التوثيق وفن التقسيم الثلاثي (2)
إن حديثنا عن مسألة «صناعة المعلومات» هو لب المسألة ذاتها، من خلال التأمل في مسألة التفسير العلمي، لذلك فإن النتائج المرجوة في كل مرحلة من مراحل صناعة المعلومات هي تلك التي تتمثل على نحو محطاتها الثلاث كما ذكرناها وهي: «الجمع والتحقيق والتحليل»، حيث يأتي المنطق الثلاثي من خلالها ليسيطر بقوة في العمل داخل كل مرحلة، فالمرحلة الأولى كما ذكرناها ألا وهي مرحلة «الجمع»، إنما نجد في فحواها مسألة تشابه وتكامل طرفين دون الطرف الثالث وهو الطرف المحكم الذي يسيطر عليهما كما ذكرنا، فعلى سبيل المثال فإن إشارة المرور جاءت على نحو ثلاثة ألوان أيضاً، فالحمراء تتوقف والخضراء تنطلق، حيث شكلتا بوجودهما قوة الأمر والنهي نحو التنظيم المروري، ثم تأتي بعد ذلك الإشارة الصفراء حكماً ومنظماً فيما بينهما، وقس على هذا المنطق جميع الأمثلة نحو التقاسيم الثلاثية.
أما المرحلة الثانية، وهي مرحلة «التحقيق»، فإننا نجد من خلالها بعض الآليات التي تخدم التحقيق في منطقها الثلاثي، وهو ما جاء متأثراً بشكل مباشر في منطق التدريج، أي التدريج المعلوماتي، فإن أردت التعرف والفحص لأي معلومة فإنك حتماً سوف تنظر إلى مسألة التدريج فيها، فتبحث عن الفكرة الصغيرة في محتواها، والتي بالتدريج حتماً نجدها تتحول إلى حجم الوسط، فإذا ما كبرت تصبح فكرة كبيرة، ذلك إذا ما بانت ونضجت، وقس على ذلك أيضاً فإن الأفكار البعيدة تتم معالجتها فتتطور لتكون في المنتصف ومن ثم تتطور لتكون قريبة، وهكذا فإنك من خلال دراسة جانب التدريج لأي معلومة فإنك سوف تصل إلى حقيقتها، ومن ثم تأتي مسالة «تحليل» وتفسير المعلومات، وهي قائمة بشكل جيد على منطق التزاوج المعلوماتي، فكل معلومتين إذا ما تم دمجهما من المؤكد ستصل إلى ولادة معلومة جديدة، وهي معلومة تظهر بطرح جديد أو ربما كشفت عن أمور تطرح لأول مرة جراء هذا المنطق التحليلي القائم على دمج المعلومات، حيث سرعان ما يتم تفسير المعلومة حينما نجد المعلومة قد بدت أكثر وضوحاً جراء هذا التحليل. جميل جداً أن نتعامل مع المعلومات بهذه الحرفية نحو فهم عملية التوثيق، وذلك لنقوم باختزال كم كبير منها، من خلال بوتقة عنوانية صغيرة تجمع كماً كبيراً من المعلومات في محتواها، فنكون بذلك قد قمنا بالحفاظ عليها خدمة للعلم والعلماء على نحو كل العلوم والمجالات العلمية الأخرى.