في الصميم: ويتواصل تدمير الأمة

نشر في 08-02-2023
آخر تحديث 07-02-2023 | 19:51
ليس من الحكمة ولا من المصلحة العامة التشجيع على التخصصات السهلة التي تغص بها الوزارات والمؤسسات الحكومية بلا فائدة، ف «المكافآت» يجب أن توجه لذوي التخصصات الصعبة الطاردة كالفنية واليدوية.
 طلال عبدالكريم العرب

هذه الرسالة المكررة موجهة تحديداً إلى وزارة التربية واللجنة التعليمية في مجلس الأمة الكويتي، لعل وعسى أن يستمعوا إلى صوت العقل، فيقدموا مصلحة الكويت الوطنية البحتة على المصالح الانتخابية، والتراجع عن تدمير طالب العلم الكويتي، فالاعتراف بالخطأ فضيلة، فيكفي الكويت أخطاء مدمرة.

وليعذرني أبناؤنا الطلبة للمرة الثانية والثالثة، فلا بد هنا أن ننتقد ما هو ضد مصلحة الكويت ومصلحتهم، فمن المؤسف حقا أنه رغم الوضع المالي السيئ، ورغم تردي مستوى التعليم ومخرجاته، ورغم أن معظم تخصصات ومخرجات هؤلاء الطلبة لا تنفع كويت التنمية والمستقبل بشيء، ومع هذا فلجنة شؤون التعليم والثقافة والإرشاد البرلمانية، اقترحت ووافقت على زيادة ما يدعونها ب «المكافأة» الاجتماعية لطلبة الجامعات ومعاهد التعليم العالي، ورفعها من 200 إلى 300 دينار شهرياً، بحجة معاملتهم كمبعوثي الخارج رغم أنهم يعيشون في بلدهم وبين أهليهم، ما لم تكن النية منفعة من هم منتمون إلى بلد آخر غير الكويت، أما الاقتراح الآخر لتلك اللجنة فهو المطالبة بمنح الطالب الكويتي المتزوج المزيد من الأموال، وهذا خطأ فادح آخر، فهو أولاً يشجع على زواج الكويتي من غير الكويتية، كما أنه يشجع على التزوير في الزواج الصوري الذي استفحل هو الآخر بصورة وبائية.

فما سمي «المكافأة»، ما هو إلا تخريب مستقبلي لطالب خرج للتو من الثانوية العامة ليقبض من دون مسوغ مبالغ مالية كبيرة تأتيه من دون عمل ولا جهد ولا حتى على أداء دراسي نادر ومميز، «المكافأة» تقدم للمجد المجتهد المبدع، لطالب العلم الحقيقي الذي يدخل معترك الدراسة من باب التخصصات العلمية المفيدة والنادرة التي يحتاجها البلد، وليس لأي طالب كان، هذه المبالغ المالية الضارة ستفاقم وباء الغش والشهادات المضروبة، فالكل يريد دخول الجامعة بأي ثمن وبأي وسيلة، وفي أي تخصص سهل لا يمتّ للعلم بصلة من أجل المال لا العلم.

وقد تكون هذه «المكافأة» هي أحد أسباب استفحال الغش الذي أصبح لعنة على الكويت بسبب تلك المبالغ التي سيقبضونها في حال دخولهم الجامعات، فالغش هو أسوأ من الوباء، فقد خرّب ودمر منذ عقود البنية الوظيفية في الكويت، وأصبح الجسم الوظيفي في الكويت عبارة عن كيان هش، معرّض في معظمه الى التزوير والرشوة والتسيب.

نقول: ليس من الحكمة ولا من المصلحة العامة التشجيع على التخصصات السهلة التي تغص بها الوزارات والمؤسسات الحكومية بلا فائدة، «المكافآت» يجب أن توجه لذوي التخصصات الصعبة الطاردة كالفنية واليدوية، فكم نتمنى أن ينظر من بيديه رسم مستقبل الكويت أن يتقي الله فيها، فكفى مزايدات على حساب المصلحة العليا للبلد.

back to top