في الصميم: سدّوا الذرائع بوجه إسرائيل
سدّوا الذرائع بوجه إسرائيل، فكل المآسي والحروب والهزائم سببها ذرائع قدمت لإسرائيل التي كانت تنتظرها، وقد تكون هي مَن خطط لها أو أوحى بها. إسرائيل ليست وحدها، إسرائيل معها معظم حكومات العالم وأولاها أميركا، فلا تغتروا ولا تأملوا خيراً من وراء المظاهرات المساندة لفلسطين والمنددة بالجرائم الإسرائيلية، وتأكدوا أنه ما إن يُهدّد وجود الكيان الصهيوني فسترون أن الجميع واقف في صفه.
ما سُمي عملية «طوفان الأقصى» كانت هي الذريعة التي أدت إلى الكارثة التي أودت بغزة وأهلها إلى التهلكة، ما فعله حسن نصرالله عندما أتته أوامر بفتح جبهة وحدة الساحات كانت هي الذريعة لاحتلال أراضٍ لبنانية حرة، وقُتل مَن قُتل ودُمّر الجنوب اللبناني وهُجّر مئات الآلاف من أهله، ولكن الحزب لا يزال مُصرّاً على رفع راية النصر وعناده بعدم تخليه عن سلاحه الإيراني، وسيكون ذريعة جديدة تقدم لإسرائيل لاحتلال كل الجنوب.
الذرائع التي تمنتها إسرائيل كثيرة ومتنوعة وكلها تحققت لها، ومنها قيام الحزب الموالي لإيران في سنة 2006 باختطاف جنود إسرائيليين، فكانت ذريعة لإسرائيل للقيام بتدمير متعمد للبنية اللبنانية، وهزيمة نكراء للحزب، الذي أطلق عليها النصر الإلهي، أما أحد أعظم الذرائع الكارثية التي أدت إلى هزيمة 1967 النكراء فهي قيام جمال عبدالناصر بغلق مضيق تيران، وبالتالي غلق ميناء العقبة الإسرائيلي أمام الشحن البحري، فكانت ذريعة وفرصة وأمنية لن تفوّتها إسرائيل المسنودة من أميركا والغرب، وكانت النتيجة احتلال كل سيناء وغلق قناة السويس، واحتلال كل الضفة الغربية، واحتلال كل القدس، واحتلال كل الجولان، وبعد كل ما حصل سُميت تلك الهزيمة ب «النكسة». الحسنة الوحيدة لكل ما حدث من «بلاوي» هي قيام جمال عبدالناصر بتقديم استقالته عن رئاسة مصر، ولكنها رُفضت في حينها، فهل أخطأ جمال عبدالناصر ولم تخطئ «حماس»؟
***
هناك ثقافة غريبة مهيمنة على عقلية مَن لا يقتنعون بوجهة النظر المغايرة لوجهة نظرهم، فمنهم من يُحوّرون الكلم عن مواضعه ويتقولون بما لم يُقلْ، وهو أمر مُحير، لا يستقيم والعقل السليم، ومنهم مَن يفسّر ما قيل بطريقة معاكسة ومغالطة، إنها ثقافة «أنت لست معي إذاً أنت مع عدوي».
إنها مشكلة حقيقية، فأنا شخصياً لست مقتنعاً بما يفعله حزب الإخوان باستغلال العواطف الدينية للعامة من أجل منافع سياسية، ولكن أقرب الناس لي يتهمني ظلماً بأنني ضد الإسلام وضد الدعاة، وهو أعلم الناس بالتزامي بالدين وأركانه.
وهناك إشكالية أخرى، فهناك إرهاب فكري يُمارَس ضد مَن يعارض ويُجرّم ما قامت به «حماس»، فيُتهم بأنه مؤيد لما قام به نتنياهو من جرائم ضد غزة وأهلها، وهناك من يَتّهِم كلَّ معارض للنظام الإيراني بشتى التهم.
ونحن هنا نسأل، ما الفرق بين زيارة أنور السادات لإسرائيل التي تحتل أراضي عربية، وبين زيارة محمد مرسي وقادة «حماس» لإيران التي تحتل ثلاث جزر إماراتية، فضلاً عن تدخلها في دول عربية؟