في الصميم: الصين التي أذهلت العالم

نشر في 04-11-2025
آخر تحديث 03-11-2025 | 18:47
 طلال عبدالكريم العرب

الصين أذهلت العالم، وجذبت أنظاره أمام هذا التطور الثابت والسريع في كل شيء، حتى إننا لم نعد نلاحق ولا نستوعب ما تخترعه يومياً، الصين تحولت في فترة زمنية قصيرة من مقلّد إلى مبتكر.

التحول التنموي الهائل الذي شهدته الصين في 1978 تم على يد شخص واحد هو الزعيم دينج شياو بينج، صاحب النظرية «الدينجية»، التي حملت في طياتها مجموعة من الأفكار والسياسات طور بها الصين عبر إصلاحات اقتصادية وسياسية من دون المساس بالأساسيات الماركسية اللينينية وفكر ماو تسي تونغ، ومن دون التخلي عن قيادة الحزب الشيوعي الصيني، ففتح الصين أمام العالم، متبنياً مبدأ «دولة واحدة بنظامين مختلفين»، كما هو معمول به اليوم في «هونغ كونغ»، و«ماكاو».​

الصين تحولت في فترة زمنية قصيرة في مقياس الأمم من اقتصاد زراعي متخلف إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وإلى أكبر دولة صناعية وتجارية، هذا التطور الهائل لم يأتِ من فراغ، بل أتى بإرادة وعزيمة قائد لدولة شيوعية كانت متخلفة، ليحولها إلى مشارك رئيسي في نمو الاقتصاد العالمي.

سر النجاح الصيني كمن في العزم والهمة والإرادة السياسية، إلى جانب الرؤية المستقبلية المنفتحة والمتطورة، مع وجود خطط طويلة وقصيرة المدى نفذها فريق مركزي مؤهل وفاعل ومتمكن، مع السماح بإقامة مشروعات خاصة بالأفراد، وتشجيع القطاع السياحي، وإعادة هيكلة قطاعات الإنتاج، والتركيز على التعليم والابتكار، والبحث العلمي مما أوجد قاعدة تقنية صينية قوية.

النهضة العلمية والتنموية الهائلة في الصين قفزت بصادراتها من 10 مليارات دولار في سنة 1978 إلى نحو 4.3 تريليونات دولار حالياً، مما جعلها أكبر دولة مصدرة في العالم، الصين تحولت خلال تلك الفترة إلى «ورشة للعالم الصناعي والتقنية الحديثة»، موفرة بذلك ملايين فرص العمل لشعبها، إنها نهضة تعتبر اليوم انموذجاً للتنمية السريعة القائمة على الإصلاح والتفوق العلمي والإداري.

التوجه الكويتي للاستعانة بالمارد القادم بقوة من الشرق أمر محمود ومطلوب، فالصين معروفة بسرعة إنجازها للمشاريع الضخمة وبتكلفتها الأرخص، ولكن ماذا عن أميركا التي لا يزال العالم يعيش عصرها، ولا يزال واقعاً تحت هيمنتها الهائلة في كل المجالات، السياسية، والعسكرية، والعلمية، والطبية، والتكنولوجية، وحتى الفنية والثقافية؟ ماذا عن أميركا التي لا تزال تمتلك مفاتيح القوة والتحريض في منطقتنا العربية، وتستطيع تحريك من تريد ضد من لا تريد، وحماية من تريد ضد من لا تريد؟

***

تنويه: هناك من ينكر أن إسرائيل لم تقم بما قامت به من دون ذرائع، أو لنقل من دون أعذار وأسباب قدمت وتقدم لها على أطباق من ذهب لترتكب بها جرائمها غير عابئة لا بحكم محكمة جنائية ولا بمظاهرات صاخبة تجوب شوارع الشرق والغرب، إسرائيل دولة مجرمة لم تتورع يوماً عن ارتكاب جرائمها لأتفه الأسباب، فلا تعطوها هذه الفرصة طالما العالم أجمع يحمي وجودها، ولكن لنأمل أنه يوماً ما عندما تتوفر لنا نحن أسباب القوة نكون نحن من يبحث عن الذرائع لنحرر بها كل أراضينا المحتلة، بلا استثناء.

back to top