قصيدة: بحمدون

نشر في 03-07-2023
آخر تحديث 02-07-2023 | 18:13
 ندى يوسف الرفاعي

(بحمْدونُ) كانتْ مَجمَعَ الإخوانِ

مدنيَّةٌ قرويَّةٌ وتجارةٌ

وكوِجهةٍ عُرفتْ لأهلِ كويتنا

وقفتْ جوارَ شقائقٍ مزهوَّةً

طلَّتْ على الوادي القريبِ بهيجةً

في جوِّها للنفسِ طيبُ سعادةٍ

فتعاقبتْ أسفارُنا سنويةً

فيها الفنادقُ والمطاعمُ فخمةً

كرمُ الضيافةِ والحبورُ سماتُها

كانتْ شوارعُها كمثلِ (فريجنا)

فعلى المقاهي الزُّهرِ كان كبارُنا

صيفُ التراخي والمقاعدِ مَعلمٌ

في مُلتقًى للفكرِ والأدب الملوْ

وبها الملاعبُ والمراكزُ فسحةً

(فيلاتُها) وقصورها وبيوتها

في ضيعةٍ جبليةٍ بسفوحها

والطيرُ يعزفُ هائمًا ومحلقًا

والعشبُ والزهر المنوَّعُ فوقه

والتوتُ والتفاحُ والعنب الذي

والماءُ نشربهُ نقيًا باردًا

بفمِ الغديرِ العذبِ يجري ماؤُهُ

ومضى زمانُ السعدِ، والفرحُ انقضى

عهدُ الصبا ولَّى وغاب نسيمُهُ

بانتْ أحاديثُ المودةِ والنهى

لم يبقَ من أثرٍ جميلٍ بعده

غرزوا خناجرهم بظهرِ ربوعها

حقدٌ تنامى في القلوبِ، ونارُها

وقضتْ على أحلى المصايف والهنا

الياسَمينُ بكى عهودَ نضارةٍ

كبُرتْ جراحاتُ الحروبِ فيا لها

وتتالتِ الأحزانُ دونَ هوادةٍ

عهدُ المصائبِ والبلايا قد طغى

فتناثرتْ وسطَ القتالِ وشائجٌ

غابتْ عصافيرُ المحبةِ والمنى

الطائفيةُ أنشبتْ أظفارَها

في فتنةٍ عظمى تتالى مكرُها

أوكلما نهضتْ جهودُ تعايشٍ

لطَفَ المُغيثُ بها وصان بلادنا

صلى الإلهُ على الحبيبِ المصطفى

والآلِ آلِ البيتِ والقومِ الأُلى

كان الزمانُ وكان غيرُ زمانِ

ومحطةٌ، لجمالها وجهانِ

بسياحةٍ للأهلِ والخِلَّانِ

وتفاخرتْ بجمالِها الفتَّانِ

وتألقتْ حُسنًا مع الأغصانِ

بلطافةِ الأنسامِ والأفنانِ

في كلِّ صيفٍ قائظٍ حرَّانِ

نعم التنزهُ جلسةً للهاني

روَّادها في بهجةٍ وأمانِ

فهنا، هناك ملامحُ الجيرانِ

يتبادلونَ حديثَ كلِّ أوانِ

بأماكنٍ مزحومةِ الأركانِ

وَنِ، والسياسةُ سيرةُ الأعيانِ

لصغارنا وشبابنا الجذلانِ

تحكي جمالَ تناسق البنيانِ

ترعى هناك روائعُ القطعانِ

معزوفةً للحب في الأكوانِ

أسطورةٌ بتناسقِ الألوانِ

يأتي من الشجرِ المحيطِ الداني

أبريقهُ كاللؤلؤِ المزدانِ

نبعًا سخيًّا جلَّ مِنْ ريَّانِ!

صار النسيمُ العذبُ كالحيرانِ

وأتى زمانٌ مرعبٌ بدُخَانِ

وعلا ضجيجُ القتلِ والطغيانِ

إلا وجاءَ مخربو الأوطانِ

وتزايد الأشرارُ في لبنانِ

كم أحرقتْ ذكرى لسعدِ مكانِ!

وأدتْ زهورَ الوردِ والريحانِ

لم يبقَ غيرُ الشوكِ والديدانِ

من مؤلماتٍ في الزمانِ الثاني!

وتفجرَ الطغيانُ كالبركانِ

يرمي شظايا الظلمِ والعدوانِ

لنفائسٍ في القلبِ والوجدانِ

وأتت فلولُ البومِ والغربانِ

ومحتْ قرونَ تسامحٍ رحماني

دمويةٍ تغتالُ خيرَ معانِ

تتجدَّدُ الآلامُ وهي تعاني

ورعى الحفيظُ معالمَ البستانِ

والرحمةِ المُهداةِ للأكوانِ

صحِبوا النبيَّ بقوةٍ وأمانِ

back to top