في الصميم: من يصلح التعليم إذا المعلم فسد؟

نشر في 05-04-2023
آخر تحديث 04-04-2023 | 17:59
 طلال عبدالكريم العرب

قبل أن نستوعب صدمة الكشف عن شبكة إجرامية تورط فيها 26 معلماً، بعد أن قامت بتسريب معلومات عن عمد بمقابل مادي ليغش منها ما لا يقل عن 40 ألف طالب لهذه السنة فقط، نفاجأ بخبر أسوأ وأخطر منه بعد الإعلان في تقرير جديد عن اكتشاف طامة كبرى بتورط معلمين ورؤساء أقسام مرشحين لتقلّد مناصب إشرافية وإدارية مرموقة في مدارس التعليم العام، بعد أن قبض عليهم وهم يغشون في اختبارات الترقي.

فغش الطلبة ومعلميهم أوجد الفجوة التعليمية بين مخرجات التعليم المتردية في الكويت وبين دول الخليج المجاورة كبيرة، ليس هذا فقط ولكن هناك فجوات خطيرة أخرى أصابت المجتمع في أغلبه، وأدت الى الوضع السيئ الذي نعيشه، فقيام أولياء أمور لطلبة يساندهم بعض من نوائب الأمة في احتجاجات واعتصامات ضد ضبط الاختبارات ومنع الغش هو فساد سياسي وأخلاقي وتربوي مدمر، وهو مرض مجتمعي خطير نتائجه المدمرة بدأت تنكشف منذ سنوات، ولكن لا أحد يريد إصلاحها لأنهم هم المستفيدون منها وهم أحد مخرجاتها، وهي مخرجات بلا نزاهة ولا كفاءة، وهي التي تدير شؤون البلاد، وهي القدوة لمن يأتي من بعدها.

تقرير ذكر أن هناك اتفاقاً بين الطلبة مع غض بصر من المعلمين، أو بتحريض وتشجيع من بعضهم، الى جانب وإهمال كبير من الأسرة، وغياب المحاسبة والعقاب أدى إلى تحول الغياب الجماعي بين طلبة المدارس في السنوات الأخيرة إلى ظاهرة كارثية، وآخرها هذا الغياب شبه الجماعي الذي حصل في أول شهر رمضان الحالي، فقد خلت المدارس تقريباً من الطلبة.

نقول: العقوبات التي قيل عنها والتي اكتفت برسوب المعلمين الغشاشين في الاختبار، وحرمانهم من الترشح للوظائف التعليمية لمدة 3 سنوات، ليست بكافية ولا رادعة، فمن شبّ على شيء شاب عليه، هؤلاء يجب أن يمنعوا من دخول مدارس الكويت، يجب ألا يمارسوا التعليم إطلاقا، إنهم بذرة فاسدة زرعها من ربّاهم ورعاهم وتسبب في تسريبهم الى المجال التعليمي الذي دمروه.

فالعقوبات على الفاسدين ومن بيدهم أمر مصالح وحقوق العباد يجب أن تكون مغلّظة ومضاعفة، فلا تهاون ولا تساهل مع الفاسد من رجال الأمن والمعلمين والمهندسين والمفتشين والمراقبين ومن يحكمون بين الناس ومن في حكمهم، فضعف العقوبات أو في كثير من الأحيان العفو عنها هي السبب وراء الفساد والغش والتزوير المتفشي في البلاد وبين العباد.

«فمن يصلح الملح إذا الملح فسد؟»، و«من يصلح التعليم إذا المعلم فسد؟»، ومن يعاقب الطالب الغشاش إذا غش معلمه؟ ومن يعّلم أبناءنا إذا كان معلمهم قد غش؟

back to top