبيرة.
وأضاف أن الشكوى ستشمل القتل العمد للصحافيين الذي وصل إلى مستوى غير مسبوق في الحروب حتى الآن، وهو اغتيال 70 صحافياً ومصوراً، مشدداً على أن اللجوء إلى «العدل الدولية» عبر المعايير وبالطرق المهنية الصحيحة يضمن سلامة وسلاسة التقاضي العادل.
وأوضح أن أفضل وسيلة في العالم المتحضر للوصول إلى الحق والعدل هي المحاكم الدولية، التي أثبتت حتى الآن قدراً عالياً من المصداقية والشفافية، مستطرداً أنه إذا لم تتحقق العدالة في جانب معين أو وُجِدت قرارات لا توصل للعدالة المطلوبة فإن السبب الرئيسي سيكون بالضرورة غياب الأدلة الدامغة والموثقة... وفيما يلي تفاصيل الحوار:

• في البداية، ماذا عن تاريخ المحاكم الدولية الخاصة بشأن جرائم الحروب؟

- هناك تجارب ناجحة في العصر الحاضر، فبالإضافة إلى المحاكم الدولية التقليدية الموجودة وعلى رأسها محكمة العدل الدولية «ICJ» وهي الأشهر والأهم والأقدم، والتي تشتمل على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، تم إنشاء محاكم خاصة بجرائم جرت في مناطق محددة كالمحكمة الدولية لجرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة «ICTY»، والتي انضم لاختصاصها لاحقاً جرائم الحرب في رواندا.

كما أنشأت الأمم المتحدة لاحقاً محكمة دولية خاصة بجرائم الحروب والصراعات اسمها المحكمة الدولية لجرائم الحرب، وهذه الأخيرة رفضت الولايات المتحدة وإسرائيل الانضمام إليها من دون دول العالم الأخرى، بحجة أن الولايات المتحدة تتمسك بمبدأ عدم السماح لمحاكم أجنبية بمحاكمة جنودها.

وكانت حرب البوسنة «مادة قانونية» نموذجية للجرائم المرتكبة المخالفة للقوانين والتشريعات الدولية ذات الصلة.

إسرائيل ستحاول إخفاء الأدلة وهنا يأتي دور المنظمات الدولية الموجودة على الأرض لتقديم معلوماتها

فقد جرت جرائم التصفيات العرقية، وهي القتل على أساس العرق والدين، كما ارتكب المعتدون الصرب والكروات جرائم تم توثيقها بوضوح بشأن القتل عن عمد وتخطيط ضد مجاميع بشرية لأنها من عرق ومن دين ومن جنس محدد، وهو الشرط الأساسي لوصف الجرائم بأنها تصفيات عرقية أي «Genocide».

الإبادة الثقافية

• وماذا عن مسمى حرب الإبادة الثقافية؟

- جرت خلال العدوان على البوسنة، والتي تتمثل في التدمير المتعمد لدور العبادة وللمكتبات والأوقاف والجامعات والمدارس مما يدخل في باب التصفيات الثقافية... اي culturicide أو الطابع الثقافي العمراني لأمة أو شعب معين وتدمير كيانه الروحي والثقافي والعمراني ويدخل في تصنيف Urbicidal.

وهذا كله حصل في البوسنة والهرسك وتعاطت معه المحاكم الدولية بمهنية عالية ودقة متناهية وتثبيت موثق ومحدد، وأخذ وقتاً طويلاً للتثبت والتحقق منه وجلب المسؤولين عن الجرائم إلى العدالة.

التقاضي العادل

• لماذا اختيار محكمة لاهاي؟

- لأن محكمة العدل الدولية بـ «لاهاي» هي التي تشمل مسؤوليتها جميع الدول بلا استثناء، فاللجوء إلى هذه المحكمة عبر المعايير بالطرق المهنية الصحيحة يضمن سلامة وسلاسة التقاضي العادل.

وبالطبع هناك اختلاف وفارق كبير بين ظروف ومعطيات المحاكمات بشأن جرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة أو محكمة العدل الدولية (شكوى البوسنة والهرسك ضد صربيا)، والتي لم يشترك المحامي فرانسيس بويل فيها ضمن فريق المشتكي البوسني، والذي يعتبر بعض المراقبين أن قرار المحكمة الضعيف نسبياً كان بسبب غيابه عن ساحة المنازلة القانونية في المحكمة.

إذا لم تتحقق العدالة فالسبب الرئيسي سيكون بالضرورة غياب الأدلة الدامغة والموثقة

وأفضل وسيلة في العالم المتحضر للوصول إلى الحق والعدل هي المحاكم الدولية، والتي أثبتت حتى الآن قدراً عالياً من المصداقية والشفافية، وإذا لم تتحقق العدالة في جانب معين أو وُجِدت قرارات لا توصل للعدالة المطلوبة فإن السبب الرئيسي سيكون بالضرورة غياب الأدلة الدامغة والموثقة.

إخفاء إسرائيل للأدلة

• ماذا بشأن الجرائم الإسرائيلية في غزة؟

- يلزم توفير معلومة موثقة تجيب عن الأسئلة التالية: من أصدر قرار قصف المواقع؟ ومن قام بالتنفيذ؟ وأين حصل التدمير أو القتل؟ وما عدد الإصابات؟ مع تقديم الشهود والوثائق التي تدعم ذلك، وما شابه.

وهذه معلومات ستحاول إسرائيل إخفاءها قدر الامكان، وهنا يأتي دور المنظمات الدولية الموجودة على الأرض لتقديم ما لديها من معلومات موثقة تدعم العدالة المطلوبة.

والظاهرة البارزة في حالة الشكوى ضد إسرائيل بانتهاك القانون الدولي عبر ارتكاب التصفيات العرقية والقتل الجماعي للمدنيين في غزة والظاهرة فيها أن المشتكي دولة غير عربية، وهي جنوب إفريقيا، يعطي لهذه الشكوى خصوصية ووزناً معنوياً أكبر.

الأمم المتحدة أنشأت محكمة دولية خاصة بجرائم الحرب رفضت إسرائيل وأميركا الانضمام إليها

كما أن الشكوى ستشمل القتل العمد للصحافيين، الذي وصل إلى مستوى غير مسبوق في الحروب حتى الآن، إذ بلغ عدد من تم اغتيالهم منهم 70 صحافياً ومصوراً.

إن الوزن المعنوي لدولة جنوب إفريقيا مهم، لأنها دولة تخلصت من نظام التمييز العنصري وتتصرف على الساحة الدولية بمسؤولية أخلاقية كبيرة مما يعطي للشكوى وزناً أكبر.

تظاهرات عالمية

• كيف تنظر إلى التغيير الذي طال الرأي العام في دول الغرب بصفة عامة؟

- إن التظاهرات الشعبية الأوسع في العالم والداعية إلى وقف الحرب وإدانة آلة القتل الجماعي الإسرائيلية تجعل دائرة الادانة لممارسات إسرائيل تتسع في العالم كله. وهناك ظاهرة مهمة في ردود الفعل التي تدين ممارسات إسرائيل وهو المشاركة الواسعة لليهود في هذه التظاهرات، سواء عبر شخصيات عامة أو منظمات دينية أو مدنية، والتي أكدت بوضوح أن الصهيونية التي تقود إسرائيل هي شيء، واليهود واليهودية شيء آخر، وهذا هو التعريف الصحيح لما يحدث، إذ لا يجوز اتهام دين أو أتباع دين معين بسبب ممارسات إجرامية لفئة مارقة من أتباع ذلك الدين.

حرب الإبادة الثقافية هدفها تدمير الطابع الثقافي العمراني ودور العبادة والجامعات

وهذا هو بالضبط ما كنا ندعو له، ونشدد عليه عند الحديث عن «داعش» و«القاعدة»، والتي يحاول البعض توصيف كل منهما أنها «إسلامية»، أو أن الإسلام مسؤول عن أفعال تلك المنظمات الإرهابية الشائنة.

back to top