في الصميم: الكويت خارج الحسبة؟

نشر في 08-03-2023
آخر تحديث 07-03-2023 | 19:30
ما نراه أن منافسة الكويت الحقيقية هي في الجدل البيزنطي والصراع السياسي والمادي، والتنافس على كبت الحريات الشخصية مستخدمين سلاح الديموقراطية المجتزأة، فليس هناك منافسة على التنمية والتقدم والازدهار.
 طلال عبدالكريم العرب

أخبرنا صديق قام مؤخرا برحلة بحرية سياحية «كروز» مع إحدى الشركات السياحية المعروفة، بأن الشركة تعد العدة لترتيب رحلات «كروز» إلى كل دول الخليج العربي، ابتداء من المملكة العربية السعودية، مرورا بعمان ثم الإمارات وانتهاء بقطر والبحرين، ويقول: وعندما سألت وماذا عن الكويت؟ فكان الرد الصاعق بأن الكويت وإيران خارج الحسبة السياحية، لأنه ليس في الكويت ما تنافس عليه لجذب السياح، أما إيران فليس فيها ما يشعرهم بالأمان.

ونحن لا نلوم تلك الشركات ففعلا ليس في الكويت ما تنافس به دول الخليج الشقيقة، لا من ناحية الانفتاح ولا وسائل الترفيه الحديثة الراقية، ولا في الحريات الشخصية المفقودة بسبب بعض نوائب الأمة، فليس هناك متنفس حقيقي حتى لأهلها، فكيف بسيّاح يريدون إنفاق أموالهم على المتعة وقضاء أوقات جميلة.

ولا بد أن الجميع لاحظ مؤخرا أن الكويت أصبحت خارج الحسبة السياحية سواء لسكان الكويت الذين يقومون بهجرة جماعية سياحية عند أي إعلان عن عطلة، وما أكثرها من عطل، حتى يهربوا الى كل وجهات العالم بحثا عن الحرية والمتعة المفقودة في الكويت، فالمؤلم حقا أن الكويت التي كانت يوما ما وجهة سياحية ممتعة لكل مواطني الخليج لم تعد بجاذبة لهم.

فكل الدول الخليجية دخلت على خط الاستثمار السياحي ورصدت مليارات الدولات من أجل جذب المزيد من السياح إلا الكويت، فيبدو أنها مكتفية بمواردها النفطية المتذبذبة ومقتنعة بأن الهون أبرك، وتسير على مبدأ اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب.

***

كل التقارير والدراسات المحلية والعالمية أجمعت على أن الكويت تعيش منذ سنوات زمن النكوص والتقهقر، تقهقر ونكوص تعليمي وتنموي وحريات عامة، رغم وجود حوالي ثلاث عشرة جهة رقابية بما فيها مجلسا الأمة والبلدي، ورغم إجراء انتخابات في كل زاوية من زوايا الكويت يدّعى بأنها نزيهة وأنها تمثل كل مشارب الشعب، من جمعيات تعاونية وخيرية ونفع عام، وأندية رياضة، وحتى اتحادات طلابية، رغم كل ذلك فإن الفساد والتزوير والغش في كل شيء في ازدياد مذهل تحت سمع وبصر كل الحكومات والمجالس المنتخبة، الحالية والسابقة.

فلا نستغرب إذاً إذا أصبحت الكويت، خارج الحسبة والمنافسة في كل شيء بما فيها النزاهة والتعليم والتنمية، وأن توصف، ويا للأسف، بأنها رجل الخليج المريض، وهو وصف مخجل ومحزن، ولكن ماذا نقول وقد أتى هذا الوصف المقارن من جهات رقابية عالمية، ومن أهل البلد أنفسهم؟ حقيقة إننا نحس بغصة من ذلك الوصف المهين الذي بالتأكيد لم يأت من فراغ.

***

ذكر تقرير الشال أن الوضع الائتماني السيادي للكويت لا يزال عند المرتبة «-AA» مع نظرة مستقبلية مستقرة، ولكن قبل أن نفرح ونتفاءل فإن هذا التصنيف ليس بسبب عمل إصلاحي داخلي، ولكن للملاءة المالية، ولحجم مدخراتها الخارجية، أي أن هذا التصنيف أتى قياساً على متغير خارجي وهي أوضاع سوق النفط، وليس له أي علاقة بالإصلاح من الداخل، لأنه غائب في أحسن الأحوال.

ما نراه أن منافسة الكويت الحقيقية هي في الجدل البيزنطي والصراع السياسي والمادي، والتنافس على كبت الحريات الشخصية مستخدمين سلاح الديموقراطية المجتزأة، فليس هناك منافسة على التنمية والتقدم والازدهار.

back to top