في الصميم: قندهاريو الكويت

نشر في 09-12-2025
آخر تحديث 08-12-2025 | 19:02
 طلال عبدالكريم العرب

يبدو أن تأثير قندهاريي الكويت لا يزال يسيطر ويخيم على عقلية البعض حتى بعد غلق منابر المجموعات الظلامية التي سيطرت منها على الحياة السياسية والاجتماعية لعدة عقود، استطاعت من خلالها إجبار الحكومات السابقة على الانصياع لمعتقداتها وتقاليدها المستوردة.

الشاعر والأديب د. خليفة الوقيان كتب بتاريخ 3/12/ 2025، في جريدة «الجريدة»، قصيدة عنوانها «من طالبان إلى الشقيقة الكويت»، كان عنواناً ذا مغزى شد إليه انتباه الكثيرين وأثار به الشجون، واعتبروه جرس إنذار وتذكيراً بأن الكويت لا تزال تحت تأثير العقلية القندهارية.

قصيدة الدكتور الوقيان ذكرتني بما سبق أن كتبته عن العقلية المتزمتة التي جعلت من الكويت قندهار العرب، فما يحصل في الكويت منذ سنوات لا يبشر أبداً بخير، بعد أن حرّمت جماعات التقهقر الاجتماعي والانغلاق الفكري والترفيهي على أهل الكويت كل شيء تقريباً، فارضة عليهم حتى ماذا يقرأون.

الغريب أن الحكومات السابقة، ومن أجل مصالحها السياسية البحتة، استسلمت لهم بطريقة أثّرت على النفسية العامة، مما دفع معظم الكويتيين إلى الهروب الجماعي من البلد متى ما حانت لهم فرص العطلات والإجازات، وما أكثرها، لينفقوا مئات ملايينهم على ما حرموا منه من فرح ومتعة بدلاً من ضخها في بلدهم.

إنه حقاً لأمر غريب وممل، فكل دول العالم، وكل دول الإسلام، وكل دول الخليج تزداد انفتاحاً إلا الكويت، وضعها الاجتماعي يتقهقر، ويزداد كبت حريات شخصية لا تتناسب مع الوعي والانفتاح الكويتي قديماً وحاضراً، وهذه حقيقة تدعو إلى الاستغراب، وكأن الكويت تسيّر من أناس ليس لهم أي ارتباط مع كويت الخمسينيات والستينيات وحتى السبعينيات.

كان على الحكومات المتعاقبة أن تفطن إلى أمر في غاية الخطورة والغرابة، فقد صاحب التشدد الاجتماعي، والكبت على المواطنين بحجة الأعراف والعادات والتقاليد، التي لم تكن موجودة أصلاً، انتشار المخدرات بشكل وبائي، وتهريب الممنوعات وبيعها بأضعاف أضعاف أسعارها لتصب في جيوب المهربين ومموليهم، وزادت السرقات والتزوير ونهب المال العام، وتكشّفت الفضائح والسرقات والرشا لبعض المتشددين المتسترين تحت عباءة الفضيلة.

وكمثال على تغلغل القندهاريين حتى في لعب الأطفال، فقد حصل قبل مدة أن أحضرت لعبة تعليمية لحفيداتي، وكانت صدمة عندما رأيت ماذا فعلوا بها، فعلى العلبة صورة تعليمية لطفلة لم تتجاوز الرابعة من عمرها وبجانبها أمها، فتدخل أحدهم وغطى صدر الطفلة بالحبر الأسود، أما الأم ومع أنها ليست عارية وملابسها عادية، إلا أن صاحبنا ولفرط حرصه على الأخلاق والتقاليد، فقد أدى واجبه القندهاري بحبره الأسود ليغطي به ذراعها.

حتى التماثيل حُرّم إقامتها في الكويت، فما عيب التماثيل التاريخية؟ لماذا لا تقام في الكويت تماثيل تخلد أمراء الكويت، وتخلّد علماء وقادة عرباً فتحوا المشارق والمغارب لتذكر أحفادهم بتاريخهم المجيد، حالنا كحال دول الخليج الأخرى؟ فهل هناك من يزايد عليهم تديناً وإيماناً؟ كلهم يقيمون الاحتفالات الترفيهية، وكلها زادت من انفتاحها، وقندهاريونا يعترضون حتى على إنشاء مركز جابر الأحمد الثقافي.

back to top