«من نافدة الغرفة»...يروي محطات مفصلية في تاريخ البحرين الاقتصادي

نشر في 05-12-2025
آخر تحديث 04-12-2025 | 18:52
الكتاب
الكتاب
«من نافذة الغرفة»... كتاب يروي فصولاً من تاريخ غرفة التجارة في البحرين، فالرواة هنا: أحد أعضاء مجلس الإدارة ووزير سابق، هو عبدالنبي الشعلة، والكاتب الصحافي غسان الشهابي، والباحث خالد المرباطي.
أطل الكتاب على القارئ البحريني والكويتي من خلال نافذة مفتوحة على السوق التجاري، والتجار، وحراكهم الاقتصادي، فقد وجد المؤلف نفسه أسيراً لعنوان كتاب «في نافذة السفارة» للكاتب نجدة صفوة، وإن كانت كتب أخرى استحدثت «النافذة»، مثل كتاب «من نافذة الأمريكاني» لزبيدة أشكناني.
غرفة التجارة في البحرين من أقدم غرف التجارة في الخليج العربي، وهي مؤسسة مدنية عريقة أُسست عام 1910، ولها أدوار ومساهمات في الاقتصاد الوطني، تمتد صلة أعضائها ومؤسسيها إلى مرحلة الانتداب البريطاني وتواصلهم بالتجارة مع الهند.

الكتاب تناول انعكاسات الحرب العراقية - الإيرانية على البحرين وآثار «حرب الناقلات»


مرحلة زاخرة بالأحداث
مرحلة عبدالنبي الشعلة امتدت من عام 1983 إلى 1995، وهي مرحلة زاخرة بالأحداث الصعبة، من الحرب العراقية - الإيرانية، وما جلبته إلى المنطقة من صعوبات، إلى «حرب الناقلات»، وتهاوي سوق المناخ في الكويت، وانعكاس ذلك على أوضاع التجار البحرينيين، كما كانت أسعار النفط في أدنى مستوياتها، وصولاً إلى غزو العراق عام 1990، والشهور المريرة الخطيرة التي دامت فيها الكويت تحت الاحتلال.
الكتاب يغطي مساحة زمنية تمتد إلى 12 عاماً، وهو سجل نابض يوثّق حقبة مهمة من الإنجازات الاقتصادية التي أحرزتها المملكة، ويسلّط الضوء على محطات مفصلية في مسيرة الغرفة.
أفرد الكتاب مجموعة عناوين مفصلة بالشأن الكويتي فترة الغزو عام 1990، وتحت عنوان «زمن الوجوم»، وكيف كان وقع الاحتلال على البحرين، التي عاشت أياماً عصيبة من جراء ذلك، وكيف انعكس الحدث على الاقتصاد البحريني، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكانت غرفة التجارة في حالة استنفار وتقديم التسهيلات للتجار الكويتيين، ودعم الشرعية الكويتية.

قراءة السعدون
وعن «قراءة جاسم السعدون»، والبحث الذي قدّمه بغرفة تجارة البحرين في أكتوبر 1990 وانعكاس الغزو على الاقتصاد، أوضح المسألة على الشكل التالي:
استبعد تضرر دول مجلس التعاون جراء الغزو، لكونها «أحادية مصدر الدخل»، كما يصفها، «إذ تعتمد في صادراتها على النفط، والنفط هو أحد أسباب الأزمة، وأسعاره تأثرت إيجابياً بشدة تبعاً لها».
وأن دول مجلس التعاون لديها القدرة على تعويض إنتاج الكويت والعراق، وهما معاً ينتجان أربعة ملايين برميل من النفط يومياً، وقد رفعت السعودية والإمارات وعُمان بالفعل طاقتها الإنتاجية بحوالي 2.5 مليون برميل يومياً، لتعويض النقص في سوق النفط العالمي، ليرتفع إنتاجها إلى 10.3 ملايين برميل نفط يومياً، أي زاد بمقدار الثلث. 
ولو جرى الافتراض أن يُراوح سعر البرميل بين 30 و35 دولاراً للبرميل، فإن دخل الدول الخليجية الخمس سيرتفع من حوالي 45 مليار دولار سنوياً إلى ما بين 110 إلى 135 ملياراً سنوياً، لارتفاع سعر البرميل وزيادة الإنتاج، أي أن الدخل الشهري للدول الخليجية النفطية (ما عدا الكويت) سيرتفع من 3.75 إلى 10.2 مليارات دولار.
ويستطرد السعدون: «ورغم أن دول التعاون لم تدخل حرباً بعد، ولم تتعرّض لسرقة أو تدمير، فإن الأرقام السالفة لا تمثّل استفادة صافية، فهذه الدول سوف تصرف جزءاً كبيراً من تلك الزيادة في زيادة نفقاتها العسكرية، والمزيد من شراء الأسلحة، وتمويل تكاليف القوات المتعددة الجنسيات، وتعويض الدول المتضررة، أو دفع ضريبة لمستهلكي النفط. كما أنّ هناك ضرراً غير مباشر ناشئاً عن الشعور العام بعدم الأمان بعد تجربة الكويت، مما يؤدي إلى نزوح رؤوس الأموال، والتردد في استثمار فائض الإيرادات التي تترتب على زيادة الإيرادات النفطية، وهذا يخلق حالة انكماشية يصعُب تفسيرها من الناحية الاقتصادية، لكنها حالة تخفت بمرور الوقت، وإعادة الحسابات بعد استيعاب وتحسُّن الوضع الدفاعي للصدمة».

قراءة جاسم السعدون عن الغزو العراقي وامتداداته أوضحت تأثيره على اقتصادات مجلس التعاون

ويمضي السعدون في رسم انعكاسات الأزمة اقتصادياً على مجلس التعاون، بقوله: «حتى لو تحقق سيناريو المواجهة، فإن زمن الخطر الحقيقي على دول التعاون أصبح جانبياً بوجود هذا الحشد الهائل من القوى العسكرية، والذي يقول فيه الرئيس غورباتشوف إنه أكثر بكثير من الحاجة. لذلك تلاشت احتمالات غزوها (دول التعاون)، وضعفت كثيراً احتمالات تدمير بناها التحتية، ومنشآتها النفطية، وستكون وقتية إن حدث بعض الضرر، رغم تهديدات القيادة العراقية، والتي يبدو أنها تصريحات لرفع الروح المعنوية، ولا يسندها واقع عسكري أو فني. 
لذلك أعتقد - والكلام لجاسم السعدون - أن المواجهة لن تكون على أرض دول «التعاون»، سوى في حدودها الدنيا، وأن القيادة العراقية لن تتّجه إلى ساحة أخرى للمعركة. وربما أرسلت بضعة صواريخ إلى إسرائيل، حتى لو سقطت في الأردن أو الضفة الغربية، وذلك لتحريك الشارع العربي، لتخفيف حجم الأخطار السياسية عن تلك القيادة، علماً بأن ذلك لن يهزم إسرائيل، ولن يحرر فلسطين، ولن يحمي الانتفاضة، بل يخلق فرصة لمزيد من التدمير والانتكاس لما تقدّم».
كانت غرفة التجارة في البحرين تتابع، عن كثب، تطورات الحرب، ودقّ طبولها، وتساؤلات إن كان الخطر قد زال أم لا؟
وربطاً بماذا يريد الشارع التجاري، وانعكاس ذلك على قطاعات الدولة؛ المصرفي، والتأمين، والحركة التعاونية، وسلوك المستهلك، وصولاً إلى إعادة البناء، ورؤية عبدالنبي الشعلة، بأن «أزمة» الخليج خلقت زخماً غير طبيعي، وكان قطاع كبير من الشركات الأميركية وكأنه يكتشف منطقة الخليج لأول مرة في حياته... وحول كلفة إعادة إعمار الكويت ينقل عن مساعد وكيل وزارة التجارة الأميركية أن الرقم الأكثر واقعية يتراوح بين 30 و50 مليار دولار.

أزمة المناخ أوجدت 13 شركة
استعرض الكتاب «أزمة المناخ» في الكويت، وآثارها الاقتصادية والاجتماعية على البحرين، وبادرت غرفة التجارة لعقد ندوات حول واقع سوق الأسهم، وبروز الشركات المساهمة المعفاة، أو التي يطلق عليها الشركات الخليجية، حيث شهدت البحرين تأسيس عدد من الشركات في هذا النوع، حتى وصل خلال السنوات الخمس من 79 حتى 83 إلى 13 شركة مساهمة معفاة، بلغت قيمة رأسمالها عند التأسيس حوالي 438 مليون دينار بحريني، ارتفعت إلى 588 مليوناً.

 

back to top