حوكمة العقارات وتوثيقها... بين الشهر العقاري والسجل العيني (2 من 3)

دراسة تحليلية للقانون رقم 21/ 2019 بشأن التسجيل العيني (2 - 3)

نشر في 08-11-2022
آخر تحديث 07-11-2022 | 22:12
حوكمة العقارات
حوكمة العقارات
تنشر «الجريدة» قراءة تحليلية للدكتور بدر العتيبي في قانون رقم 21/ 2019 بشأن التسجيل العيني، عبر 3 حلقات، وفيما يلي الحلقة الثانية:
ثالثاً: قيد الدعاوى التي محلها حق عقاري

بالنسبة للحقوق المنظورة أمام القضاء، فقد أوجب المشرّع الكويتي تسجيل دعاوى ‏الاستحقاق والحقوق العقارية على هامش سجل المحررات واجبة التسجيل (م/11 ‏مكرر 1 مرسوم بقانون 5/ 1959)، فاذا كان المحرر الأصلي لم يسجل، ففي هذه ‏الحالة تسجل صحف تلك الدعاوى ابتداء (راجع المذكرة الإيضاحية للمرسوم ‏‏73/ 1979 المعدل للمرسوم بقانون 5/ 1959).‏

مما يعني أن الحجة التي يحصل عليها المدعي تنحصر في إطار المحرر الذي تم ‏تسجيل الدعوى على هامشه، وتجاه أطراف هذا المحرر والمشترين التاليين استناداً إلى ذات المحرر، أو في إطار التسجيل الجديد للدعوى ابتداء إذا لم يكن محرر البيع ‏مسجلاً.‏

ففي هذه الوضعية، لا يضمن المدعي أي حجة تجاه أي شخص آخر لديه محرر آخر ‏على ذات العقار لم تسجل الدعوى على هامشه، والسبب عدم وجود صحيفة ‏عقارية واحدة، حتى يتم تسجيل إشارة الدعوى عليها.‏
اقرأ أيضا


أما وفق السجل العيني، فلا توجد محررات متعددة، بل توجد صحيفة عقارية وحيدة ‏لكل عقار، يتم قيد إشارة الدعوى على هذه الصحيفة، ما يمنح صاحب الإشارة ‏حجة تجاه المالكين، وأي مشترين تاليين لتاريخ قيد الإشارة، مهما تنوعت التصرفات ‏والمحررات التالية لهذا التاريخ على ذات العقار، طالما كان صاحب إشارة الدعوى ‏حسن النية.‏

وهكذا، يضمن السجل العيني القيام بدراسة قانونية دقيقة على العقار من حيث ‏طبيعته ومواصفاته وحدوده، ومن حيث الحقوق القائمة عليه، أو حتى المحتملة التي ‏مازالت منظورة أمام القضاء.‏

وفي الواقع الكويتي، فإن قانون السجل العيني رقم 21/ 2019 يتضمن العديد من ‏القواعد القانونية التي تكفل الانتقال الواضح والدقيق من آلية الشهر العقاري إلى ‏السجل العيني، ابتداء بإعداد خرائط المساحة، وانتهاء بإصدار الصحيفة العقارية.‏

- حوكمة المرحلة العقارية الانتقالية... من اختيار الأقسام المساحية إلى الإعلان ‏النهائي عن الصحيفة العقارية

- منهجية المسح العقاري بين المخططات العامة والصحيفة التفصيلية

يعتبر المسح العقاري ورسم المخططات والمسطحات الرسمية من المهام الجوهرية ‏على الدولة، وهي تنقسم إلى المراحل التالية:‏

‏- مرحلة المسح العقاري العام: وهي المهمة الأساسية التي يقوم بها خبراء ‏لتحديد أبعاد ومواصفات العقارات على الإقليم السيادي للدولة بشكل عام، وبناءً ‏عليه يتم إصدار سجل عقاري عام فيه خرائط تحدد أبعاد العقارات، كالأراضي ‏الزراعية، والصناعية، والسكنية، وغيرها.‏

لكن هذه الخرائط قد لا تتضمن تفاصيل للعقارات المرسومة عليها، فنجد ‏العقارات التي لم تدخل مرحلة التحديد والتحرير التفصيلي بأبعاد عامة من دون الشقق ‏التي تحتويها مثلاً، أو من دون أقسام الأراضي الجزئية التي تفصل حقوق مالكيها على ‏سبيل المثال.‏

‏- مرحلة تحديد وتحرير المخططات العقارية التفصيلية: وهي المرحلة التي ‏ينتقل فيها عمل التوثيق العقاري من عملية المسح ورسم الخرائط العامة إلى مرحلة ‏التحديد والتحرير الدقيق لكل عقار بحد ذاته مهما كان صغيراً.‏

وفي نهاية هذه المرحلة تكون العقارات التي وصلت إلى مرحلة التحديد والتحرير ‏ذات أبعاد وأوصاف واضحة ودقيقة ضمن ما يسمى الصحيفة العقارية الخاصة بكل ‏عقار لوحده، كما يكون مقيداً على كل صحيفة، حقوق الملكية، وجميع التصرفات التي ‏جرت عليه، وحتى الحقوق المحتملة، كالدعاوى العقارية.‏

وقد اعتمد المشرّع على منهجية الصحيفة الموحدة لكل عقار بشكل عيني وفق ‏قانون السجل العقاري العيني رقم 21/ 2019 (م/1)، وليس لكل محرر شخصي كما ‏في مرسوم 5/ 1959، حيث نص المشرّع في قانون 2019 على أن يكون لكل عقار ‏صحيفة عقارية توضح مواصفاته ومالكيه، وجميع الحقوق العينية، وإشارات ‏الدعاوى التي عليه (م/2).‏

لكن الانتقال إلى هذه المنهجية كان يتطلب تحضيراً فنياً لخرائط العقارات ‏التفصيلية، وفق مراحل انتقالية متسلسلة كما سنرى.‏

المرحلة الانتقالية الأولى: اختيار الأقسام المساحية القابلة لتطبيق آلية ‏السجل العيني



لم يوضح قانون السجل العيني كيفية البدء بتحضير الأقسام المساحية واختيارها، ‏لذا فقد نصَّت اللائحة التنفيذية لهذا القانون على أن وزير العدل هو مَنْ يمتلك ‏صلاحية تحديد الأقسام المساحية التي يسري عليها السجل العيني (م/7 لائحة).‏

وهذا يعني أنه لا يمكن تطبيق قواعد السجل العيني على جميع عقارات الكويت ‏فوراً، والسبب أن هذا السجل يتطلب خرائط وكشوفاً تفصيلية تتضمَّن صحيفة ‏عقارية لكل عقار.‏

وبخصوص الأقسام المساحية التي يختارها الوزير لتطبيق السجل العيني، يكون ‏على بلدية الكويت إعداد الخرائط التفصيلية لمساحات الملكية وفق رسوماتها، ‏ومواقعها، وأرقامها (م/9 لائحة)، وهذا يعني أنه بإمكان الوزير اختيار مناطق مساحية ‏غير محددة ومحررة بشكل تفصيلي، حيث يتم تحديدها من البلدية وفق إجراءات ‏التحول نحو السجل العيني.‏

ومن ثم يصبح بإمكان إدارة السجل العيني إعداد سجلات تفصيلية للعقارات يمكن ‏العمل عليها لقيد بيانات الملكية والحقوق العينية عليها.‏

المرحلة الانتقالية الثانية: الإعلان والإخطار الرسمي

على اعتبار أن إدارة التسجيل العقاري في الكويت كانت تعمل بآلية الشهر العقاري ‏الشخصي، فلم تكن الخرائط هي أساس العمل الإداري لديها، بل المحررات التي ‏تمثل التصرفات الشخصية.‏

وحيث إن آلية العمل ستنتقل إلى الآلية العينية بالتركيز على العقارات ذاتها، فإنه يجب ‏أن يكون لدى السجل العيني أقسام مساحية تتضمن بيانات الملكية.‏





بناءً عليه، يجب أن يتم نقل المحررات الشخصية على العقارات من السجل ‏الشخصي إلى السجل العيني، أي تحول العقود الموثقة سابقاً في الشهر العقاري إلى ‏بيانات ملكية مقيدة على الصحيفة العقارية الخاصة بكل عقار.‏

لهذا، فقد أوجبت اللائحة التنفيذية لقانون السجل العيني إرسال الإعلانات التالية ‏لأصحاب الحقوق كما يلي:‏

‏الإعلان باختيار وزير العدل للقسم المساحي، حتى يتم تطبيق السجل العيني ‏عليه (م/7 لائحة)، وهو إعلان تقوم به إدارة التسجيل العقاري في صحيفة أو أكثر ‏من الصحف اليومية واسعة الانتشار مرة كل أسبوعين ولمدة شهرين متتاليين، على ‏أن يتضمن الإعلان رقم القرار الوزاري، والأقسام المساحية محل القرار، والمحررات ‏التي تصلح للقيد في السجل العيني.‏

‏الإعلان لطلب مستندات الملكية وسائر الحقوق العينية (م/8)، وهو إعلان ‏يتم بنفس طريقة الإعلان السابق قبل شهر من بدء العمل على الأقسام المساحية في ‏بلدية الكويت، وحتى انتهاء العمل، بقصد تنبيه المُلاك وأصحاب الحقوق، ودعوتهم ‏للإرشاد عن أملاكهم وتقديم مستنداتهم، ووضع جدول زمني لفحص مستندات ‏الملكية.‏

المرحلة الانتقالية الثالثة: تلقي طلبات القيد الأول على السجل العيني

يتم تلقي مكتب السجل العيني لطلبات القيد الأول على السجل العيني وفقاً لتاريخ ‏يحدده وزير العدل (م/4 قانون، م/11 لائحة)، بخصوص العقارات الداخلة ‏ضمن الأقسام المساحية التي حددها الوزير في قراره لتطبيق آلية السجل العيني ‏‏(م/5 لائحة).‏

بعدها يقوم مكتب السجل العيني بمراجعة طلبات القيد، وإجراء القيد بالسجل ‏العيني، وتحصيل الرسوم، وحفظ صور الصحائف العقارية، إضافة إلى إعداد فهارس ‏شخصية يمكن الرجوع إليها لمعرفة الأملاك الواقعة في ذمة أشخاص محددين ‏‏(م/6-5 لائحة).‏

ويجب أن يشتمل طلب قيد العقار على جميع البيانات الخاصة بصاحب الحق، ‏وتفاصيل العقار، ورقمه الدقيق على الخريطة التفصيلية المتاحة، وموضوع المحرر ‏المراد قيده (م/12 لائحة).‏

وخشية تعارض طلبات القيد وتنازع أصحابها، يتم قيد الطلبات بالساعة ‏والتاريخ (م/16 لائحة)، حيث إن الأفضلية للأسبق في تسجيل الطلب (م/27، ‏م/28 قانون)، فيما تحسم لجنة التظلمات التي يشكِّلها وزير العدل أي تظلمات من ‏أصحاب الشأن (م/8 قانون، م/49، م/50 لائحة).‏

فإذا كان طلب قيد المحرر بالسجل العيني مطابقاً في أوصاف العقار وحدوده ‏للبيانات المساحية التي أعدَّتها بلدية الكويت والجهات الحكومية، فيتم قيد الطلب ‏في السجل (م/17 لائحة).‏

أما إذا كان من شأن الطلب تعديل البيانات المساحية للعقار، فتقوم بلدية الكويت ‏بالمراجعة والمعاينة للعقار على الطبيعة، وإثبات حالته، ثم يتم قيد العقار في ‏السجل العيني (م/18 لائحة).‏

back to top