في الصميم: ديموقراطيات بني يعرب فزعات

نشر في 29-11-2023
آخر تحديث 28-11-2023 | 19:17
 طلال عبدالكريم العرب

لا توجد ديموقراطية حقيقية في كل بلاد العرب، لا في جنوبه ولا شماله، لا في شرقه ولا غربه، ولا توجد حتى أحزاب وطنية حقيقية منتخبة، فالموجود إما حزب حكَمَ قسرا ولن يتنازل عن عرشه إلا بانقلاب دموي، أو ميليشيا عميلة فرضت نفسها بقوة السلاح القاهرة.

الديموقراطية في بلاد العرب عبارة عن فزعات، سواء كانت بنظام وراثي أو جمهوري، البلاد العربية كالعراق وسورية ولبنان واليمن الشمالي تُحكَم من أحزاب طائفية عميلة فرضت عليهم فرضا من إيران، ليس هناك بلد عربي ديموقراطي يعتد به، البرلمانات العربية فاشلة بمعنى الكلمة، حوّلها حيتان الفساد الى أدوات سرقة، أو عميلة للأجنبي، أو وسيلة مضمونة لديمومة السلطة.

الأمة العربية اختبرت الشورى في عهد الصدّيق والفاروق فقط، لم تمارس تاريخيا أيا من أنواع الديموقراطية، بل هي ليست مؤهلة أصلا لأي ممارسات ديموقراطية، ولن تمارسها بالطريقة الصحيحة ما دامت تهيمن على عقليتها النزعات القبلية أو الطائفية، أو التمسك بالسلط المطلقة.

الكل يصرخ حالما ومناديا بالديموقراطية والحريات السياسية، ولا يعلمون أن كل برلمانات بني يعرب قامت إعلاميا على هذا الادعاء، وأنها انتخبت بحرية ونزاهة، وأن مخرجاتها مثّلت كل أطياف ومشارب وتوجهات شعوب المنطقة كل منها على حدة، إنها ادعاءات لا تعكس الحقيقة والواقع.

فكل تلك البرلمانات، بلا استثناء، قد فشلت فشلا ذريعا ليس في تمثيلها لشعوبها فقط، لكنها سقطت سقوطا حرا، إن كان في دفعها الى التنمية أو في مكافحة الفساد، بل إن بعضها تحول الى أداة خيانة حقيقية، وما نراه هو انتخابات مخرجاتها تدل على محاصصات واصطفافات غير ديموقراطية أفرزت برلمانات منحرفة.

فالبرلمان اللبناني تحول أغلبية نوابه الى أدوات تدار من الخارج، إنها ديموقراطية طائفية مقيتة مفروضة على الشعب اللبناني العربي، فرضها حزب شيطاني عميل ودخيل على لبنان، أما ما يسمى الديموقراطية في العراق فحدّث ولا حرج، فالذي يدير شؤون العراق السياسية والمالية والعسكرية ليس العراقيون، والذي يختار ويعين الوزراء ورئيسهم هي إيران بمباركة أميركية.

الثقافة والتربية العربية لا تتقبلان تاريخيا الديموقراطية، إنها ثقافة ووسيلة حياة غربية، نجحت فقط في الغرب لأنها ارتبطت بقوانين صارمة تطبق على الجميع، فالكويت على سبيل المثال مارست الديموقراطية الحقيقية في بداياتها، لكنها مع مرور العقود تحولت معظم الانتخابات فيها عن مسارها الديموقراطي المرجو، سواء كانت انتخابات أمة أو بلدي، وحتى جمعيات تعاونية ورياضية وطلابية، وتلوثت مخرجاتها طائفيا وقبليا وحزبيا.

نقول من ينادي بقيام أحزاب، أو بطريقة ملتوية تؤدي إلى الحزبية فإن عليه أولا أن يلتفت حوله، وأن يزن الأمور بحكمة وتروٍّ، فمهما وُضعت من ضوابط وقوانين، ومهما فرضت من رقابة، ففي الناهية كل قبيلة ستكوِّن لها حزبا، وستتكاثر الأحزاب الطائفية كالسرطان، وستكون الكويت هي الخاسر، الكويت ستخسر كل شيء، ستخسر حتى وجودها.

back to top