«مافيات» تستغل العُمَّال الغلابة والمساكين
عندما تضيق بك السُّبل وأنت داخل مستشفى حكومي للحصول على موعدٍ أو الدخول إلى طبيب، ما عليك إلا أن تبحث عن عامل نظافة أو خادم توصيل تدفع له المقسوم... تنتظر قليلاً، ثم يأتيك الفرج.
إذا توجهت إلى دائرة أو وزارة حكومية وكانت الأبواب مقفلة أمامك، فما عليك إلا أن تستعين بصديق، كما كان يفعل جورج قرداحي في برنامجه التلفزيوني الشهير.
ما إن تتوقف بسيارتك أمام إشارة مرور، وفي منطقة حساسة ومكتظة بالسيارات وحركة المرور، إلا وينتصب أمامك أحد عُمَّال النظافة، ومن ذوي البدلة الصفراء، وهو يكنس الشارع عشرات المرات ذهاباً وإياباً، وفي نفس المكان يقترب منك، لتمنحه شيئاً من الدعم ومما ملكت يداك.
إذا توسَّعت قليلاً، واستخدمت عدسةً أكبر، وألقيت الضوء على ما يحدث خلف الصورة، فإنك ستجد ما يمكن تسميته بـ «مافيات» تُدير أعمالاً في الخفاء تُدر عليها الملايين.
ومن داخل القفص الحديدي هناك ما يمكن تسميته «المتاجرة بالنفايات»، ولا تستخف بهذا التوصيف، فبعض أصحاب الضمائر الحيَّة يعرفون تماماً مَنْ يُسيطر على هذه المهنة، وكيف تُدار. وبالبحث والسؤال والتتبُّع يمكن الوصول إلى العقل الذي يُدير تلك الأعمال ويقف خلف الستار.
مواقف المدارس تُؤجَّر بـ «الخلو»، أي دفع مبالغ مقابل التنازل عنها لمَنْ يدفع أكثر (التأجير من الباطن).
تحكي لي سيدة تعرف مدرسة فيها عُمَّال مناولة يستقبلون الأطفال صباح كل يوم، أن هؤلاء وضعوا أيديهم على المكان، فهو يُدر عليهم الكثير من المال، ومعظم الآباء والأمهات يُشفقون على هؤلاء الغلابة، الذين لا يقصِّرون تجاه أولادهم وبرعايتهم للدخول إلى المدرسة... عليك بقية الحسبة.
ربما كانت الجمعيات التعاونية أكثر الأماكن وضوحاً، حيث ترى جيوشاً من عُمَّال المناولة يستميتون لخدمتك، مقابل أن تستعطف عليهم بالمال، لدرجة تشعر فيها بالحرج، فالبعض يرفض ربع الدينار، مثلاً، بل يطمع في أكثر، وإذا حاولت معرفة الوضع، فليس هناك مَنْ يُجيب، بل تستنتج أن القِصَّة محبوكة، وأن هناك مَنْ أعطاهم الضوء الأخضر لجباية المال.
حسناً فعلت الزميلة «الراي»، بنشر تحقيقٍ قبل شهر تقريباً بعنوان: «أتاوات عُمَّال المناولة». الظاهرة تتخطى التعاونيات والعُرف السائد في مواقع كثيرة، والمطلوب من العامل 3 إلى 7 دنانير يومياً عند بعض الشركات.
الظاهرة وصلت إلى النيابة العامة، بشأن التحقيق بفرض شركات عُمَّال المناولة «أتاوات» على العُمال في الجمعيات التعاونية، واستماعها إلى 115 عاملاً من المجني عليهم، واستجواب 48 منهم في 9 قضايا.
أمثلة عديدة، وليست خافية على أحد، والمسألة ببساطة أنها تُظهر الوجه الحقيقي الذي يقف وراء استغلال هؤلاء البشر الذين يبحثون عن لقمة عيشهم، حيث يتم توظيفهم بصورةٍ بشعة يصح أن يُطلق عليها «الاتجار بالبشر»، فكيف يجرؤ هذا العامل المسكين، والمغلوب على أمره، على أن يتصرَّف بتلك الطريقة، ما لم يوجد مَنْ يبتزه أو يُحرِّضه أو يدفعه إلى هذا السلوك، آملاً بتحسين وضعه المادي؟! ابحثوا عن المنتفعين، فغسل الأموال يمرُّ عبر أبوابٍ مغلقة.
ترميم مبنى «لوياك»... تبرُّع المرزوق
توضيحاً لما ورد في مقال «فارعة تُعيد لـ (عائشة) روح المكان دون تشويه» بتاريخ 22 الجاري، فالمتبرِّع لترميم مدرسة عائشة، وهي مقر «لوياك» الجديد، هو المرحوم جاسم المرزوق، الذي يُمثله الورثة، وهو ما اقتضى التنويه.