ريستارت للحياة: قلب جديد لحياة جديدة

نشر في 24-10-2025
آخر تحديث 23-10-2025 | 19:46
 أميرة الحسن

في رحاب «ريستارت للحياة» هذا الأسبوع، نتوجه بالنداء إلى أعمق نقطة في كياننا: القلب.

تلك المضغة التي تحمَّلت ما لا يُطاق من خيبات ووعودٍ كاذبة. كلٌّ منا يُخبئ في زاوية من روحه قصة ألم عن ثقة أُسيء إليها، أو خذلان من قريب. 

حان الوقت لنُعلن حالة الطوارئ الإيجابية، ونضغط زر «ريستارت لقلبك»، لا لمحو الذاكرة، بل لتصفية ما يعوق انطلاقتنا نحو الحاضر. ففي الذاكرة تتشابك خيوط الوداع والخيانات، وتترك كل صدمةٍ ندبةً في «برنامج القلب»، لكن إعادة التشغيل ليست نسياناً، بل هي وعي جديد يبدل استجابتنا للماضي، ويدفعنا للمُضي بثقةٍ واتزان. فالإصرار على البقاء عند نقطة الانكسار خيانة لفرص الشفاء والتحليق التي لا تكف الحياة عن منحها لمن يجرؤ على البدء من جديد.

كثيرون عالقون في سجن «الألم» ينتظرون اعتذاراً لن يداوي وجعاً، فيستنزفون طاقاتهم في انتظار عقيم. ننسى أن نُعالج جراحنا، وننشغل بتفسير الأذى، بدل التعافي منه. نلاحق مَنْ آذانا، بحثاً عن سبب لما لا يُفسر. نرفض تصديق أن بعض الأفعال بلا منطق، وأن الشفاء لا يأتي من الفهم، بل من القبول والمُضي قُدماً. فالشجاعة الحقيقية هي مداواة النفس، وتحويل الوجع إلى بصيرة تفتح الطريق نحو حياة أكثر اتزاناً ونُضجاً.

وتكمن الحقيقة الأعمق في أن التحرُّر من «رهينة السعادة الخارجية» هو بداية الشفاء الحقيقي. كم أوهمنا أنفسنا بأن سعادتنا بيد الآخرين! هذا الارتباط يجعلنا أسرى مزاجهم، ويُفقدنا توازننا. فالسعادة الحقيقية تنبع من الداخل، من إعلان الاكتفاء الذاتي الروحي والنفسي. 

أنت، أيها القارئ، مصدر إشعاع حياتك، فامنح نفسك السعادة والتقدير، قبل أن تنتظرهما من أحد. هذه ليست أنانية، بل وعي ومسؤولية تجاه ذاتك، التي أمرنا الله بصيانتها، والتوكل عليه من دون التعلُّق بالبشر.

مفتاح العبور من الأطلال إلى الإشراق هو التحرُّر من قيود العُمر وتوقعات المجتمع. 

لا تُصغ لمن يقول إن «الفرصة فاتت»، فالعُمر الحقيقي يُقاس بما تفعله الآن. في الأربعين يمكنك أن تبدأ من جديد، وفي الستين يمكنك أن تُحيي حلمك المؤجل. 

«ريستارت» يعني أن تُعيد توجيه بوصلتك نحو احتياجاتك الحقيقية، أن تتصالح مع ذاتك بصدق، وتُحيي ما خمد فيك من طاقة، وتمنح نفسك شجاعة البدء من جديد مهما تغيَّرت الظروف.

إن إعادة تشغيل القلب تُشبه استيقاظ الربيع بعد شتاءٍ طويل، لحظة تقرر فيها أن تتنفس من جديد، وتسمح للضوء بالدخول إلى زوايا روحك المعتمة. إنها رحلة تبدأ بالتصالح مع ذاتك، ورعاية نفسك بمغفرة ماضيك، والاهتمام بما يُنيرك، لا بما أطفأك. فالسعادة لا يمنحها أحد، إنها زهرة تنبت من داخلك حين تختار أن تبدأ. وعندها فقط، تُصبح مصدر إلهام وعطاء، تنشر الحياة من حولك بالحضور، لا بالكلام، وتحوِّل الخسارات إلى دروس، والماضي إلى حِكمة. 

إنها اللحظة المناسبة لإصدار نسخة محدَّثة منك: أكثر وعياً، وأكثر رحمة، وأكثر قُدرة على الحُب من دون خوف من النهايات.

فلنضغط هذا الأسبوع زر «ريستارت»... ليس لنعود إلى الوراء، بل لنُعيد تشغيل قلوبنا على تردد الحياة، لنمنحها فرصة للحُب والأمل، ولنبدأ من جديد. فالحياة أجمل حين نعيشها بقلوبٍ متجددة، ونختار أن نكون أبطال قصتنا، لا ضحاياها.

* إعلامية بحرينية  

back to top