في الصميم: مسارات يجب إصلاحها
الكويت بدأت إصلاح عدة مسارات، أولها وأهمها مسار التعليم والارتقاء بمخرجاته إلى مصاف الدول المتقدمة علماً وتعليماً، أما المسار الثاني، الذي يجب أن يولى الاهتمام الأكبر، والذي يبدو أن تعديله قد بدأ فعلاً، فهو إجراء تحقيق شامل من قبل لجان مؤهلة ونزيهة عن كل شهادات الوظائف القيادية نزولاً إلى كل ما دونها.
فهناك عشرات الآلاف، إن لم يكونوا أكثر، من المزورين، ومن أصحاب الشهادات المزورة و«المضروبة»، هؤلاء ارتقوا إلى مراكز عليا وحساسة جداً لا يستحقونها، يهددون بها فعلياً أمن واستقرار وتقدم الوطن، بعد أن تغلغلوا في غفلة من الزمن، وعلى مدى السنوات الطويلة الماضية، في مفاصل الدولة وقطاعاتها ومؤسساتها كافة، فخربوها وعاثوا فيها فساداً.
القطاع النفطي هو مصدر الرزق الرئيسي للبلد، وهو أحد مفاصل الدولة التي مسها الضر والضرر الأكبر، بسبب قرارات وظيفية وإدارية ومالية أدت إلى ترهله وتقهقره، وتسببت في ارتفاع تكلفة إنتاج برميل النفط إلى مستويات فلكية، وتعديل مساره لن ينقذه، فهو بحاجة إلى إصلاح جذري، وإعادة هيكلة مالية وإدارية، ومنها تقليص أعداد الموظفين الهائلة، وتخفيض أعداد القياديين المتخم بهم القطاع النفطي من دون أي مسوغ، إلا أن يكون من أجل التنفيع وشراء الولاءات.
كانت تكلفة إنتاج برميل النفط بالكويت في سنة 1997 تقدر بنحو 1.3 دولار تقريباً، وكانت بين الأقل عالمياً، ثم ارتفعت الآن إلى حوالي 13 دولاراً تقريباً لأسباب عدة، منها زيادة الرواتب، وارتفاع تكاليف استخلاص المياه منه، والتي زادت كمياتها من الحقول القديمة، وكذلك التوسع في إنتاج النفوط الثقيلة التي تتطلب تكاليف تشغيل أعلى من النفط التقليدي، وهذا ارتفاع تكلفته مبررة.
ولكن ما يصعب تبريره هو الزيادات الفلكية في الرواتب وفي أعداد الموظفين، وفي تضخم أعداد القياديين، فعلى سبيل المثال، كان عدد موظفي شركة نفط الكويت في سنة 1997 حوالي 4700، أما الآن فهو حوالي 11700، هذه الأعداد الهائلة سببها قيام وزير نفط سابق، ولدواعٍ انتخابية بحتة، باتخاذ قرار فردي مع سكوت حكومي كارثي برفع الرواتب إلى مستويات أغرت كل طالب وظيفة بالبحث عن واسطة معتبرة تدخله جنة هذا القطاع.
كان متوسط إجمالي الراتب الشهري لموظف شركة نفط الكويت في سنة 1997 يتراوح بين 450 و750 ديناراً كويتياً، أما الآن فأصبحت الرواتب في المتوسط كالتالي: مهندس حديث 1500، أما الموظف العادي متوسط الخبرة فيحصل على 3500، والقيادي على حوالي 5000 دينار كويتي شهرياً.
كان يدير مجموعة عمليات الإنتاج والتصدير في كل حقول الكويت مدير واحد، أما الآن فهم حوالي 12، وأما الرتب الأدنى فحدّث ولا حرج. كانت عمليات الصيانة تقوم بها الشركة، أما الآن فمن المقاولين، كان من يقوم بالأعمال اليدوية كويتيين، الشرخ كبير والمخفي أعظم.
ملحوظة: الأرقام مذكورة حسب مصادرها.