التوثيق وفن التقسيم الثلاثي (1)
التقسيم الثلاثي هو قصة جميلة لا تنتهي في منطق الإنسان المثقف وعالمه في الفكر المتسلسل نحو التوثيق والتصنيف والفرز المعلوماتي، والذي دائماً ما كان من هذا الإنسان أن يرتب أفكاره لولا حبه في اللجوء لتقسيم معلوماته وأدواته إلى ثلاثة أقسام، حيث أصبحت دليلاً واضحاً في أنه قد حبب إليه هذا الأمر، حيث يرتاح ذهنياً وحسياً إذا ما أراد القيام نحو تأسيس منظومة معلوماتية ثلاثية، فتجده في الغالب وليس في جميع أمره أنه يستعين بأدوات التقسيم الثلاثي المعلوماتي، وذلك في تقسيم الكثير من المعلومات نحو المنطق الفارض لهذا الطلب.
لقد قسّم الإنسان طعامه إلى ثلاث وجبات في اليوم والليلة، ومنها قد قسم أدواته إلى ثلاث أيضاً هي: الشوكة والملعقة والسكين، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يأكل الطعام بثلاثة أصابع، كما أن طبقات البشر قد قسمها الفلاسفة إلى ثلاثة أقسام أيضاً، هم: طبقة غنية، ووسطى، وفقيرة، وأما أنواع السلطات فقد تم تقسيمها إلى ثلاثة أقسام أيضاً هي: السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، والسلطة التشريعية، حتى اللغة العربية قد قسّمها العلماء إلى ثلاثة أقسام هي: الفعل والاسم والحرف، كما أن الألوان الأساسية التي ينتج منها كافة الألوان هي: الأحمر، والأصفر، والأزرق، فضلاً عن وسائل المواصلات الثلاثية المتخذة من (الجو والبر والبحر) طريقاً يسلكه الإنسان بآلاتها الميكانيكية والكهربائية المتخذة من الكهرباء ثلاثة أسلاك أيضاً هي: الأرضي والسالب والموجب، وعلى نحو ذلك فهناك الكثير من الأمثلة ما لا تحصى في هذا الشأن، وكأن الإنسان قد أراد من خلال هذا المنطق أن يصنع من تلك الأطراف المعلوماتية الثلاث لتكون متماسكة نحو اتحاد معلوماتي متماسك، ليجعل كل طرف من تلك الأطراف الثلاثة أن يقوم بدوره ووظيفته.
إن مسألة (التقسيم المعلوماتي) تجر الباحث والدارس في التفكير والاستفادة من هذا التقسيم الثلاثي نحو مسألة التوثيق والكتابة، لذلك كانت المعلومات تمر بثلاث مراحل: أولاها (الجمع) أي جمع المعلومات، حيث تتطور هذه المرحلة إلى مرحلة أعلى، وهي المرحلة الثانية (التحقيق)، ومن ثم تتطور إلى مرحلة ثالثة وهي مرحلة (التحليل) أو التفسير، وبعدها تكون المعلومات جاهزة نحو عرضها شفهياً أو كتابياً أو ربما مرئياً. ومن خلال مراحل تكوين المعلومات نجد هنا أيضاً أنه قد تم استخدام التقسيم الثلاثي المتضمن في فحواه الدورة الفكرية نحو مراحل إعداد المعلومات وصناعتها.
