الزجاجة والرسالة (3)

نشر في 14-11-2025
آخر تحديث 13-11-2025 | 21:10
 سليمان البسام

 وردتني رسالة من «كاف»، وهو شاب كويتي يدرس الطب في إحدى الجامعات الغربية، يقترح فيها أن أكتب عن الكويت التي أحلم، الكويت التي أريد، قائلاً إن «الجيل الشاب - أو الكويتيون الجدد إن صح التعبير- يتطلعون للإرشاد الإيجابي من أمثالك». وإليكم ردي على الرسالة:

 عزيزي «كاف»،

سألتني عن الكويت التي أحلم بها، أشكرك على السؤال، وإليك إجابتي:

أتمنى أن أعيش في كويتٍ ينتصر فيها الممكن على المستحيل،

كويتٍ تعلو فيها العدالة، ويقف القانون على مسافة واحدة من الجميع،

كويتٍ لا تمزقها الطائفية ولا الطبقية ولا العرقية،

ولا يُصنّف فيها المواطن كبضاعة لها تاريخ إنتاج وانتهاء صلاحية،

ولا يتهرب فيها الناس من القانون، بل يرونه ملاذهم.

 ***

كويتٍ لا يتصدر فيها الفاسد المشهد،

ولا يصبح فيها التنفيع منهجا،

كويتٍ لا تكون فيها المناصب جوائز ترضية،

ولا تُدار فيها الوزارات كأنها ديوانيات،

ولا يكون فيها القانون «مزاج» موظف.

 ***

كويتٍ تسخّر مواردها لبناء مشروع وطني طموح،

لا لتخدير الناس ولا لتنمية مواهب التنبلة والاتكالية.

كويتٍ إن زاد فيها الخير، عمَّ،

وإن نقص، اجتمع أهلها لمواجهة الشدائد.

*** 

كويتٍ تقصد هواءها الطيور المهاجرة،

وتلوذ الأسماك بجونها.

كويتٍ ترحب بالغريب قبل القريب،

وتضمن قوانينها كرامة من جاءها ساعياً لرزقه،

لا أنظمة تروج لعلاقة السيّد والعبد.

***

كويتٍ لا يُهان فيها صاحب مشروع واعد لأنه اجتهد،

ولا يُطارد فيها مبدع لأنه نطق،

ولا يُحاصر فيها مثقف لكتابته جملة غير مريحة.

 ***

كويتٍ يستطيع فيها الفنان أن يرفع رأسه،

لا يمشي تحت الساس خوفاً من «تعليمات».

ينحت فيها النحات ولا تبقى منحوتاته حبيسة السراديب،

يُنتج فيها المسرح ولا تُسدل ستارة العرض قبل أن يبدأ،

كويتٍ تقام فيها الفعاليات المرخصة ولا تُلغى.

  ***

كويتٍ يتعلم فيها الطالب منذ نعومة أظفاره أن بلده لم تكن يوماً صحراء قاحلة،

بل أنجبت على مدى قرون قوائم لا تنتهي من شعراء وفنانين وموسيقيين،

أسماء صنعت ذاكرة، لا شعارات فارغة.

 هكذا أتمناها لك ولجيلك، والله الموفق.

صديقك «كاف»

رقم بؤبؤ العين KAF 2720601

  طويت رسالتي في زجاجة ووضعتها أمامك يا قارئي لترميها على المد.. والمعنى في قلب الزجاجة.

******

* كاتب ومخرج مسرحي

back to top