محمد فايق يوثق لثورة يوليو 1952 وسجون السادات

• مذكرات أحد رموز عبدالناصر على مدى ستة عقود

نشر في 14-11-2023
آخر تحديث 14-11-2023 | 12:36
محمد فايق
محمد فايق

يدوِّن كتاب «مسيرة تحرُّر- مذكرات محمد فايق» أحداث المرحلة الناصرية، والتي منحت مصر مكانة محورية على الصعيد العالمي.

ويسرد محمد فايق مذكراته بهذا الكتاب، لا بوصفه شاهداً على الأحداث التي عرفتها مصر على مدى ستة عقود، بل بوصفه مشاركاً في تلك الأحداث وصانعاً لها، خصوصاً في ظل الحقبة الناصرية، التي كان أحد أبرز رموزها.

شملت المذكرات حقبة السجن في عهد الرئيس أنور السادات، والتي قضى فيها عشر سنوات من عُمره خلف القضبان، ثم مرحلة النضال من أجل حقوق الإنسان وقضاياه، وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، حالماً بنظام ديموقراطي فعلي وسليم يتجاوز حُكم الفرد، ويتيح الفرص أمام تداول السُّلطة واحترام الرأي الآخر.

في قلب إفريقيا

ورغم المناصب التي شغلها المناضل محمد فايق، والحقائب الوزارية التي تولاها في مصر أو المهام التي تم تكليفه بها من الأمم المتحدة، كأمين عام مساعد، أو في الاتحاد الإفريقي مفوضاً لحقوق الإنسان، فإن أكثر ما يعتز به في حياته العملية موضوعان، الأول ملف إفريقيا مع بداية ثورة يوليو 1952 والتي جعلته في قلب إفريقيا وحركات التحرر في عهد جمال عبدالناصر وإصداره كتاب «عبدالناصر والثورة الإفريقية»، والثاني قضية حقوق الإنسان بعد عشر سنوات من السجن، يطارده حلم كيف يصنع مستقبلاً لبلده بوجه أكثر إنسانية في نظام ديموقراطي سليم.

ويعترف بتأخره عن إنجاز كتابة مذكراته، لولا الإلحاح المتواصل من أولاده. شهرته الأوسع كانت توليه منصب وزير الإعلام في عهد عبدالناصر، ثم رحلته الأطول وعلاقاته بقادة ورجالات القارة الإفريقية، وتتويجه لرحلته في عالم السياسة، ونضاله في سبيل حقوق الإنسان، فهو من القلائل الذين تنوَّعت عطاءاتهم ما بين الكفاح المسلح على الصعيد الوطني والإفريقي، والعمل الإعلامي والدبلوماسية في مصر والحركة الحقوقية من أجل حقوق الإنسان في بلده والعالم العربي والإفريقي.


غلاف الإصدار غلاف الإصدار

عاش محمد فايق حياته، كما كتب عنه د. أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، بمنظومة أخلاقية رفيعة، فهو أحد رجالات عهد الزعيم جمال عبدالناصر، الذي اختاره ليكون إلى جانبه.

17 فصلاً ورواية تاريخية

كان الوحيد الذي رفض عرض الإفراج عنه بعد نصف المدة التي أمضاها في السجن، بشرط كتابة اعتذار للرئيس أنور السادات، وقال في حينه: «لو كتبت هذه الورقة، فإنني سأفقد نفسي إلى الأبد، أما إذا كتب الله لي أن أعيش، فسوف أخرج من السجن وأجد نفسي».

بعد دراسته الثانوية تقدَّم إلى الكلية الحربية، وخدم في الجيش المصري، وتدرَّج في عدة مواقع بالمؤسسة العسكرية.

مذكرات محمد فايق، رواية تاريخية للمرحلة الناصرية وما تلاها من أحداث وتطورات، أفرغ ما بجعبته من حكايات عاصرها وكان شاهداً عليها.

رفض الاعتذار عن جريمة لم يرتكبها فحفظ نفسه وكرامته

يجمع الكتاب سبعة عشر فصلاً، منها فصل خاص بحقوق الإنسان، وارتباطه بالمنظمة العربية لحقوق الإنسان منذ نشأتها، وما تبع ذلك من إنشاء المعهد العربي لحقوق الإنسان، وأهم الخصائص التي قامت عليها المنظمة، وهذا لم يكن ليحصل لولا قناعته بأن النضال من أجل الاحترام الكامل لحقوق الإنسان هو الطريق الذي يوصلنا إلى نظام حُكم ديموقراطي. والواقع أن تأسيسه للمنظمة العربية قاده إلى تعيينه مفوضاً لحقوق الإنسان في الاتحاد الإفريقي، وتأسيس الشبكة العربية لمؤسسات «الأمودسمان».

دار المستقبل

وعندما خرج من السجن في المرة الثانية، كان قد انتهى من تأسيس شركة دار المستقبل العربي للنشر والتوزيع، بهدف تقديم ثورة يوليو بصورة موضوعية، ونشر ما يلبِّي حاجة المواطن العربي إلى المعرفة والتوعية، وأهمية البُعد القومي، والقضية الفلسطينية، وغيرها.

عمل على توثيق كتابات مَنْ شاركوا في مسيرة ثورة يوليو 1952، وإقامة الندوات، والاتصال بدور النشر الفرنسية، وعقد اتفاقات معهم، وإصدار مجلتين، أوراق عربية وإفريقيا. اهتمت الدار بفن الكاريكاتير، والنشر، ومجال الاقتصاد، وإصدار موسوعة القرن العشرين.

10 أعوام في السجون

قصته مع السجن خصص لها فصلاً بعنوان «عشرة أعوام في سجون السادات» بدأها في مايو 1971 عندما وُضع تحت الإقامة الجبرية في منزله، ثم سجن أبوزعبل، وسجن القلعة، ثم السجن الحربي، وسجن ملحق مزرعة طرة، وفي السجن عمل على تدوين كتاب «عبدالناصر والثورة الإفريقية».

قضى عشر سنوات بالسجون انتهت في 15 مايو 1981، بعد صدور قرار من الرئيس السادات بالإفراج عنه، بعد أن رفض أن يعتذر عن جريمة لم يرتكبها، لكن في سبتمبر 1981 عادت الأجهزة الأمنية لتعتقله مرة ثانية، وتم الإفراج عنه على يد الرئيس حسني مبارك بعد ثلاثة أشهر من مكوثه في السجن، ليستعيد حريته ويخرج إلى الحياة العامة.

مذكرات محمد فايق صدرت عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت عام 2023، وتضمنت النشأة وانهيار الملكية، والمقاومة ضد الاحتلال البريطاني، ومقاومة العدوان الثلاثي، والسودان وتقرير المصير، والقاهرة قاعدة التحرر في إفريقيا، ووزيراً مع جمال عبدالناصر، ووكالة أنباء الشرق الأوسط، ورحيل عبدالناصر وتنصيب السادات، وأحداث 15 مايو 1971، وعشرة إعدامات في سجون السادات، ومن السجن إلى الحياة العامة، والانتقال إلى عهد جديد، ودار المستقبل العربي، وحقوق الإنسان والمجلس القومي لحقوق الٍإنسان.

back to top