وعد الكرامة

نشر في 12-12-2025
آخر تحديث 11-12-2025 | 19:21
هدى محمد كريمي *
 هدى كريمي

في العاشر من ديسمبر من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان، وهو مناسبة عالمية يسلط فيها الضوء على الكرامة الإنسانية وعلى الحقوق الأساسية التي لابد أن يتمتع بها كل فرد دون تمييز. وسبب الاحتفال يعود إلى عام 1948 حينما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو وثيقة تاريخية شكلت مرجعاً دولياً جامعاً لمبادئ العدالة والمساواة وحماية الحريات. وقد بات الاحتفال بهذا اليوم فرصة لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، وتقييم التحديات القائمة، وإبراز مسؤولية الدول والمؤسسات في صون تلك الحقوق وضمان الوصول العادل إليها، فاليوم العالمي لحقوق الإنسان ليس مجرد تاريخٍ في التقويم، إنما تذكيرٌ بإنسانيتنا، ودعوةٌ للتعاطف، ووعدٌ بألا ينتهك حق لأي فرد. وشعار هذا العام هو «حقوق الإنسان ركيزة كرامتنا في الحياة اليومية».

يعدّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أول وثيقة دولية شاملة تُقر بحقوق متساوية لجميع البشر، وقد تضمّن ثلاثين مادة تحدد منظومة متكاملة من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ومن أهم هذه الحقوق الحق في الحياة والأمان الشخصي، الذي يشكل الأساس لكل الحقوق الأخرى. كما أكد الإعلان على حق الإنسان في الحرية والكرامة ورفض جميع أشكال التعذيب والمعاملة القاسية أو المهينة. وشمل أيضاً حق المساواة أمام القانون دون أي تمييز قائم على الدين أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الرأي أو الأصل.

ومع ذلك، وبعيداً عن التاريخ والنصوص القانونية والتشريعية، لا ننسى أن يوم حقوق الإنسان يتضمن قصة طفلٍ يحلم بالتعليم، والأمان، والركض بحريةٍ دون شبح المجهول. إنها قصة أم تسعى للعدالة، وعامل يطالب بالإنصاف، وشخص من ذوي الإعاقة يُناضل من أجل الاندماج والتمكين، وصوتٌ يرفض الصمت. حقوق الإنسان عبارة عن دفء المنزل، وأمان المجتمع، والحق في المعاملة باحترام.

إن إحياء هذا اليوم ليس مجرد احتفال رمزي، بل هو دعوة متجددة لتعزيز العمل المؤسسي والحقوقي، وتذكير للمجتمعات والدول بضرورة تنفيذ التزاماتها الدولية، وتطوير التشريعات الوطنية، وترسيخ الآليات التي تكفل إنصاف أصحاب الشكاوى. كما يشكل مناسبة لرفع الوعي المجتمعي، وإشراك الشباب في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، وتأكيد أن الكرامة الإنسانية ليست امتيازاً يُمنح، إنما حق أصيل لا يجوز المساس به.

وهنا يجب أن نعي أن كل فعل طيب، كل كلمة تعالج جرحاً، كل لحظة نختار فيها العدالة على الصمت تُعزز العالم الذي نطمح إلى بنائه. يدعونا اليوم العالمي لحقوق الإنسان إلى تجديد التزامنا: بالوقوف إلى جانب الضعفاء، والتصدي للتمييز، وبناء مجتمعات لا تُعتبر فيها الكرامة امتيازًا، بل حقاً مكتسباً.

ختاماً، دعونا نواصل وعد الإنسانية: عالم تُحترم فيه الحقوق، وتُسمع فيه الأصوات، ويتمتع فيه كل إنسان بحرية العيش بكرامة وسلام.

 

back to top